جمال زقوت يكتب: كي لا تصبح الحرب استكمالاً للنكبة

جمال زقوت

صحيح أن الحرب العدوانية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لم تنجح حتى اللحظة في تحقيق أيٍ من أهدافها العسكرية المعلنة، ولكن دون أدنى شك فقد نجحت في اختراق موسوعة جينيس في معدلات قتل الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين الأبرياء، وتدمير كل مقومات وعناصر الحياة الضرورية لمجرد القدرة على البقاء.

وهي بهذا استحقت بجدارة أن تُسمى حرب الإبادة والتطهير العرقي. فأن تستمر حالة المقاومة في مختلف مناطق القطاع وليس فقط من جنوبه، ذلك يعني أن ما تروجه إسرائيل حول قدرتها على اجتثاث المقاومة، وأنها فقط بحاجة للوقت لتحقيق ذلك، ليس أكثر من وهم، وربما أن نتنياهو ومجلس حربه أكثر من يدركون هذه الحقيقة المرّة على مستقبلهم.

لا شك أن حرب الإبادة التي اتسمت بالرغبة الانتقامية استهدفت تقويض الحاضنة الشعبية للمقاومة، وعلينا أن ندرك أن قدرة الناس على الاحتمال هي قدرات متفاوتة، وبهذا المعني، فإنها قد ألحقت ضرراً مهما كان ذلك محدوداً، في مدى استمرار التفاف الناس حول المقاومة، ولكن ما يجب إدراكه هو أن الهدف الجوهري لهذه الحرب هو تصفية الوجود الفلسطيني في قطاع غزة، تمهيداً لتصفيته في سائر أرجاء الضفة الغربية، بما فيها القدس، وربما يشمل في مرحلة لاحقة شعبنا داخل 48.

فحرب الإبادة والتصفية تسير على سكتين متزامنتين: هما الإبادة الجماعية في القطاع والضم المتسارع في الضفة الغربية، وكلاهما يهدف لاقتلاع شعبنا وتهجيره من أرض وطنه.

في هذا السياق، يمكن فهم حرب التجويع التي تهدف لإنهاك الحاضنة الشعبية للمقاومة ودفع الناس للخلاص الفردي بحثاً عن لقمة الخبز، وهو ما يفسر المشاهد المأساوية التي صممتها حكومة الحرب بعناية من خلال القتل الجماعي للباحثين عن الدقيق أو الخبز، أو الراكضين خلف مظلات إلقاء وجبات التضليل بادعاء محاولة إغاثة الجوعى من الأطفال والنساء.

فكلها مشاهد صممها خبراء الحرب النفسية، والتي تستهدف تفتيت الشعور الجماعي ومتطلبات مواجهته، كما تهدف إلى تضليل الرأي العام المتنامي في مناهضة الحرب وإلحاق الأذى المعنوي العميق بروح التضامن الجمعي الذي ميز الفلسطينيين منذ النكبة وما قبلها، بإظهار وترويج مشاهد البحث عن الخلاصات الفردية لهذا النسيج الذي طالما كان متماسكاً، وأظهر وما يزال قدرة كبيرة على الصمود.

فإدارة بايدن المنخرطة في الحرب بكل أبعادها تسعى لتضليل واحتواء مناهضي الحرب في المدن الأميركية وعواصم العالم، بالتباكي على الأزمة الإنسانية الكارثية التي تخلفها حربهم القذرة، في وقت أنها الدولة الوحيدة القادرة على ليس فقط مجرد وقف الكارثة، بل وإنهاء الحرب فوراً لو أرادت ذلك .

الأمر الذي يحتاج لوقفات جدية هو طبيعة العجز العربي، وحالة الانتظار والصمت الملازمتين لموقف القيادة المتنفذة والمهيمنة على القرار الفلسطيني.

ففي وقت تسعى فيه الإدارة الأميركية لإنشاء ممر وميناء بحري مؤقت للتغطية على شراكتها في الحرب، فهي تدرك أن ذلك يحتاج لأسابيع وربما أشهر، بما يعني أن الحرب مستمرة وستطول، هذا في وقت أن آلاف الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية تنتظر عند بوابة معبر رفح منذ أشهر لتسد رمق المكلومين المتضورين جوعاً داخل القطاع.

فهل تريد واشنطن اقناعنا بأنها عاجزة عن إلزام إسرائيل بإدخال هذا الشاحنات المتراكمة داخل معبر رفح، بينما ستكون قادرة على إلزامها بذلك عبر ميناء لم يُنشأ بعد؟ أم أن هناك من النفاق ما يتسع لحجم الجريمة التي تُخَطط لمستقبل شعبنا في القطاع والمستقبل الفلسطيني برمته؟

المقاومة تواجه مخططات الاحتلال في الميدان، وهي كذلك تفاوضه وحيدة دون أي غطاء سياسي فلسطيني رسمي، وهذه مفارقة غير مسبوقة، بينما جريمة التجويع مستمرة ومعها مخططات التهجير دون أي فعل رسمي يتجاوز الوصف والإدانة الخجولة والمكررة، وكأن ما يواجهه أهلنا في القطاع يخص شعباً حتى غير شقيقٍ، أو أن جريمة الإبادة الجماعية فيه معزولة عن مخططات ضم الضفة والتصفية المتواصلة للحقوق والقضية الفلسطينية برمتها.

كيف يمكن للمقاومة دون إسناد وطني ورسمي للمطالب الوطنية العادلة التي تقدمها أن تكون قادرة على التفاوض من أجل وقف العدوان وإطلاق النار والانسحاب من القطاع وإعادة النازحين إلى بيوتهم وإدخال كل مواد الإغاثة المتكدسة، وهي ذاتها المطلوب تصفيتها في هذه الحرب، بغض النظر عن مدى قدرة إسرائيل على تحقيق ذلك أم لا؟ ولماذا تتردد القيادة المتنفذة في الذهاب لحكومة وفاق وطني في إطار مرجعية وطنية تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية التي تضم الجميع، الأمر الذي يحظى بإجماع شعبي ووطني وفصائلي؟!.

فمثل هذا الموقف سيبقي الحالة الفلسطينية حبيسة نظام الانقسام الذي شكل وما زال يشكل رافعة مشروع نتنياهو لتصفية القضية الفلسطينية، في وقت أن الإنجاز الوحيد الذي يُمكن أن نخرج به من هذه الحرب العدوانية وصمود شعبنا في مواجهتها، هو استعادة الكيانية الموحدة ومؤسساتها الوطنية الجامعة القادرة على استثمار التحولات الكونية، وتحويلها إلى مواقف وسياسات لعزل الاحتلال، وتمهيد الطريق للخلاص الوطني ودحر المحتلين واستعادة حقوق شعبنا الوطنية كافة.

إن الإجابة الشافية على هذه الأسئلة وغيرها هي برسم كل الوطنيين الفلسطينيين كي لا تذهب تضحيات شعبنا هدراً، وكي لا تصبح هذه الحرب استكمالاً لنكبة عام 1948.

ــــــــــــــــــ

شاهد | البث المباشر لقناة الغد

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]