جمال زقوت يكتب: بعد 56 عامًا على احتلال 1967.. القضية الفلسطينية إلى أين ؟

جمال زقوت

لا يختلف إثنان من أبناء الشعب الفلسطيني على مدى الخطر الذي تواجهه القضية الفلسطينية، وعلى ما تتعرض له الحقوق الوطنية من مخططات تصفية، بما في ذلك تصفية القدرة على البقاء والوجود. تسمع مثل هذا الكلام من الأغلبية الساحقة من السواد الأعظم للناس، وتتصاعد وتيرة تحميل القيادة المهيمنة على المشهد الانقسامي وخياراتها السياسية الفاشلة “العنترية منها والمتخاذلة” المسؤولية عن هذا الواقع، وما نجم عنه من تفكك الحركة الوطنية، وهذا صحيح مئة بالمئة، ولكن الأمر يتوقف عند ذلك رغم المحاولات الجنينية المتناثرة التي تسعى لتغييره، بينما معاناة هذه الأغلبية والقلق على مصيرها الوطني يستمر ويتعمق. كما تسمع مقولات تحذر من الخطر على المصير الوطني من هؤلاء المهيمنين على هذا المشهد والمتشبثين بمصالحهم الفئوية والخاصة، وهم يكررون بكائيات تحميل العالم مسؤولية تغول إسرائيل وعدوانيتها المتصاعدة، ورغم أن هذا أيضاً صحيح، إلا أنه لا يواجه سوى بالصراع على فتات السلطة والتهديد بحلها، من خلال سياسة استرضاء العدو سعياً لمجرد البقاء، وكأن الاحتلال مصدر شرعيتهم، وليس الشعب الذي صودر حقه الدستوري والوطني بانتخاب ممثليه واختيار قيادته وتصويب المسار واستعادة القضية لمكانتها واسترداد الحقوق من مغتصبيها، فكيف يمكن الجمع بين استرضاء العدو  ومطالبة العالم بمواجهة عدوانيته؟!.

 

مسار التغيير أو بالحد الأدني الإصلاح الجذري واستحقاقاته بات معروفاً من حيث الهدف وخارطة الطريق التي قد توصل إليه، ولكن على ما يبدو  أن سؤال ماهية القوى الاجتماعية المؤهلة لقيادة هذا التغيير؟ ما زال غامضاً والإجابة عليه أكثر غموضاً، ولا بد من التصدي الملموس له إن كنا جادين بإحداث التغيير أو الإصلاح المُمَأسس، بما يساهم في بلورة حراك مؤثر واسع النطاق، ويفتح نحو متطلبات استراتيجية كفاحية تصون حقوق شعبنا الوطنية، وتوفر مقومات قدرة الناس على الصمود والبقاء باعتبارهما العتلة الأساسية لأي مشروع وطني أو استراتيجية كفاحية لتحقيقه.

 

حتى الآن لم يغادر تشخيص الواقع ومحاولة وصف العلاج، الإجابة على السؤال وهو فيما إذا كان بالإمكان الخروج من عنق الزجاجة باستعادة رشد من أدخلنا بها، أي بالتوافق على إنهاء الانقسام، أم أن مغادرة عنق الزجاجة يتطلب حاملاً اجتماعياً مختلفاً حتى لو نجم عن ذلك كسر الزجاجة نفسها. من البديهي أن من “انزلقوا” بالقضية الوطنية وواقع حال الانقسام، “وأقول انزلقوا من باب الحذر من المجازفة باستسهال الاتهامات، أو التشكيك في وطنية أي كان”، وبعد ستة عشر عاماً من استمراره نحو حالة من الانفصال، باتوا يدركون ويكررون أن ما يجري لا يخدم سوى إسرائيل، ومع ذلك لا يفعلون شيئاً لوقف هذه المهزلة، التي في الواقع شكلت قاعدة ورأس حربة تجرؤ المشروع الصهيوني على اعتماد استراتيجية مفادها أن معالجة أزمة مشروعهم الاستعماري الإحلالي يكمن في إمكانية تصفية المشروع الوطني الفلسطيني، واستكمال مخططات اقتلاع الفلسطينيين من هذه البلاد كمتطلب لإخراج المشروع الصهيوني من عنق زجاجته وأزمته التاريخية، وهو ما يفسر التحولات المتسارعة في النظام الإسرائيلي باتجاه اليمين الفاشي المتصدر والقادر على إنجاز تلك المهمة .

