جمال زقوت يكتب: الأولوية لوقف حرب الإبادة.. ولا متسع لتسويق الوهم على حساب الوحدة

جمال زقوت

في وقت لم تكن المؤسستان العسكرية والسياسية في إسرائيل قد فاقتا من ترنحمها جراء هول الضربة، التي تمكنت حركة حماس من توجيهها، أطلق نتانياهو صرخة «الوحش الجريح»، بإعلان الحرب على شعبنا في القطاع لتصفية من أطلق عليهم «الداعشية الجديدة» بل و«النازية الجديدة». كانت صرخة نتانياهو بمثابة إعلان فشل استراتيجيته في عزل قطاع غزة عن الكيانية الفلسطينية، ومحاولة إغراق حماس في وحل تداعيات الحصار، أكثر مما هي صرخة الفشل الأمني والاستخباراتي والعسكري. فنتنياهو الذي يصفه كبار زعماء النظام السياسي في إسرائيل بجنون العظمة، وبعد فشل استراتيجيته لإخراج مليونين وربع المليون فلسطيني هم سكان القطاع من معادلة الديمغرافيا، قرر أن يخرجهم من الجغرافيا الفلسطينية عبر الإبادة والتهجير، والتي ما زالت تمثل الهدف المركزي لحكومة حربه التي تسجل الفشل تلو الآخر، ولا يحركها سوى الرغبة في الانتقام.

فشل أهداف العدوان وبداية تفكك الإجماع الدولي

الأهداف التي أعلنتها إسرائيل، ورغم ما حظيت به من تأييد غربي استعماري في الأسابيع الأولى من المذبحة الدموية التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي على الهواء مباشرة، سرعان ما بدأت تتراجع، ومعها يتراجع ويتفكك التأييد الغربي حلقة تلو الأخرى. ذلك يعود أساسًا لحجم وبشاعة الجريمة التي حصدت حتى الآن ما يزيد على 75 ألفًا بين شهيد وجريح ومفقود. بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية، لا سيما المشافي والمساكن والمدارس، وقطع الماء والكهرباء والوقود.

بشاعة الجريمة وتحولات الرأي العام

أرواح  الأطفال والنساء والمدنيين الآخرين التي ارتقت في جريمة الإبادة الجماعية، تحولت إلى لعنة تطارد حكومة الحرب، وبدأت صرخات الضحايا تدوي في شوارع عواصم ومدن العالم، تطارد القتلة وحلفاءهم في واشنطن ولندن وغيرها من العواصم الغربية، التي بات حكامها يعانون من عزلة دولية داخل أقفاص الإجرام الإرهابي لحكومة الحرب الاستيطانية. وقد كان للكفاءة القتالية للمقاومة الفلسطينية دور لا يمكن تجاهله في استخلاص هذه العواصم أن مخططات إسرائيل وحربها لن تكون مجرد نزهة خاطفة، ذلك رغم حجم الألم والمعاناة التي خلفتها وتخلفها حرب الإبادة، والتي لم تعد حتى واشنطن قادرة على احتمال أثمانها الأخلاقية والسياسية والقانونية، رغم أنها أيضًا ما زالت تراوح داخل أقفاص جريمة العصر، وغير قادرة على احتمال فشل إسرائيل ومخططاتها الدموية.

الصمود الأسطوري والحاجة لرؤية سياسية

الأسطورة التي يسجلها شعبنا في القطاع، ولتعزيز مقدرته على الصمود والبقاء، تستدعي بلورة فورية لاستراتيجية عمل وطنية موحدة تستهدف أساسًا استنهاض وتوحيد كل الجهود لوقف الحرب وإنقاذ شعبنا من جحيم الموت. فالصمود الميداني يظل مهددًا بالتبديد إن لم يُسلح برؤية سياسية تعالج نقاط الضعف المزمنة، وتكون قادرة على توسيع وتعميق التحولات الدولية على الصعيدين الشعبي والرسمي لتفكيك المساندة الدولية للحرب وإجبار واشنطن على ممارسة نفوذها لإلزام إسرائيل بوقفها.

