حافظ البرغوثي يكتب: الحرب العالمية لن يشهدها أحد

حافظ البرغوثي

الحرب لم تبدأ بعد في أوكرانيا، لأنها ربما ستتدحرج إلى حرب عالمية لاحقا إذا لم يتم وضع حل سريع لوقفها. لتبسيط الأمر يخطيء من يظن أن الغرب لم يكن مستعدا للهجوم الروسي، فالتساهل الأمريكي والتأكيد على أن واشنطن ليست مستعدة لخوض الحرب في أوكرانيا يشبه ما قاله الأمريكيون للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، من أنهم لن يتدخلوا في النزاع الحدودي مع الكويت حول حقل نفطي لأنه خلاف بين دولتين عربيتين ولا شأن لهم به، وما ظنه صدام ضوءًا أخضر لغزو الكويت كان استدراجا نحو فخ نُصب له. وفي الحالة الأوكرانية تكرر المشهد نفسه.

وقد ساهم الأمريكيون والبريطانيون في تشدد موقف أوكرانيا بشأن المطالب الروسية، وهي مشروعة دوليا، لجر روسيا إلى الحرب. ربما كان هناك في الغرف المظلمة حيث توجد حكومة عالمية خفية تضم كبار الاحتكاريات الصناعية والمالية والعسكرية ومصاصي الدماء والأموال والثروات، وتحرك السياسات الدولية الغربية والجيوش والأساطيل والأموال والبورصات، وتسيطر على الإعلام، هذه الغرف المظلمة قررت إعادة تقزيم الدب الروسي ليكون أمثولة لجاره التنين الصيني، لتبقى الهيمنة  للجنس الآري الأبيض الأوروبي الفاحم البياض. فالحروب العالمية السابقة كانت نتاج أزمة ركود اقتصادي ومالي، والكساد العالمي كاد يودي باقتصاديات الغرب في حينه، فكانت الحرب حلا للتدمير الشامل وإعادة بناء نظام دولي سياسي واقتصادي جديد، ولاحقا كانت حرب فيتنام مشروعًا أمريكيًا لإرضاء الشركات الصانعة للسلاح ليس إلا.

الأزمة المالية العالمية سنة 2008 نجا منها العالم بأعجوبة ضخ أموال وهمية، أي طباعة أوراق نقدية غير مغطاة للصرف، وجاءت أزمة كورونا لتزيد الأمر سوءًا، ولم يستطع الاقتصاد العالمي الانتعاش بعد من آثار كورونا، وبالتالي بات الظلاميون المتخمون المستترون الذين يخططون للعالم على مزاجهم الرأسمالي المتوحش يرون في حرب ما سبيلا لتصفير الوضع. فالحروب العربية الداخلية التي نماها الغرب باسم الربيع العربي  وتدخل فيها عسكريا بحجج مفبركة أكلت موارد دول عربية كثيرة ودمرت دولا وهجرت الملايين، فالشرق العربي سقط بسهولة أو اسقط نفسه مثل إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وبقي الشرق الروسي والصيني فاختاروا أوكرانيا  كطعم للإيقاع بروسيا لمرحلة جديدة ترهق روسيا، بل قد تدمرها مع أوكرانيا وتضعف أوروبا في مواجهة الأميركيين.

وإذا كان سيناريو غزو العراق وما رافقه من أكاذيب وتزوير وكذب علني من قبل قادة أميركيين وأوروبيين حول أسلحة الدمار الشامل يتكررلإشعال الحرب، فإن السيناريو السوري يصلح لإدامتها لتكون حرب استنزاف لروسيا وأوروبا بعيدا عن أمريكا. فالاستقبال الحار من قبل أوروبا الغربية للاجئين الأوكران وتوفير احتياجاتهم فورا يشبه الاستقبال الحار من قبل الحكومة التركية للاجئين السوريين، حيث وفرت لهم مساكن ومخيمات ورعاية صحية وطعاما ومنحة مالية، ما أغرى الكثيرين على اللجوء إلى تركيا، خاصة وأنها كان لها هدف الانخراط والمشاركة في تقرير المستقبل السوري في حينه.

الآن الأوكران يتدفقون نحو أوروبا الغربية، وقد يصل عددهم إلى بضعة ملايين أو أكثر، مع أن الحرب ليست كما كانت في سوريا من حيث وحشية  الحرب من طرفي القتال. وقد فتح ملف مرتزقة الجماعات المتطرفة المعارضة الذين تم تجميعم من شتى بقاع الأرض ومن السجون من قبل أجهزة المخابرات الغربية، وتم إدخالهم إلى سوريا ليمارسوا القتل والنهب والسلب والاغتصاب. وتحاول دول غربية تكرار السيناريو نفسه بتجنيد متطوعين أوروبيين للقتال في أوكرانيا، بل سيتم تجنيد مرتزقة من دول اخرى. فالأوروبيون ليسوا مستعدين للتطوع إلا قليلا. وبالطبع فإن أغلب هؤلاء من النازيين الجدد الذين لهم امتداد في أوكرانيا، ولهم احزاب رسمية في كل دول أوروبا، وبالتالي استبدلوا العدو اليهودي وغير الآري كما كان في السابق بالعدو الروسي، ولعل المعاملة العنصرية للعرب والأفارقة على الحدود الأوروبية تشير إلى النازية الكامنة في أوروبا. فالإعلام الغربي غذى الحرب بأفلام وأكاذيب كثيرة، بينها صور قديمة للقصف والدمار وإحداها قصف إسرائيلي لغزة، ولولا أن العراقيين والسوريين والفلسطينيين ليسوا من ذوي العيون الزرقاء لاستعانت آلة الكذب بصور المجازر الأمريكية في سوريا والعراق والإسرائيلية في فلسطين وعرضها كضحايا في أوكرانيا. بينما تولى السياسيون عزف مقطوعة حرب إبادة ضد الشعب الأوكراني، لكن الوقائع الدولية تتحدث عن بضع مئات من المدنيين القتلى. وأعاد المتحدثون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الإشارة إلى القانون الدولي ورفض الاعتداء على دول أخرى أو ضم أراضيها، وتجاهلوا أنهم لم يفعلوا شيئا أمام السياسة العنصرية الإسرائيلية، حتى سويسرا التي كانت على الحياد في الحرب العالمية الثانية وجدناها تنحاز ضد روسيا. أما المحكمة الجزائية الدولية فسارعت إلى فتح تحقيق في جرائم حرب روسية مع أنها لم تحدث بعد، بينما ما زالت منذ سنوات تواجه عراقيل أوروبية وأمريكية للتحقيق في جرائم الحرب المثبتة ضد إسرائيل. وفي الرياضة كان محظورا اقحامها في الملاعب، وكان نادي سيلتيك الاسكتنلدي يغرم سنويا لأن مشجعيه يرفعون العلم الفلسطيني، أما الآن فبات مفروضا رفع العلم الأوكراني.

الحرب إن لم يوضع لها حل سريع فإنها ستتسع عبر الحدود الأوروبية والروسية وستعمل على شق العالم إلى نصفين، شرقي وغربي، مع ما يحمله ذلك من خطر الحرب النووية التي ستنتهي عندما لا يكون هناك أحد.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]