جمال زقوت يكتب: مسؤوليتنا لإبقاء القضية الفلسطينية حجر زاوية السياسة العربية

جمال زقوت

القضية الأساسية التي تتصدر الأوضاع الشرق الأوسطية باتت تتمركز في الجهود الأمريكية المبذولة لاحتمالات تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، و يأتي ذلك في إطار حاجة إدارة بايدن لإنجازٍ قد يبقيه في البيت الأبيض. وفي سياق هذه الجهود يعود الحديث عن مكانة القضية الفلسطينية في السياسة السعودية إزاء دورها الإقليمي وشروطها إزاء متطلبات التطبيع التي باتت معلنة .

صحيفة الفاينانشيال تايمز كشفت عن أن السعودية تسعى للحصول على تنازلات من الولايات المتحدة، بما في ذلك ضمانات أمنية ودعم لبرنامج نووي مدني والحصول على أسلحة، مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل. كما نقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين سعوديين أن المملكة ستحتاج أيضًا إلى خطوة إيجابية كبيرة من إسرائيل تجاه الفلسطينيين، على الرغم من أنهم لم يوضحوا ما سيترتب على ذلك. وفق ما نقلت BBC عن فايننشال تايمز.

توماس فريدمان، كاتب العمود في صحيفة نيويورك تايمز، كتب بعد اجتماعه مع بايدن، «إن المطالب السعودية من إسرائيل يمكن أن تشمل وقف التوسع الاستيطاني، وتعهدًا بعدم ضم الضفة الغربية المحتلة».

 

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلته الشهيرة مع فوكس نيوز أكد أن المفاوضات حول هذا الأمر تتقدم يوميًّا، والسؤال هو ما الذي يتقدم حول مطالب السعودية من الولايات المتحدة لإنجاز التطبيع؟. إسرائيل التي ترى في هذا التطبيع إنجازها التاريخي الأهم بعد إنشاء إسرائيل والنكبة الفلسطينية عام 1948، أعلنت على لسان مستشار أمنها القومي تساحي هنغبي ردًا على سؤال حول التنازلات الإسرائيلية المحتملة، «إن إسرائيل لن تقبل بأي شيء يقوض أمنها». لكنه قال: «إن بلاده لن تقلق من احتمال تطوير السعودية قدرات نووية مدنية». ذلك في إشارة واضحة إلى أن إسرائيل ليست فقط ماضية في خطة الحسم والضم، وهو الأمر الذي أكده نتانياهو في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بإبرازه خارطة فلسطين باعتبارها خارطة إسرائيل الكاملة منذ العام 1948، بل وأيضًا فإن حديث هنغبي يحمل في طياته تحفظات إسرائيلية على تزويد السعودية بأسلحة متطورة تشمل طائرات  F35، التي تسعى السعودية لامتلاكها من الولايات المتحدة.

المملكة العربية السعودية هي صاحبة مبادرة السلام العربية، والسؤال هو إلى أي مدى يمكن للقيادة السعودية أن تظل متمسكة بهذه المبادرة، والتي جدد التأكيد عليها كل من وزير خارجيتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك السفير السعودي عند تقديم أوراق اعتماده للرئيس الفلسطيني في رام الله، وكيف للقيادة الفلسطينية أن تكون عونًا لها في ذلك؟ وهل يمكن للدبلوماسية السعودية تحقيق أي اختراق على هذا الصعيد، سيما في ظل حكومة العنصرية الفاشية بزعامة الثلاثي « نتانياهو – سموترتش – بن غفير»؟.

إدارة بايدن التي تقود مفاوضات التطبيع تعلن في كل مناسبة رفضها الاستيطان وخطة الضم، إلا أنها حتى اللحظة لم تتمكن من إلزام إسرائيل بوقفهما، بل هما يتمددان يوميًّا. صحيح أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة على وضع حد لسياسة التوسع الاستيطاني، الأمر الذي يشير إلى أنها لم تستخدم ثقلها بعد لتحقيق ذلك، أو أنها هي أيضًا لم تعد قادرة على إلزام إسرائيل به.