اليوم التالي: دحر الاحتلال أو التصفية

في هذا السياق، علينا أن ندرك أن الوقت من دم، وأنه على مدى إعلاء الأطراف الفلسطينية للمصالح الوطنية العليا، سيتقرر اليوم التالي للحرب. فإما بداية اندحار الاحتلال الذي بات منبوذًا ومدانًا من قبل الرأي العام الدولي، أو منعطفًا تستثمره إسرائيل لتصفية الحقوق الوطنية. إن النجاح في تحويل الكارثة الإنسانية والتضحيات الكبرى لفرصة تنهي الاحتلال يستدعي مغادرة أولئك الذين مازالوا يتموضعون في خندق الانقسام والحالة الانتظارية واللهاث خلف سراب، وكذلك التوقف عن مخادعة أنفسهم بإمكانية المضي في هندسة وتفصيل مستقبل النظام السياسي بعيدًا عن شرعية الإجماع الوطني، وعن الإرادة الحرة لشعب يقدم أغلى التضحيات للانعتاق من قيود الاحتلال. كما أنه يستدعي إدراك حركتي حماس والجهاد، أن الأثمان الغالية التي يقدمها شعبنا واحتضانه للمقاومة، تستحق الانصياع لإرادة الوحدة التي طالما كانت خشبة الخلاص للتغلب على أزماتنا الوطنية. فالاستجابة لهذه الإرادة تتطلب مبادرة سياسية بعيدًا عن الاعتقاد بأن مخرجات الحرب قد تحمل إمكانية تحقيق، وهم إنشاء شرعيات بديلة للمنظمة على كل تهتك واقعها، وإفراغها من مضمونها بفعل سياسات التفرد والإقصاء والتهميش واستشراء الفساد. ومع ذلك فإن مدخل إصلاح المنظمة واستعادة مكانتها كجبهة وطنية ائتلافية، يبدأ بمشاركة حركتي حماس والجهاد في قيادة منظمة التحرير، لتصبح قيادة فعلية لصنع القرار السياسي وتوجيه النضال الوطني، ومعبرًا عن الإرادة الحرة لشعبنا، وممثلاً شرعيًّا وحيدًا له في كل أماكن تواجده.

الوحدة إجراء فوري يستصرخه الشهداء

إن تنفيذ هذه الإرادة لا يحتمل المزيد من المماطلة وغموض البيانات الصادرة عن جلسات الحوار التي أضاعت 16 عامًا من عمر شعبنا وقضيته دون نتائج تنهي كارثة الانقسام، الأمر الذي شجع نتانياهو وما زال يشجعه على تحويل الانقسام إلى انفصال أو إبادة وتهجير. بل إنه إجراء فوري تستصرخه أرواح الشهداء والجرحى وعذابات المشردين. فالرد الأهم على نتانياهو الذي يسعى مرة أخرى لفصل غزة عن المصير الوطني ومحاولاته لشيطنتها، ودعشنة واستبعاد حركة حماس، يستدعي فورًا انضمام حركتي حماس والجهاد لمنظمة التحرير دون أي شروط مسبقة أو حسابات ضيقة من أي طرف كان، وبحيث يتم في إطارها التوافق الفوري على حكومة وحدة وإنقاذ وطني للتصدي لكل ما هو مطلوب منها، وفي مقدمته استنهاض كل الجهود لوقف الحرب، وقطع الطريق على استراتيجية نتانياهو الذي يستميت لإجهاض التحولات الدولية المنادية بإنهاء الاحتلال، وليس أمامه من وسيلة سوى الاستمرار في عزل أو فصل غزة إن لم يتمكن من تهجير شعبنا منها.

ما العمل أولاً وأخيرًا

لم يعد يكفي الحديث العام عن ترتيب البيت الداخلي كمتطلب للصمود الوطني لاسترداد الحقوق، بل إن المطلوب هو تقديم الأفكار والمقترحات الملموسة لكيفية تحقيق ذلك، كما لم يعد يكفي استمرار الحديث عن الانفتاح على أية أفكار، بينما هناك رؤية محددة سبق وأعلن عنها رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض في مدينة غزة عام 2014، وأعاد تقديمها مرارًا، كان آخرها في أكتوبر الماضي لقطع الطريق على ما تخطط له إسرائيل من تمرير ما تسميه «اليوم التالي بعد حماس»، مؤكدًا أن لا حل دون الوحدة، وبما يشمل حركتي حماس والجهاد. فكلاهما ليس المشكلة، بل إن الاحتلال وفشل تسوية أوسلو لإنهائه هما المشكلة التي يجب على العالم أن يتصدى لها، وأن إصلاح وترتيب البيت الفلسطيني يتطلب بصورة فورية إعادة بناء المنظمة والسلطة على أساس الإجماع الوطني تمهيدًا للانتخابات الشاملة، وأن أية تسوية جديدة للصراع يجب أن تنطلق من أسس واضحة لإنهاء الاحتلال، واعتراف إسرائيل والولايات المتحدة المسبق بحق شعبنا في تقرير مصيره وحقه في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس المحتلة. وكما يبدو أن هذه الرؤية بدأت تحظى باهتمام لا بديل له على الصعيدين العربي والدولي. وباعتقادي أن استمرار الدوران حول ما هو مطلوب بغض النظر عن أسبابه ودوافعه، هو الثغرة الأخطر، والتي يجب إغلاقها لقطع الطريق على نتانياهو وهزيمة مخططاته. وهذه بالتأكيد أفكار قابلة للتطبيق والتطوير، ومن لديه رؤية عملية أخرى فليقدمها، دون إضاعة المزيد من الوقت في وهم الإقصاء أو البديل أو ماراثونات الحوار فقط من أجل الحوار .

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]