حافظ البرغوثي يكتب: الإعلام الأمريكي الأحول
لفت نظري ظهور العلم الاسرائيلي بيد أحد المقتحمين لمبنى الكابيتول في واشنطن ولم تعلق وسائل الإعلام الأمريكية على المشهد.
لكن بعد أيام جرى اعتقال أمريكي شوهد وهو يرفع علم الكونفدرالية الجنوبية في الاقتحام كما جرى اعتقال رجل يميني متطرف كان يرتدي قميصا يمجد معسكر الاعتقال النازي اوشيفتس.
وركزت قناة” سي إن إن “على الأمر واستضافت كبير معلقيها الإخباريين وهو يهودي كان أهله من ضحايا النازي في معسكر الاعتقال، السؤال هو هل الإسرائيلي اليميني الذي خرج لدعم ترامب يختلف عن اليمينيين الأمريكيين أم أنهم من ملة عنصرية واحدة ! ولماذا تحاشت القنوات الأمريكية تسليط الضوء عليه ولماذا لم يتم اعتقاله كغيره من الغوغاء ال
الأمريكيين أم أن الإعلام أحول.
الهجمات التي تعرضت لها معابد يهودية في أمريكا نفذها متطرفون يمينيون من البيض وهم يعتبرون اليهود من خارج العرق الأبيض ويعتبرون الملياردير اليهودي جورج ساوروس صاحب مؤامرة تتحكم بالعالم مثلما كانت عائلة روتشيلد من قبل.
ويؤمن معتنقو نظرية تفوق العرق الأبيض أن البيض هم أبناء الرب وغيرهم لا، وهي النظرية نفسها التي يؤمن بها اليهود المتطرفون من أنهم أبناء الرب وغيرهم من الأغيار خلقوا لخدمة اليهود، فالتطرف ينسب لنفسه الخير ويتهم غيره بالشر كما نرى.
وحتى المتطرفين المسيحيين الإنجيليين الصهاينة وهم الرافعة الانتخابية لترامب يؤمنون أن الخلاص سيكون على يد المسيح المنتظر الذي سيظهر بعد قيام دولة إسرائيل وبناء الهيكل وعندها سيذبح اليهود أن لم يتبعوه، وللغرابة أن اليهود يعتقدون أن المسياح اليهودي المنتظر كما يسمونه سيأتي ويبني الهيكل ويكون ملك إسرائيل ويذبج الأغيار من غير اليهود؟ ورغم إن ترامب في نظرهم فاسق وماجن إلا أن اتباع الكنيسة الإنجيلية الصهيونية يعتقدون أن الرب أرسله لتنفيذ معتقداتهم رغم عدم إيمانه، وهي النظرة نفسها للمتطرفين اليهود المتدينين الذين يعتقدون أن نتنياهو علماني فاسد لكنهم راضون عنه لأنه ينفذ رغباتهم ومطالبهم.
وقد فاخر ترامب في أواخر عهده أنه لبى كل مطالب إسرائيل ألا أن الصوت اليهودي في أغلبيته ذهب لصالح منافسه جو بايدن رغم إحاطة ترامب نفسه بمساعدين يهود وحصوله على دعم سخي من الملياردير اليهودي الذي توفي مؤخرا شيلدون ادلسون.
واليهود الأمريكيون تاريخيا هم من أنصار الحزب الديمقراطي الأكثر اعتدالا في سياساته وأغلبهم يعي خطر اليمين الأمريكي الأبيض لأن الجماعات العنصرية البيضاء تناصبهم العداء وتدعو لإبادتهم في النهاية مثلهم مثل السود واللاتينيين مثلما ابيد الهنود الحمر.