حافظ البرغوثي يكتب: مشايخ وعمائم التكفير وقطع الرقاب
احتج زميل لبناني على فيديو لرجل معمم يفتي في كل شيء طالما أن عمامته على رأسه بدل حذائه. فالمعمم يقول إن كل من تخرج من جامعة السوربون كافر وزنديق. وزميلنا وجد نفسه متهم بالكفر والزندقة لأنه تخرج من السوربون وليس من عتبة المعمم الذي يبث الجهل في مجالسه على العامة فيزيدهم جهلا. وهذا ذكرني بموقف مماثل وقع مع العبد الفقير لله قبل سنوات حيث طلب مني احد الزملاء ان ارافق طاقما فرنسيا جاء ليصور كنيسة من أقدم الكنائس في قرية عابود غرب رام الله، ولأن قريتي مجاورة فقد تطوعت لمرافقتهم وانتظرتهم صباح يوم جمعة، وأخذتهم إلى منزل صديق لي في عابود وهو مسيحي حيث هنأته بعيد الميلاد في ذلك اليوم ورأس السنة ، وتناولنا القهوة ثم توجهنا الى تلة مطلة على السهل الساحلي عليها اطلال كنيسة سانتا باربرة الأقدم في المنطقة . فالكنيسة عبارة عن أطلال بقيت منها حجرة لكن قوات الاحتلال نسفتها في الانتفاضة الثانية فأمر الرئيس الراحل ابو عمار بإعادة بناء الحجرة . وبعد الجولة عدت إلى قريتي لصلاة الجمعة وإذ بالخطيب يبدأ خطبته بتحريم تهنئة المسيحيين في أعيادهم أو المشاركة فيها أو مشاهدتها على التلفزيون، واستطرد يقول إن كل من يقدم التهنئة فهو كافر ، فقلت في نفسي ها قد كفرني الخطيب ، واستطرد يقول في خطبته إن رجلا من بني إسرائيل عاش 600 سنة قضاها ناسكا متعبدا ولما مات وذهب الى باب الحساب قيل له لولا رحمة الله لما دخلت الجنة ! فكدت اقول للمصلين قوموا ياجماعة فجهنم بانتظارنا حسب قول الخطيب. وقلت في نفسي إذا كانت صلاة 600 سنة لا تكفي فكيف بخلق الله الذين يعيشون أقل من سبعين! ثم لماذا الناسك من بني إسرائيل ومن أين أتى الخطيب بهذه الرواية !
وعندما انتهت الصلاة قلت لمن حولي دخلت مسلما وخرجت كافرا ومعي أبوعمار حسب الخطيب ، فقد هنأت مسيحيين وهو كان يشارك في أعيادهم وبنى حجرة في كنيسة.
في الجمعة التالية جاء خطيب آخر أظنه كان سمع بخطبة الشيخ الذي سبقه فبدأ يتحدث عن أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يهنيء المسيحيين واليهود في أعيادهم وكأن الخطيب يرد على من سبقه. لكنه بعد ذلك ادخلنا جهنم وهددنا بقطع الرقاب. فقد قال ان المتخلف عن صلاة الفجر في المسجد لثلاثة أيام يستتاب فإن لم يتب وجب قطع رأسه. تعجبت من هذه التخريجات والتكفير بسهولة وقطع الرقاب بسهولة اكثر . فمن اين يستقي هؤلاء الدين!
ذات سنة كنت أسمع رجلا شبه امي يروي روايات دينية غريبة وينسبها للاسلام وكنت احتار في مصدرها الى ان سرد قصة سبق قرأتها في التوراة فمررت ببيته وناديته فقلت له من اين تأتي بهذه القصص ! فقال من كتب دينية ورثتها عن خالي الشيخ. فطلبت منه إحضارها فذهب وجاء بها فإذ بها كتاب العهد القديم اي التوراة وكتاب العهد الجديد الإنجيل فقلت له هذه ليست اسلامية فلا تروي ما فيها نسبة للإسلام فذهب وعاد بدفتر قديم مكتوب بحبر أسود ورقه أصفر وبعد تصفحه فهمت ان من كتبه يحاول ان ينفي الوهية المسيح عليه السلام باقتباس فقرات من التوراة والإنجيل لتأكيد كلامه . وكان خاله شيخا وإماما كفيف البصر وذكي جدا ويقول الشعر ، ويبدو أن أحدا ما كان يقرأ له التوراة والإنجيل وهو يملي عليه فيكتب واختتم دفتره بقصيدة على البحر الكامل من 198 بيتا في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم لكنني لم اعرف من كان يكتب له؟