جراء كورونا.. إيطاليا الحزينة تدق المسمار الأخير في نعش الاتحاد الأوروبي

لم تبك إيطاليا طوال تاريخها الحديث وربما بالعصور الوسطى، كما الآن مع أزمة فيروس “كورونا”، ووقوع البلاد فريسة سهلة أمام الوباء الذي يفتك بالبلاد، رغم أنها ضمن أفضل المنظومات الصحية في الاتحاد الأوروبي، لكنها حققت أرقاما قياسية تصدرت دول العالم في الإصابات والوفيات، وفاقت الصين أساس الوباء.

عداد الوفيات يتجاوز 10 آلاف 

بات بشكل واضح أن إيطاليا التي سجلت مع بداية مساء السبت 10 الآف متوفى جراء الفيروس، المسمار الأخير في نعش الاتحاد الأوروبي الذي كان مثالا يحتذى به في العالم، في ظل مواجهة أزمات كادت تعصف بالقارة، مثل بريكست، اللاجئين، مواجهة الإرهاب، بعد أن وجدت روما تخلي حلفائها عنها في أزمة “كورونا”، وأضحى الأمر أقرب إلى “تسول” الكمامات والقفازات والأدوات الصحية من أصدقائها، لا سيما فرنسا، وألمانيا.

عربات الجيش تنقل جثامين المتوفين بوباء كورونا في ايطاليا

وإيطاليا هي أحد الأركان الأربعة الأهم التي يقوم عليها الاتحاد، وهي الأركان التي أصبحت ثلاثة فقط، مع ألمانيا، وفرنسا، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يعني الخروج الإيطالي من منطقة اليورو، في إطار ما فضحته أزمة “كورونا” من ضياع لغة التلاحم والدعم والمساعدة المتبادلة، ليصبح الاتحاد الأوروبي على طريق التفكك السريع وغير القابل للمسكنات من أجل بقائه.

المعايرة

ما شعر به الشعب الإيطالي من تخل أوروبي، يظهر روح السيناريو القادم، القائم على إعلاء كل دولة مصلحتها وعدم الاعتراف بفكرة الاتحاد، وهذا ما وضح جليا في مقطع فيديو بات متداولا مع كل إيطالي غاضب من الهروب الأوروبي من تحمل المسؤولية في الدعم المتبادل، وهو الفيديو الذي تحول إلى لسان حال الإيطاليين، بتوجيه لوم أقرب إلى “معايرة” بحسب تخمين البعض، حول أن إيطاليا هي أساس نهضة أوروبا، وأن من دون روما ما عرف الأوروبيون الثقافة والحضارة الإنسانية، وصولا إلى طهي البيتزا والباستا، وما ربحت فرنسا المكاسب الكبرى من تصنيع النبيذ في جنوبها.

ووسط تحرك النعوش الجماعية التي تحمل من قتلوا بالوباء، في شوارع روما، نابولي، جنوة، لامبدوريا، سخط الإيطاليون من أوروبا والدول الغربية لعجزهم عن تقديم المساعدة لهم فى ظل تفشي الوباء في بلادهم، الأكثر تضررا حتى الآن من هذا الفيروس القاتل.

وتحدث الفيديو الذي اعتمده معظم الإيطاليين الباقين على قيد الحياة أو البعيدين عن الإصابة، عن أن أوروبا امتنعت عن تقديم  أبسط المساعدات لهم فى ظل الأزمة التى دمرت الاقتصاد الإيطالى، ولم تكن هذه المساعدات أموالا، بل حتى كمامات بسيطة.

كنا سندفع لكم الثمن “الكمامات”

ووجهت المتحدثة  التي وقعت باسم “فنانة إيطالية” كلامها فى الفيديو إلى قادة أوروبا وقالت: “شكرا سيد ماكرون، شكرا سيدة ميركل، شكرا لأنكم تخليتم عنا وقت حاجتنا، شكرا لرفضكم إمكانية منحنا حتى كمامات بسيطة وأشياء أخرى لمساعدتنا على مقاومة انتشار الفيروس.. كم ستدفع لكم ثمنها فى المقابل.. كما تعلمون؟ نحن الإيطاليين الذين تصفونهم بالمتسخين وغير المهذبين.. أهل الهمجية والوضاعة الفقراء وأحيانا مجرمى عصابات.. لكننا نذكركم أيضا بأننا أول من شد الطرق والمدارس، نحن من علمكم الأبجدية التى تستخدمونها، وشرحنا لكم القانون والحقوق وتنظيم الدولة ودولة القانون، نحن الإيطاليين أصحاب التحف الفنية وأصحاب المخطوطات التى تدرسونها والإرشادات التى تتبعونها، وأولئك الذين يمتلكون 70% من التراث الفني والثقافي العالمي.

أفضالنا عليكم

وتحدث الفيديو عن فضل إيطاليا على الدول الأوروبية، وكيف أنها أهدتهم حضارة هدموها فى العصور الوسطى، وأنها أقامتها من جديد وعلمتهم الفن والجغرافيا، وأنها من أدخلت الكروم المستخدم فى صناعة النبيذ فى فرنسا.

