جمال زقوت يكتب: «الديمقراطية المزعومة لدولة اليهود» ومستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

جمال زقوت

الصراع السياسي الداخلي على مستقبل إسرائيل وهويتها، والذي انتقل للشارع بمظاهرات حاشدة تتسع باستمرار، وتجذب قطاعات اقتصادية واجتماعية هامة، بدأ يتحول إلى صراع جدي يعكس بصورة جلية الاستقطاب الحاد على مستقبل “دولة اليهود وديمقراطيتها”. وبينما يتصاعد هذا التناقض في القضايا الداخلية، فإنه يكاد يتلاشي عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، والموقف من الاحتلال العسكري والاستيطاني، ومن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، سيما حقه الطبيعي في تقرير المصير. صحيح أنه ليس من الصواب وضع مجمل المكونات الحزبية للنظام السياسي الإسرائيلي في سلة واحدة إزاء مستقبل الصراع، ولكن الصحيح أيضاً أن النظام السياسي في إسرائيل، والذي أُجبر على البحث عن مسار ما لتسوية الصراع وفق رؤيته الصهيونية على أثر الزلزال الذي أحدثته الانتفاضة الأولى، ظل حبيس الهروب من الاستحقاق التاريخي المتمثل بمسألة انسحاب الاحتلال الإسرائيلي الكامل عن الأرض الفلسطينية المحتلة، والإقرار بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ونيل استقلاله في دولته المستقلة على كامل حدود 1967، والذي بدونهما لن تكون هناك أية تسوية مقبولة من الشعب الفلسطيني.

الصراع على مستقبل “ديمقراطية دولة اليهود” هو بحد ذاته يعكس طابعاً عنصرياً إزاء الحقوق الوطنية الفلسطينية، وكذلك مدى جدية الإقرار بحقوق المواطنة والمساواة الكاملة للمواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل، والذين يشكلون حوالي عشرين بالمئة من سكانها.

وبدلاً من أن يفضى مسار تسوية أوسلو إلى إنهاء الاحتلال، فقد أدى إلى اتساع نطاق الاستيطان بصورة غير مسبوقة. كما شهدت الحالة الفلسطينية انقساماً أدى إلى وجود سلطتين استبداديتين، ومعزولتين عن نبض الشعب الفلسطيني وتطلعاته للحرية والكرامة الوطنية والانسانية، وتراجع الطابع التقدمي للحركة الوطنية الفلسطينية. والأخطر أن كلتا السلطتين المنقسمتين باتتا تستمدان مشروعيتهما من مدى حاجة إسرائيل لبقائهما، وليس من أية شرعية دستورية/ انتخابية أو ثورية أو حتى شرعية انجاز انتقالية جوهرها تعزيز قدرة الناس على الصمود والبقاء وصون حرياتهم العامة والشخصية وحرية التعبير وضمان المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون. ذلك كله دون أن تتبلور حتى اللحظة ملامح لبديل وطني ديمقراطي جامع رغم الكثير من الجهود والمحاولات والحراكات التي لم تؤتِ أُكلها حتى الآن.

 

في المقابل، وفي الحلبة الإسرائيلية، فإن الأغلبية أسقطت التسوية من أجندتها، والفارق بين ما يسمى بالمعسكر الليبرالي الذي يخوض معركة الدفاع عن النظام القضائي و”ديمقراطية إسرائيل اليهودية”، ومعسكر اليمين العنصري الفاشي، أن هذا الأخير يتعجل حسم الصراع بتنفيذ مشروع الضم الاستيطاني الكامل، وربما انتظار لحظة سياسية مواتية لتنفيذ الترانسفير وإن بسبل جديدة، وتطبيق ما يعرف “بالشريعة اليهودية” في المجتمع الإسرائيلي، بينما يرى المعسكر الليبرالي، الذي يرفض هذه الشريعة ويعتبرها خطراً على ديمقراطيتهم، أن أقصى ما يمكن أن يقدمه هو مجرد حكم ذاتي محدود، وربما كانتونات معزولة تحت الهيمنة الإسرائيلية كمحميات لاحتواء الصراع، وقطعاً ليس حله على أساس الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية وبقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بهذه الحقوق. كما أنه غير مستعد للقيام بأية مراجعة أو مجرد دراسة حول علاقة الاحتلال والاستيطان والتنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية بمسألة صعود اليمين الديني الفاشي لمقود الحكم في إسرائيل .

 

لا يُمكن إنكار أسباب التحولات ذات الطابع الداخلي سواء الديني منها أو الاقتصادي والاجتماعي والديمغرافي في تطور البنية الاستعمارية العنصرية للنظام السياسي الإسرائيلي. ولكن الأكيد أيضاً أن هذه العوامل منفردة ومجتمعة غير معزولة إطلاقاً عن المشروع الاستعماري التوسعي. وفي هذا السياق يأتي السؤال الكبير وهو هل يُمكن حل القضية الفلسطينية واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني، بمعزل عن نزع الطابع العنصري للحركة الصهيونية التي تهيمن على مجمل المركبات السياسية والاجتماعية في النظام السياسي والمجتمع الإسرائيلي؟.. واهم من يظن أن ذلك ممكن أن يتحقق فقط عبر التفاعلات الداخلية الإسرائيلية.

 

السبب الرئيسي لفشل التسوية السياسية أن قواعدها الأساسية بُنيت خارج الإقرار المسبق بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وكذلك لأن مسار المفاوضات ظل حبيساً للرؤية الصهيونية العنصرية، ولما يمكن أن تقبله دولة إسرائيل من حقوق للفلسطينيين، وأنه من وجهة نظر ما كان يسمى “باليسار الليبرالي” بأن حقوق الشعب الفلسطيني تتلخص فقط في ما ستفضي إليه المفاوضات.

إذا كانت هذه الرؤية الإسرائيلية سبباً جوهرياً للفشل المروِّع لمسار التسوية، فهي ما زالت موضع شبه إجماع لدى الإسرائيليين الذين ما زال بعضهم ينادي بالتسوية، وهو ما جعل مفهوم الانتقالية صيغة هيمنة دائمة تفتح الأبواب على الضم. فهل بقى مكان لما كان يعرف بـ “حل الدولتين”، والذي أصبح “الكود الحصري” لنظرية هندسة ما تراه “إسرائيل اليهودية” من حقوق للفلسطينين، سيما في ظل النفاق الدولي وسياسة ازدواجية المعايير التي طالما صمتت على انتهاكات إسرائيل لحقوق الشعب الفلسطيني؟.. وهل هذا الفشل الذي بات بطعم الهزيمة للمشروع الوطني الفلسطيني “كما هو معرَّف حتى الآن” يفتح الأبواب نحو الضم والتصفية أم نحو حل الدولة الواحدة؟.. وهل طابع مثل هذه الدولة سيكون عنصرياً تحكمه الهيمنة اليمينية ذات الطابع الفاشي، أم دولة ديمقراطية تنبذ العنصرية بكل أشكالها؟ وسؤال المليون هو: هل يوجد على ضفتي الصراع قوى ديمقراطية جدية قادرة على النهوض بمثل هذه الرؤية وما تفرضه من استراتيجيات ومهام كفاحية؟

هذه الأسئلة بحاجة إلى تفكير وإثارة نقاش موضوعي خارج الصندوق في محاولة لبلورة إجابات لعلها تكون قادرة على إخراجنا من فخ المخاطر الدموية المحدقة التي صنعها الاحتلال وعنصريته.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]