التقدم السريع الذي حققته حركة طالبان ونجاحها في السيطرة دون عناء على أفغانستان، كشفا عن مدى فشل الولايات المتحدة في تحويل الجيش الأفغاني إلى قوة قتالية قوية، فلماذا فشل الجيش الأفغاني في التصدي لطالبان وما مقوماته من حيث العدد والعدة؟.
وصنفت مجلة جلوبال فايرباور المختصة في الشؤون العسكرية الجيش الأفغاني في المرتبة 75 من بين أقوى 140 جيشا في العالم، وفقا لإحصائيات العام الحالي 2021.
ووفقا لتقرير نشرته مجلة نيويورك تايمز الأمريكية، يصل عدد قوات الجيش الأفغاني إلى 325 ألف مقاتل، منهم 186 ألف مقاتل كقوات عاملة ويسمون محليا بقوات الباشتو فضلا عن 139 ألف شخص كقوات شبه عسكرية، علما بأنه لا توجد للجيش الأفغاني قوات احتياط.
وينقسم الجيش الأفغاني إلى 7 فيالق تنتشر في أرجاء البلاد، أهمها الفيلق 201 في كابول و205 في قندهار و209 في مزار شريف، ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، بلغ إجمالي الإنفاق العسكري في أفغانستان منذ أكتوبر 2001 حتى سبتمبر 2019، ما قيمته 778 مليار دولار أمريكي، أنفق منها على الجيش الأفغاني مباشرة أكثر من 83 مليارا بهدف تسليحه وتدريبه على مدى عقدين من الزمن.
ويمتلك الجيش الأفغاني 23000 مركبة مختلفة الأنواع، إضافة إلى 145 طائرة حربية و21 طائرة هليكوبتر وفق تقرير لنيويورك تايمز، لكن مراقبين يرون أن القدرات العسكرية أيًا ما كانت والتدريب القتالي أيًا ما كان هما عنصران لا يضمنان وحدهما بناء جيش وطني متماسك، فالعنصر الغائب في الجيش الأفغاني هو العنصر الأساسي في أي جيش، وهو عنصر العقيدة القتالية.
أوامر بعدم مواجهة طالبان
في السياق، قال مراسل الغد من العاصمة كابول، إن حركة طالبان سيطرت على أسلحة الجيش الأفغاني، وهو ما اعترفت به أفغانستان والولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف مراسلنا خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أن القوات الأفغانية أمرت بعدم التصدي لمقاتلي طالبان، وبحسب خبراء فإن أمريكا أدركت مؤخرا أن طالبان قدرة يجب ألا تهمش.
كما أوضح مراسلنا أن أمريكا أرادت الانسحاب من أفغانستان وتسلم حركة طالبان زماما الأمور، مشيرا إلى أن القوات الأفغانية أمرت بتسليم البلاد من دون مواجهة، واعترفت طالبان بأن كابول سقطت من دون قتال.
روسيا وطالبان
من جانبه، قال الباحث في شؤون الشرق الأوسط، أندريه مورتازين، إن دخول حركة طالبان إلى العاصمة كابول متوقع، لكن الروس والأمريكان كانوا يرجحون أن العملية ستأخذ وقتا أكبر مما جرى.
وأضاف مورتازين أن روسيا تسعى للتعامل مع طالبان رغم أنها محظورة منذ العام 2003، ولم يتم إجلاء الدبلوماسيين الروس من كابول، مشيرا إلى أن السفير الروسي سيلتقي مع ممثلي طالبان الإثنين.
وأوضح مورتازين، أن روسيا تأمل استقرار الأوضاع في أفغانستان لكنها تعلم أنها لن تستفيد كثيرا من التعامل مع طالبان.
وتابع مورتازين: “الاتحاد السوفيتي خسر في الحرب على أفغانستان عام 1979 أكثر بكثير من الولايات المتحدة الأمريكية”.
