عبر معارضون عراقيون عن قلقهم من مرحلة ما بعد تحرير الفلوجة، متسائلين: ما الذي نقاتل من أجله، بعد ما اعتبروه ترديا للأوضاع السياسية التي وصلت إلى مرحلة العجز الكامل، حيث لم يتمكن رئيس الوزراء أو البرلمان أو حتى التكتلات السياسية من تشكيل رؤية مشتركة هناك.
وفيما أعلنت قيادة العمليات المشتركة في بغداد، أن لديها خططا وممرات آمنة لإجلاء السكان في الفلوجة، مؤكدة على لسان متحدثها الرسمي العميد يحيى رسول، أن الأمر الأول والأهم هو الحفاظ على أرواح المدنيين في المدينة، تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 50 ألف مدني لا يزالون تحت الحصار هناك، يعانون الأمرين بين مطرقة «داعش» وسندان الحشد الشعبي، وهو الأمر الذي أوجد ردود فعل واسعة لدى معارضين عراقيين.
وفي وقت سابق، حذر الأمين العام لتجمع القوى الرافضة للتدخل الإيراني عبد الرزاق الشمري، من تعرض الفلوجة لنفس سيناريو التدمير الذي وقع في محافظتي ديالى وصلاح الدين.
وأضاف الشمري، أن المليشيات التي تشارك في عملية الهجوم على مدينة الفلوجة ترفع شعارات طائفية.
وقبل إعلان انطلاق معركة «كسر الإرهاب» لاستعادة الفلوجة، طلب الجيش العراقي من الأهالي الاستعداد لمغادرة المدينة عبر طرق مؤمنة سيعلن عنها لاحقا، على أن ترفع العائلات التي لا تستطيع الخروج من المدينة رايات بيضاء في مكان وجودها، وتمكنت عشرات العائلات من سكان الفلوجة من الفرار، بينما تبقى عشرات الآلاف تحت الحصار.
وكان الجيش العراقي، قال إن معركة استعادة الفلوجة ستكون بمشاركة جهاز مكافحة الإرهاب والجيش، والأفواج الخاصة، وطوارئ شرطة الأنبار والحشد العشائري، كما ستلقى دعما بغطاء صاروخي وقصف جوي عراقي ومن التحالف الدولي.
ويخشى أهالى المدينة المحاصرون منذ أشهر تعرضهم لـ«عمليات إبادة»، وفق معارضين عراقيين.
وقال عضو المكتب التنفيذي بالمجلس السياسي العام لثوار العراق الدكتور محمود مسافر، إن «ما يجري الآن في الفلوجة هو عملية إبادة بشرية من قبَل الميليشيات الحكومية التي جعلت أهاليالمدينة بين سندان داعش ومطرقة الميليشيات».
وأضاف، أن «أهالى الفلوجة لا يستطيعون الخروج من المدينة بسبب داعش، ومن يخرج يتعرض للقتل والسجن»، مشيرًا إلى أن «عمليات القصف التي تحدث في الفلوجة جريمة يعاقب عليها القانون الدولي».
واعتبر المعارض العراقي، أن «العملية الحالية هي انتقام من أهالي الفلوجة بتآمر أمريكي إيراني وبتعاون مع الميليشيات الطائفية، نكاية وتنكيلا بأهالي المدينة الذين صمدوا في مواجهة الأمريكان وقاوموا وطردوهم من المدينة».
يأتي ذلك، بينما أكد المتحدث باسم التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، ستيف وارن، أن القوات الأمنية العراقية حشدت عناصرها التي ستشارك في معارك استعادة السيطرة على الفلوجة، مشيراً إلى أن مشاركة قوات التحالف ستقتصر على توفير الدعم الجوي إضافة إلى الاستشارة والتدريب دون أي تدخل على الأرض.
من جهته، قال فيصل استرابادي، النائب السابق لممثل العراق الدائم في الأمم المتحدة، إن الجميع يقوم بالتركيزعلى العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات العراقية في الفلوجة، دون الالتفات إلى ما سيكون بعد استعادة المدينة.
وأضاف استرابادي، وهو بروفيسور حاليا بجامعة إنديانا الأمريكية، «لا أحد منا يعير انتباها كافيا لما سيحل بعد أو اليوم الثاني من تحرير الفلوجة، وكيف سيكون النظام السياسي هناك بعد ذلك؟ هذا الموضوع المهم والخطير لم يلقَ اهتماما كافيا، وفي غياب أي توضيح بهذا الشأن ما نقوم به هو أننا نعقد المعركة ضد داعش».
وتابع، «في اللحظة التي تقوم بها الحكومة الفيدرالية في بغداد بفرض سيطرتها، إلا أن الأوضاع في العاصمة وصلت لطريق مسدود وعجز سياسي كامل، حيث لم يتمكن رئيس الوزراء أو البرلمان أو حتى التكتلات السياسية من تشكيل رؤية سياسية مشتركة».
وأضاف، «دون هذه الرؤية السياسية المشتركة ودون توضيحات للعامة عما نقاتل في سبيله، الجميع يعلم أننا ضد داعش، ولكن ما الذي نقاتل من أجله؟، وفي غياب هذه الرؤية فإني أرى أننا نقوم بربط إحدى اليدين خلف الظهر خلال قتال داعش».
