جمال زقوت يكتب: الانزلاق الداخلي خدمة لرواية الاحتلال

جمال زقوت

يبدو أن الرأي العام الدولي بات يدرك طبيعة ومدى التضليل الذي تأسست عليه حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعبنا في قطاع غزة، والتي باتت تحصد حياة الأطفال من الجوع والجفاف، ذلك دون أن تتوقف ماكينة القتل عن الاستهداف الجماعي لحياة المدنيين وقتل عائلات بأكملها. فالإعلام الأميركي والغربي بشكل عام، والذي سبق أن وضع مصداقيته على المحك بفعل انزلاقه الكامل في تبني وترويج الرواية الرسمية الإسرائيلية حول السابع من أكتوبر، والتي استندت إلى ما يعرف بـ «الهسبراه» أي «جهاز الدعاية الإسرائيلية وهندسة الجمهور الغربي»، وفبركة هذا الجهاز وترويجه لسلسلة من الأكاذيب التي استهدفت تحضير الرأي العام الغربي، وكذلك داخل إسرائيل لتبرير مخططات الجرائم وحرب الإبادة، وكأنها “حرب عادلة للدفاع عن النفس” في مواجهة ما أسماه نتانياهو بـ «الداعشية الجديدة» و«النازية الجديدة» في محاولة منه ليس فقط لدعشنة حماس، بل وكذلك لشيطنة المدنيين في قطاع غزة، وبما يشمل حتى النساء والأطفال، حيث اعتبر الرئيس الإسرائيلي هيرتسوغ بأنه لا يوجد في قطاع غزة مدنيون، وقام شخصيًّا بالتوقيع على القذائف التي استهدفت هؤلاء المدنيين، سيما الأطفال والنساء الذين لا حول لهم ولا قوة.

استهداف الصحافيين لإخفاء الإبادة

المشاهد التي تمكَّن نشطاء الإعلام الاجتماعي في قطاع غزة من خلالها نقل حقيقة ما يجري من إبادة وتدمير شاملين، كسرت الستار الحديدي الذي حاولت «الهسبراه» إحكامه لإخفاء بشاعة الجرائم، مستهدفة ما يزيد على المئة وثلاثين صحافيًّا، حيث انتشرت هذه المشاهد البشعة عبر وسائل التواصل كالنار في الهشيم، وبات من الصعوبة بمكان حتى لبايدن وبلينكن وغيرهما من زعماء الغرب إخفاء حقيقة المجازر التي استهدفت، ولا تزال تستهدف، ترويع المدنيين الغزيين بهدف تهجيرهم، أكثر مما تدعيه إسرائيل بأن حربها تهدف إلى اجتثاث حماس، حيث أن هذا الادعاء وباعتراف قيادات عسكرية هدف زائف، ولا يمكن تحقيقه.

مناهضة الحرب وهزيمة الهسبراه

حيوية وثبات واتساع حركات مناهضة الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، والتي نجحت، ليس فقط في هزيمة دعاية الهسبراه، بل أعادت معادلة الصراع وجذور القضية الفلسطينية إلى حقيقتها، وبدأت تحقق تقدمًا في إعادة تصويب مضامين الرواية الفلسطينية لشعب يناضل على مدى أكثر من مئة عام في مواجهة الهجمة الصهيونية ومخططات طمس الهوية واقتلاع الوجود الفلسطيني من أرضه منذ النكبة قبل ما يزيد على خمسة وسبعين عامًا حتى اليوم، ومن أجل نيل شعب فلسطين حريته وكرامته الإنسانية والوطنية وحقه الطبيعي في تقرير مصيره .