لولانا لكان يعيش “ترامب” في أرض جرداء

ثم توجهت بالحديث إلى ترامب وجونسون، وقالت لهم شكرا لكم لأنكم عزلتمونا بدلا من مساعدتنا، وقالت لترامب إنه لولا بحار إيطالي (اكتشف أمريكا) ما كان ليكون رئيسا لها، بل يعيش فى أرض جرداء.

وقالت لجونسون إن ثروة بريطانيا قامت تحت الراية التى وهبها له الإيطاليون ليرفعوها على سفنهم ليتجنبوا هجمات القراصنة، وهى راية صليب القديس جورجيو، التى منحتهم إياه مقاطعة جنوة.

وقالت صاحبة الفيديو إن إيطاليا هى صاحبة الفضل فى إقامة الحضارة الغربية، وكان عليهم أن يهبوا لنجدتها، لأنهم لو قادوا العالم الغربي مرة أخرى إلى العصور الوسطى، فلا تعتقد بأنها ستعيد نهضتهم من جديد.

وخلص الفيديو فى النهاية إلى أن أنانية الدول الغربية فى التعامل مع إيطاليا ردت إليهم، بعدما انتشر الفيروس فيها وبدأوا يفقدون أحباءهم.

ماكرون يتحدث عن الأنانية الأوروبية

وانتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ما وصفه بالأنانية الأوروبية في مواجهة فيروس كورونا، مشيرا إلى أن بلاده ستقدم مساعدات للشعب الإيطالي.

وفي هذا السياق، قال الباحث في العلاقات الدولية ناصر زهير، إن موقف فرنسا الآن يعمل على زيادة التضامن الأوروبي مع إيطاليا، خشية التدخل الروسي والصيني بذريعة المساعدات الإنسانية، وأيضا الاتهامات التي وجهها رئيس وزراء إيطاليا، جوسيبي كونتي، إلى أوروبا بأنها تركت إيطاليا بمفردها، وهذا ما استدعى “ماكرون” للتصريح عن المساعدات المقدمة من فرنسا وألمانيا، بتقديم مليوني كمامة وعشرات الآلاف من البدل الواقية، لافتا إلى  أن هذه المساعدات، لم يتم الحديث عنها.

وأوضح “زهير” أن المشكلة تكمن في رغبة الإيطاليين لدعم أكبر من الاتحاد الأوروبي ومساندة اقتصادية أكثر وآلية تشارك في سداد الديون، وهذا ما ترقضه دول مثل ألمانيا وهولندا، فضلا عن وجود دول ترى نفسها خارج الأزمة، وأنها ليست معنية، والحديث هنا عن الدول الإسكندفانية مثل السويد، والدنمارك.

ولفت “زهير” إلى أن القادة في أوروبا، يعلمون جيدا أن القارة العجوز حققت فشلا ذريعا في مواجهة الفيروس، والمنظومة الطبية انكشفت بكونها منهارة، في ظل وجود آليات في القارة للتعاون الاقتصادي، السياسي، العسكري، ولكن على المستوى الصحي، كانت آلية التعاون صفرًا.

وتابع: “الأوروبييون الآن تفهموا عدم القدرة على مواجهة الفيروس منفردين، لأن هذه الآلية لم تأت بأي نتيجة مع غلق فرنسا، إيطاليا، ألمانيا، إسبانيا، للحدود لمواجهة الفيروس وفي النهاية، فشلوا في ذلك.

وأردف: “يريد الأوروبيون مواجهة التدخلات الروسية والصينية في إيطاليا، وهي التدخلات التي يرأها قادة الاتحاد غير بريئة، وأن بكين تريد استخدام سياسة الأقنعة لتحسين صورتها في أوروبا بكونها المتسببة في الفيروس، وأيضا إيطاليا لها حساسية معينة لكونها الدولة الأوروبية الوحيده التي وقعت مع الصين في اتفاق منفرد في مشروع “الحزام والطريق”، وبالتالي يرون سحب البساط من الصين وروسيا، وتقديم الدعم الأوروبي إلى روما، وزيادة آلية التعاون، بات أمرًا لا هروب منه.

تكتل بديل للاتحاد الحالي

وحول مستقبل الاتحاد الأوروبي، بعد أزمة “كورونا”، يقول رئيس المركز الأوروبي للدراسات، جاسم محمد، إن الاتحاد الأوروبي من أكثر التكتلات الدولية التي انكشفت أمام كورونا، وأصبح الحديث الوحيد، عن عدم وجود اتحاد في الفترة المقبلة، بعد أن وصل الأمر إلى حد مستوى الشماتة وتخلي الدول عن بعضها البعض، وإغلاق البلدان حدودها، وتحولت إلى دول قومية أكثر من مد يد المساعدة.

وأكد “جاسم”، أن ما حدث في إيطاليا، لم يأت بمساعدات من الدول القريبه، لتخسر دول الاتحاد روح التعاضد، ما يعني أن الفيروس يعصف بدول الاتحاد، رغم وقوفه أمام جملة تحديات في الفترة الأخيرة.

واستكمل: “لقد تم تسييس كورونا في دول أوروبا، في ظل استغلال أحزاب سياسية لذلك الأمر، وربما يأتي الفيروس باتحاد جديد بديل للاتحاد الحالي، ويكون مكونا من 6 دول، يرسم خريطة القارة مجددا، ويكون من الدول التي تضررت ولم تجد دعما أو مساعدة”.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]