يبقى السؤال الأهم.. وهو كيف ستتصرف القيادة الفلسطينية في هذه العملية المتدحرجة؟.. فمن الواضح أن مكانة القيادة الفلسطينية على الصعيدين العربي والدولي، وكذلك على الصعيد الداخلي حيث الانقسام والعزلة الشعبية التي تعاني منها، هي أضعف من أن تكون لاعبًا مؤثرًا في اتجاهات المفاوضات الجارية رغم ما تظهره القيادة السعودية من حرص على تنسيق موقفها إزاء المكون الفلسطيني في مفاوضات التطبيع التي تقودها الولايات المتحدة. فتسليم القيادة الفلسطينية بأنها لا تتوقع إمكانية الحصول على اعتراف إسرائيلي بدولة فلسطينية في ظل الأوضاع الراهنة يشكل مؤشرًا خطيرًا يعفي حكومة الضم العنصرية من جوهر التعامل مع مبادرة السلام العربية، والتي باتت مكونًا من قرارات الشرعية الدولية، وتقوم على معادلة الاعتراف والتطبيع مقابل الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتوصل لحل عادل لقضية اللاجئين وفقاً للقرار 194.

صحيح أن القيادة الفلسطينية ليست في وضع يمكنها من التعارض مع المصالح السعودية، وهذا غير مطلوب على الأقل في ضوء نتائج سلوكها من اتفاقات التطبيع السابقة، ولكن بالتأكيد أن مبرر بقاء القيادة الفلسطينية ادعاء كونها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة يفرض عليها عدم التنازل في علاقاتها مع مختلف دول العالم عن المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة كما عَرَّفتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حقه في إنهاء الاحتلال وممارسة حقه في تقرير المصير، وأعتقد أن المملكة العربية السعودية ستحترم هذا الموقف من منطلق حرصها على القضية الفلسطينية ومكانتها العربية والإسلامية. ومن البديهي أن قدرة القيادة الفلسطينية على التمسك بهذا الموقف تفرض عليها استحقاقات باتت معلومة للقاصي والداني، وفي مقدمتها استعادة الوحدة واستنهاض قدرة الشعب الفلسطيني على رفض ومجابهة مخططات إسرائيل لتصفية قضيته وحقوقه الثابتة. وأن أي تأخير في تحقيق ذلك إنما يضع القيادة الفلسطينية في موضع المسؤولية التاريخية عن إمكانية نجاح إسرائيل في تحقيق مخططاتها، وفتح شهيتها للتقدم نحو محاولة تصفية الحقوق الفلسطينية. هذا على الصعيد الاستراتيجي، أما على الصعيد التكتيكي ولكشف نوايا إسرائيل الحقيقية فإن عشرات المطالب الفلسطينية يمكن إبرازها بالإضافة للتمسك الصارم بوقف شامل للاستيطان وتهويد القدس، بما يشمل، وضمن قضايا أخرى، إلزام إسرائيل بحق المقدسيين المشاركة في الانتخابات كما جرت في ثلاث مرات سابقة، وإعادة فتح بيت الشرق وباقي المؤسسات الفلسطينية في القدس، وفتح الممر الآمن بين الضفة والقطاع تأكيدًا على التمسك بوحدة الكيانية الفلسطينية وبإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة على حدود 1967، والتوقف عن اجتياحات المدن والبلدات الفلسطينية وارتكاب جرائم القتل على يد الجيش والمستوطنين، وإطلاق سراح الأسرى وإلغاء القيود الإسرائيلية على دفع السلطة الوطنية لمستحقاتهم أي نزع محاولات إسرائيل وسم نضالهم بالإرهاب، والتوقف عن قرصنة أموال المقاصة تحت هذه الذريعة أو غيرها، وإعادة الشرطة الفلسطينية على الجانب الفلسطيني من معبر جسر الملك حسين، وإعادة النظر باتفاقية باريس المجحفة، وبما يستجيب لاحتياجات بناء وتطوير الاقتصاد الوطني الفلسطيني، وقبل ذلك قبول إسرائيل والولايات المتحدة بعقد مؤتمر دولي للسلام على أساس الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية بهدف تطبيقها، وليس مجرد العودة لمفاوضات عبثية حول ما إذا كانت لدينا حقوق وطنية أم لا، أو ربط ذلك بالموافقة الإسرائيلية من عدمها كما جرى خلال العقود الثلاثة الماضية.

القضية الفلسطينية ما زالت تسكن في قلوب الشعوب العربية، إلا أن وحدة واستنهاض طاقات الشعب الفلسطيني لمواجهة المخططات العدوانية الإسرائيلية هي التي تجعل هذه القضية لدى الأشقاء العرب أكثر من مجرد مشاعر ساكنة.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]