جهنم الأرقام في لبنان.. حقائق تُشعل حرائق
كشف خبير مالي واقتصادي لبناني بارز، عن أخطر ملامح الواقع المعيشي في لبنان، تحت ضغط ما وصفه بـ «جهنم الأرقام في لبنان»، وهي حقائق تشعل حرائق، بحسب تعبيره، موضحا أن رفع الدعم عن المحروقات والجزء الأكبر من الأدوية والسلع المعيشية، يحتاج الى دراسات واحصاءات تفصيلية لكل السلع من مختلف الأنواع والأسعار، وبمعزل عن المبالغات أو المناقصات في التقدير وبما يؤدي الى إعطاء صورة دقيقة وربما خطيرة جدا عن الواقع الاستهلاكي ولا سيما المعيشي.
وقال الخبير الاقتصادي، ذو الفقار قبيسي، إن الإحصاءات التالية توضح بالأرقام التغيّرات في تكاليف بعض السلع المعيشية والخدماتية بعد رفع الدعم.
- عندما ارتفع سعر البنزين في شهر يونيو/ حزيران ٢٠٢١ من ٤٥ ألف ليرة الى ٧٠ ألف ليرة، ارتفعت تعرفة النقل (السرفيس) من ٤ آلاف الى ٨ آلاف ليرة. وبعد رفع الدعم سيرتفع سعر صفيحة البنزين الى ٣٨٠ ألف ليرة وسترتفع أجرة النقل (السرفيس) الى 50 ألف ليرة. أي أكثر من ثلاثة أضعاف بدل النقل الحالي البالغ ١٥ ألف ليرة بما لا يمكن تحمّله.
- سعر ربطة الخبز سيكون ١٠ آلاف ليرة وعندها لن يكون للمطاحن القدرة على العمل.
- على الصعيد الزراعي سترتفع كلفة الانتاج بسبب رفع الدعم عن المحروقات كتشغيل مولد الري وجرار الحراثة وكلفة النقل في الشاحنات من المناطق الزراعية الى المدن، ما يضطر المزارع الى رفع الأسعار لتعويض كلفة الانتاج العالية في وقت تنهار بالمقابل القوة الشرائية للرواتب والأجور.
- على صعيد الدواء حتى قبل الحديث عن رفع الدعم تقلص استيراده رغم صرف مصرف لبنان ملايين الدولارات لشركات استيراد الأدوية وشركات استيراد المستلزمات الطبية، ومع ذلك الأسواق فارغة منها إلا النزر القليل الذي سيتضاءل بدوره، وتدخل عندها الأسعار المرتفعة باستمرار في غياهب السوق السوداء.
- وفي نموذج آخر على سبيل المثال هو أوضاع العمال في مرفأ بيروت الذين يتقاضون ٣٣ ألف ليرة بدل يومي، لن يكون بمقدورهم الذهاب الى عملهم إلا ببدلات إضافية يومية تزيد في أعباء المرفا الواقع أصلا في تراجع واردات بسبب عوامل إدارية وتقنية حتى قبل الانفجار المروّع فكيف بعده وبعد رفع الدعم عن البنزين وعن المازوت الذي يشكّل مادة أساسية في أعمال مرفأ بيروت.
- ويمكن تطبيق هذه المقاييس نفسها على وضع القوى الأمنية أو أي عسكري أو أي موظف وعامل في القطاع العام أو الخاص، سيكون عند ارتفاع أجرة (السرفيس) بعد رفع الدعم الى ٥٠ ألف ليرة، محتاجا الى ١٠٠ ألف ليرة ذهابا وإيابا يوميا أو ما يعادل عن ٢٦ يوم عمل، نحو 2,6 مليون ليرة شهريا، إضافة الى كلفة الـ٥ أمبير كهرباء لن تقل بعد رفع الدعم عن 2,5 مليون ليرة شهريا، أي الى ما مجموعه 5,1 مليون ليرة كل شهر كلفة نقل وكهرباء فقط. ناهيك عن كلفة الأكل والماء والسكن والصحة والتعليم والصيانة وباقي الخدمات.
- علما ان كلفة الطعام وحدها لأسرة من ٥ أشخاص لن تقل عن ٥ ملايين ليرة شهريا إذا أضيفت وحدها الى كلفة النقل والكهرباء لبلغ المجموع نحو ١٠ ملايين ليرة شهريا، وذلك دون احتساب تكاليف السكن والصحة الى التعليم والصيانة وباقي الخدمات والمواد من الغاز والمازوت الى الصيانة وأدوات التنظيف!
- وفي قطاع البناء سعر طن الأسمنت كان على أساس سعر الدولار بـ١١ ألف ليرة، ومع وصول سعر الدولار الى ٢٠ ألف ليرة، وكافة المواد الأولية تحتسب بالدولار، سيصبح سعر الطن مليون و١٠٠ ألف ليرة يضاف إليه الـV.A وكلفة النقل فيصبح السعر مليون و٤٠٠ ألف ليرة.
وهذا الواقع المروع الذي وصفته «الأسكوا» ـ لا سيما بعد رفع الدعم ـ بأنه سيكون حال ثلاثة أرباع اللبنانيين، وستستدعي مواجهته رفع الحد الأدنى للأجور الى ما يقل عن ٨ ملايين الى ١٠ ملايين ليرة لبنانية (بين ٤٠٠ و٥٠٠ دولار شهريا بسعر الصرف في السوق الموازية).