تكررت مشاهد جريمة الصمت العربي، على أبواب القدس، وكأن الزمن لم يتحرك يوما، ليغير من مواقف الأنظمة العربية الرسمية، تجاه ما يحدث داخل الأراضي الففسطينية المحتلة .. وهي مواقف عربية تستند إليها دولة الاحتلال في مواصلة ممارساتها التعسفية والوحشية والتي يلغت تجاوزاتها قبل أسبوع «حرمة»المسجد الأقصى المبارك، وفي ظل نفس المناخ العربي وجريمة الصمت العربي بحسب تعبير خبراء سياسيون وبرلمانيون وقيادات حزبية مصرية !!
وكشفت الدوائر السياسية في القاهرة، عن حالة العجز و«الترهل» العربي، وعدم القدرة على الحركة باستقلالية عن الموقف والسياسة الأمريكية، المنحازة دائمل للسياسات الاسرائيلية .. وقال السفير محمد جلال، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، في تصريحات للغد، إن الموقف العربي أصبح يمثل ظاهرة مؤسفة تجاه التعامل مع العدوان الاسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني، وعلى المقدسات الاسلامية في القدس المحتلة، وقبل ذلك تجاه التسويف والمراوغة الاسرائيلية على مسار عملية التفاوض المجمدة.
وأضاف:من الواضح أن السلطات الاسرائيلية تدرك تماما مدى حركة رد الفعل العربي، وربما تعلم أيضا حدود حركة الدول العربية المحاصرة داخل دائرة الشجب والتنديد، ثم مناشدة سلطات الاحتلال التوقف عن العدوان والممارسات الاستفزازية تجاه المسجد الأقصى المبارك.. وحتى مناشدة المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن الدولي، لها حسيابات مسبقة تراعيها الدول العربية !!
والحاصل .. أن إسرائيل تشعر الآن بقوتها ونفوذها أمام عالم عربى تمزق أمام صراعات داخلية وحروب أهلية، كما أن إسرائيل تعلم أن العرب غارقون فى مآسيهم ما بين حشود داعش وهى تحمل راية الإسلام ، والجيوش العربية التى أنهكتها الحروب الأهلية والانقسامات ما بين السنة والشيعة، وما بين الجيوش والشعوب، حتى وصلت الأمور إلى تصفية الجيوش بالكامل ، بحسب تعبير الكاتب والشاعر المصري، فاروق جويدة .. مؤكدا أنه لا شىء تخاف منه إسرائيل الآن إنها تعيش أفضل لحظات تاريخها منذ قامت، فهى تعلم انها صارت الأقوى أمام انهيار منظومة الدفاع العربى وهى ترى الجيوش العربية وقد انسحقت فى حروب أهلية ضد شعوبها وفى كل يوم تحدث كارثة فى عاصمة عربية بينما حشود الإرهاب تطارد الجميع.
وأضاف «جويدة»: لم تكن إسرائيل تحلم بأكثر من ذلك، فقد دمرت الحروب الأهلية العواصم العربية العتيقة وأصبح مطلوبا أن تعيد بناء ما خربته الحرب وسوف يحتاج ذلك زمنا وأموالا وشعوبا تعيد بناء أوطانها.. ولهذا لم يكن غريبا أن تغلق أبواب الأقصى على المصلين وأن تحرمهم من دخول أماكنهم المقدسة، بينما العرب غارقون فى مآسيهم وصراعاتهم وانقساماتهم، والشعب الفلسطينى ينظر من بعيد إلى أرضه وقد عصفت الانقسامات بكل رموزه وتحولت القضية إلى صراع بين الأشقاء بينما العدو الحقيقى يعبث فى كل شىء .
وانتقدت القوى السياسية والحزبية في مصر، حالة الصمت العربي، في مواجهة ما يحدث في المسجد الأقصي والقدس الشريف، والذى أدى إلى إصابة العشرات من بينهم مفتى القدس الشريف الشيخ عكرمة.. وقال النائب مصطفى بكرى، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إنه كان يفترض بالجامعة العربية أن تدعو إلى اجتماع طارئ لبحث تطورات الأحداث لتخرج بقرارات بعيدة عن حدود الاحتجاج، وأن تدعو مجلس الأمن للانعقاد، وتقديم مشروع قرار يضع العالم الدولى أمام مسئوليته فى حماية أهالينا في فلسطين.
وأضاف قائلا: لابد للعالم العربي أن يتحرك دفاعا عن المسجد الأقصى، لأن الصمت جريمة، خاصة في ظل الإرهاب والعنف الذي تمارسه قوات الاحتلال
ومن جانبه، أكد سامح عاشور، نقيب المحامين المصريين، ورئيس اتحاد المحامين العرب، رفض النقابة للإجراءات التعسفية من جانب الكيان الصهيونى فى محيط المسجد الأقصى، وتلك الإجراءات تمس كل مسلمى العالم، مطالبا المجتمع الدولى بسرعة القيام بمسؤولياته تجاه وقف العدوان على أحد أهم المقدسات الإسلامية..وأعلن «عاشور» أن النقابة قررت رفع علم فلسطين بجوار علم مصر على مبناها، تعبيرًا عن تضامن النقابة الكامل مع الشعب الفلسطينى فى نضاله المشروع حتى التحرير.
وتساءل وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، أحمد فؤاد أباظة: أين القوى العظمى مما يحدث من انتهاكات للمقدسات الإسلامية؟ وندد بما وصفه بحالة الصمت الرهيب من قبل منظمات المجتمع الدولى الحقوقية والإنسانية، وصمت الولايات المتحدة الامريكية والقوى العظمى فى العالم والصمت الرهيب من منظمة العالم الاسلامى، حول ما يحدث من انتهاكات للمقدسات الإسلامية.
وشهدت دول عربية وإسلامية، تظاهرات حاشدة، رفضًا لإجراءات سلطات الاحتلال بالأقصى، في الوقت الذي تتواصل فيه المواجهات في مدينة القدس والضفة الغربية .. وأقيمت وقفات واعتصامات احتجاجية دعما للمسجد للأقصى، ورفعت التظاهرات الشعبية، شعارات احتجاجية تندد بالصمت العربي «المريب والمخز».. ودعت الحملات الشعبية إلى النفير العام نصرة للمسجد.
وتصدر هاشتاج «نداء الأقصى» موقع التغريدات القصيرة «تويتر»، منددا بالموقف العربي تجاه ما يحدث في القدس وتحديدًا المسجد الأقصى .. وقال أحد النشطاء: «عذرا أقصانا فنحن أمة نائمة.. شعوب عاجزة.. وحكام ظالمة»، بينما قال آخر «مسيرات بماليزيا أين مسيريات العرب؟»، وذكر ثالث «لأجلك يا مدينة الصلاة نصلي»، وعلق رابع «نعم اغضب للأقصى اغضب للقدس».. وغرد لاعب منتخب مصر والنادي الأهلي السابق، محمد أبوتريكة: «شعب أعزل يواجه محتل غاشم وأمة تعدادها قرابة مليار مسلم تتفرج يا أهل فلسطين سامحونا وندعو الله أن يثبتكم في وجه الاحتلال».