إستراتيجية طالبان الجديدة
ومن إسلام أباد قالت الدكتورة لبنى فرح خان الكاتبة والباحثة السياسية، إن حركة طالبان تغيرت كثيرا عما كانت عليه قديما في التسعينيات، موضحة أنها دخلت البلاد من دون إراقة دماء.
وأضافت أن طالبان تغيرت إستراتيجيا وعقليا وتعليميا، مستبعدة أن تساعد الحركات الإرهابية وتعود لأفعالها السابقة، فلذلك لن تكرر خطأ الماضي، وستتبنى استراتيجية جديدة شبه سلمية مع أبناء المجتمع.
كما أوضحت أن حركة طالبان ستعمل على تطوير أفغانستان وإصلاحها لا على الإفساد كما كان يحصل في الماضي.
سوء تقدير
ومن جنيف يرى الدكتور حسني عبيدي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف، أن الجيش الأمريكي وحلف شمال الأطلسي لم يستطيعوا بناء جيش أفغاني قوي، موضحا أن هناك تذبذبا في التصريحات الأمريكية بشأن الانسحاب من أفغاسنتان.
وأضاف عبيدي: “سوء التقدير ليس فقط من قبل الداخل بل من الخارج أيضا لأن القوات الأمريكية الأجنبية قبلت بمغادرة البلاد لذلك تلاشت عقيدة الجيش الأفغاني داخليا”.
لم نحرز تقدما
وقال لورانس كورب مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، إن الولايات المتحدة الأمريكية أنفقت أموالا طائلة في أفغانستان ووجدنا انهيارا دون إحراز تقدم على حركة طالبان.
وأضاف لورانس كورب أن الكثير من الأمريكيين لم يعرفوا قضايا الفساد حول الحرب في أفغانستان، وتابع قائلا: “كنا نعلم أن هناك فسادا في الحكومة لكن الجديد هو أننا وجدنا فسادا في مؤسسة الجيش الأفغاني”.
وأكمل: “القادة العسكريون في أفغانستان لم تكن لديهم القدرة لوقف تمدد حركة طالبان لذلك حققت الحركة هذا الانتصار”.
ويعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعا طارئا بشأن أفغانستان صباح الإثنين بناء على طلب من إستونيا والنرويج.
وقال دبلوماسيون بالمجلس اليوم الأحد إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش سيطلع أعضاء المجلس على أحدث التطورات، في أعقاب سيطرة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول.
ويوم الجمعة حث الأمين العام للمنظمة الدولية حركة طالبان على وقف هجومها بشكل فوري في أفغانستان والتفاوض “بحسن نية” لتجنب حرب أهلية طويلة الأمد.
وأعرب عن انزعاجه البالغ من المؤشرات السابقة على أن حركة طالبان تفرض قيودا صارمة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تستهدف بشكل خاص النساء والصحفيين.
وقال نائب سفير إستونيا لدى الأمم المتحدة أندريه ليباند إن اجتماع المجلس يهدف إلى “مناقشة إمكانيات تجنب التصعيد”.
وأضاف في بيان الأحد “إستونيا تدعو جميع الأطراف إلى التوصل لحل سلمي”.
وكان أعضاء المجلس يدرسون إصدار بيان رئاسي مقترح- تجاوزته الأحداث الآن- والذي كان من المفترض أن يحث على وقف فوري لهجوم طالبان.
وكان من المفترض أن يحذر أيضا من أن أقوى هيئة في الأمم المتحدة لن تدعم أي حكومة في أفغانستان يتم فرضها بالقوة العسكرية، أو عودة إمارة طالبان الإسلامية التي حكمت البلاد خلال الفترة من 1996 حتى 2001.
وكانت طالبان قد أعلنت سيطرتها على قصر الرئاسة، مؤكدة أنه لن يكون هناك أي حكومة انتقالية في أفغانستان.
وقد أكدت الخارجية الأفغانية أن الرئيس أشرف غني غادر أفغانستان لكن لا يُعرف البلد الذي وصل إليه.