لقد بات جلياً أن من أوصل “الحمار على الميذنة” غير راغب أو بأحسن الأحوال غير قادر، و ربما ما زال يعتقد أنه من غير مصلحته إنزال ذلك الحمار، أي أنه لن يكون جزءًا لا من المراجعة، ولا من مستقبل فتح الطريق لمشاركة الشعب في عملية التغيير، بل سيعرقلها بكل ما يتبقى له من قوة، بما في ذلك المزيد من التنازلات للعدو وليس مجرد استرضاء له من أجل البقاء والفوز بعطاء الوكالة الأمنية، وبالتأكيد ليس رواية شعب دفع ومستعد أن يدفع كل أثمان الحرية والعدالة .

 

والحال هكذا؛ فما العمل لصون التضحيات والإنجازات التي دفع ثمنها شعبنا غالياً من دماء أبنائه ومعاناة شعب بأكمله منذ نكبة 48 مروراً بهزيمة 1967 التي تصادف ذكراها يوم أمس الخامس من حزيران؟.. سبق وأن  أشرت إلى أن هذا يتطلب بناء جبهة شعبية عريضة لإسقاط ثقافة الانقسام والهيمنة والإقصاء واحتكار السلطة والموارد، والعودة لمتلازمة الوحدة والديمقراطية، ولكن السؤال الذي لم تتم الإجابة عليه بعد، هو : كيف يمكن أن يتم ذلك ؟ هنا ومن موقع إدراك أن الأغلبية الشعبية متضررة وتستشعر مدى الخطر المحدق، ولكنها تعتقد بصعوبة التغيير بسبب ترابط المصالح الفئوية والانتهازية الذاتية للممسكين بتلابيب المشهد ومساندة القوى الإقليمية و المصلحة الإسرائيلية لإبقاء الحال على ما هو عليه.

إن إمكانية استعادة القضية الوطنية من براثن الانقسام وصون الحقوق نحو استعادتها من بين أنياب جرافات ومخططات الاحتلال هي مسؤولية متكاملة من أدني إلى أعلى وبالعكس. هنا يجب أن يتركز النقاش حول من هي الشخصيات المؤهلة لذلك من حيث وطنيتها ومكانتها المحلية والإقليمية والدولية ونظافة يدها وخبرتها، لتطلق مبادرة جماعية واضحة ومحددة وملموسة تتحمل فيها مسؤولياتها التاريخية بأن تلقي حجراً جدياً في البركة الآسنة، وبما يتلاقى مع طموحات الأغلبية الصامتة وتستجيب لها، وتعطيها الأمل بإمكانية التغيير حتى لو تطلب ذلك ثورة اجتماعية والاستعداد لدفع أثمانها، وبما يفتح الإمكانية الواقعية لاستعادة مكانة القضية الفلسطينية ومؤسسات الوطنية الجامعة وبوصلة الكفاح الوطني ضد الاحتلال، وأن تحقيق ذلك يبدأ ليس فقط في إسقاط الانقسام ومغادرته، بل وبما يضع  الانقساميين أمام ضرورة التحلي ولو بالحد الأدنى من المسؤولية بعدم مواجهة مثل هذه المبادرة، والاستجابة لما تقدمه من خارطة طريق انتقالية سيما لجهة إشراك الجميع في قيادة المصير الوطني تمهيداً لإجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة، أو يكونون قد وضعوا أنفسهم خارج نطاق المسؤولية المناطة بهم وما يعنيه ذلك من استحقاقات .

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]