تراجع فرص بايدن الانتخابية بسبب الحرب

اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، وإصرار نتانياهو حتى على عدم أخذ نصائح بايدن في الاعتبار، والتي هي في وقائع الحرب لا تتناقض كثيرًا مع مخططات حكومة الحرب الاستراتيجية إزاء حماس وقوى المقاومة، ولكنها لا تضعه في مزيد من الحرج الذي بات فاضحًا، ولا يمكن تجاهله، سيما مع قاعدته الانتخابية سواء في أوساط الشباب وداخل التيار التقدمي للحزب الديمقراطي وأوساط واسعة من اليهود أو في أوساط الجاليات التي كان لها الدور الحاسم في نجاحه في الانتخابات السابقة «العرب والمسلمون والأفارقة واللاتينيون»، الأمر الذي بات يهدد فرص نجاحه بخطر داهم، وهو ما يعني بالنسبة للإدارة وقادة الحزب الديمقراطي، وكأن نتنياهو يستثمر الوقت والتعارض مع إدارة بايدن بما يخدم عودة ترامب للبيت الأبيض، حيث يدرك مدى دعمه لنتنياهو كأولوية قبل إسرائيل.

الديمقراطيون: نتنياهو ضل الطريق

هذه التحولات وغيرها بدأت تؤثر بصورة جدية في العلاقة بين بايدن ونتانياهو، والتي وصلت حد إعلان زعيم الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر اعتبار أن نتنياهو بات يشكل خطرًا على إسرائيل، ويدعو من موقعه كأكبر المناصرين لها إلى انتخابات لتصويب مكانة إسرائيل دون عبث نتنياهو، الأمر الذي أثنى عليه بايدن وتلاه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس، ما يظهر وجود موقف أميركي راسخ لإزاحة نتنياهو من المشهد، وربما كمكون من حملة انتخابية مضادة لاستعادة مكانة بايدن في أوساط ناخبيه من هذا المدخل .

تحول نوعي في الإعلام الأميركي والغربي

في هذا المناخ المتغير ولو ببطء شديد في العلاقة بين إدارة بايدن ونتنياهو، يمكن النظر لتقرير  شبكة CNN الإعلامية عن قتل المزيد من الأطفال في قطاع غزة بسبب الجوع والجفاف، والذي عرضت فيه المذيعة بريانا كيلار بعضًا من قصص هؤلاء الصغار الذين قتلوا إما نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية أو بسبب الجوع والجفاف، كتحول بارز في الإعلام الأميركي وانتصارًا للانتفاضة الكونية المناهضة للحرب، وسقوطًا مروعًا للهسبراه ومعها أكاذيب نتنياهو وحكومة حربه الفاشية التي لم يستثنها تشاك شومر من هجومه .

لا خيار لشعبنا سوى الوحدة والتوافق

الملفت للانتباه، بل والمثير للحزن، أنه في ظل هذه المتغيرات التي يمكن البناء عليها بما يفتح الطريق نحو فرض عزلة دولية وإقليمية على حكومة الحرب ومساءلتها، بما في ذلك ما يجري في محكمة العدل الدولية، ومحكمة الرأي العام، واستثمار الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وما يتطلبه كل ذلك من وحدة وتوافق فلسطينيين، وبلورة رؤية وخطاب وخطة وأدوات فلسطينية وطنية جامعةً وقادرة على تحقيق ذلك، وبما يشمل تعزيز قدرة شعبنا على الصمود في مواجهة حرب الإبادة والاستيطان والحسم. للأسف فقد تم إدارة الظهر لكل هذه القضايا التي ترقى لحاجة وجودية لقضيتنا وحقوق شعبنا وقدرته على الصمود ومواصلة النضال لاستعادتها، والأخطر هو العودة لخطاب الانقسام وتصفية الحسابات الضيقة، والانزلاق نحو اتهامات أخطر ما فيها هو تبرأة جيش الاحتلال من مسؤوليته عن جرائم الإبادة الجماعية، وتحميلها لأطراف فلسطينية، الأمر الذي طالما سعت إليه حكومة الحرب، وهو ما سيستخدمه نتانياهو للاستمرار في تبرير حربه التي تستهدف الجميع دون استثناء، وفي مقدمتهم أصحاب سياسة استرضاء المحتل بهندسة مستقبل النظام السياسي الفلسطيني من خلف الإرادة والمطالب الشعبية والوطنية، وبما قد يعرض قضية شعبنا وحقوقه الوطنية لأفدح المخاطر، بما فيها خطر التصفية التي هي عنوان وهدف الحرب الغاشمة على شعبنا .

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]