في الثانية من ظهر يوم السادس من أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973، بدأ أكثر من ألفي مدفع ثقيل قصفه لمواقع العدو في نفس اللحظة التي عبرت فيها سماء القناة مائتان وثمان طائرات تشكل القوة الجوية المكلفة بالضربة الجوية الأولى التي أصابت مراكز القيادة والسيطرة الإسرائيلية بالشلل التام.
وفى نفس الوقت كان آلاف المقاتلين بدؤوا النزول إلى مياه القناة واعتلاء القوارب المطاطية والتحرك تحت لهيب النيران نحو الشاطئ الشرقي للقناة، بعد ذلك بدأت عمليات نصب الكباري بواسطة سلاح المهندسين، وتحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
الطريق المصري إلى نصر أكتوبر بدأ خلال أسبوع واحد فقط من هزيمة 1967
وكانت حرب الإستنزاف وحائط الصواريخ، «كلمة السر» في نصر أكتوبر.. وبدأت حرب «الألف يوم»، كما أطلق عليها بعض الإسرائيليين، أو «حرب الاستنزاف» كما اطلق عليها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية صوب مدينة بور فؤاد بهدف احتلالها يوم 1 يوليو/ تموز، 1967 ( بعد ثلاثة أسابيع تقريبا من النكسة)، فتصدت لها قوة من الصاعقة المصرية بنجاح فيما عرف بمعركة «رأس العش»، وتكبدت إسرائيل أول هزيمة وخسائر «موجعة»..ثم تصاعدت العمليات العسكرية خلال أطول حرب استنزاف في العالم، استمرت 3 سنوات.
أول مواجهة حقيقة في «رأس العش»
سلسلة من العمليات العسكرية الناجحة بعد أيام فقط من النكسة، فتحت الطريق للمواجهة الحاسمة في 6 أكتوبر 1973، بعد أن دخل الجندي المصري في مواجهات مباشرة مع القوات الإسرائيلية،حدث هذا في معركة رأس العش، في الساعات الأولى من صباح 1 يوليو/ تموز 1967، وكانت المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب يونيو/ حزيران 1967.. وعندما وصلت القوات الإسرائيلية إلى منطقة رأس العش جنوب بورفؤاد، وجدت قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة المصرية قوامها 30 مقاتلًا مزودين بالأسلحة الخفيفة، وفي حين كانت القوة الإسرائيلية تتكون من عشر دبابات مدعمة بقوة مشاة ميكانيكية في عربات نصف مجنزرة، وفوجئت القوة الإسرائيلية بالمقاومة العنيفة للقوات المصرية التي أنزلت بها خسائر كبيرة في المعدات والأفراد أجبرتها على التراجع جنوبا، وعاود جيش الاحتلال الهجوم مرة أخرى، إلا أنه فشل في اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف من الجنب، وكانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف المجنزرة وزيادة خسائر الأفراد، وانسحبت القوات الإسرائيلية بعد صدمة الهزيمة غير المتوقعة بعد ثلاثة أسابيع من النكسة.
إغراق المدمرة البحرية الإسرائيلية «إيلات»
وبعد أربعة شهور تقريبا، قامت القوات البحرية بإغراق المدمرة البحرية الإسرائيلية إيلات، وهي من طراز HMS Zealous R39 في البحر الأبيض المتوسط، أمام مدينة بورسعيد في 21 أكتوبر/ تشرين أول 1967 وكانت إيلات، بدأت في العربدة داخل المياه الإقليمية المصرية ليلة 21 أكتوبر/تشرين الأول في تحد سافر..وعملية إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات بواسطة 4 صواريخ بحريه سطح/ سطح، كانت هي الأولى من نوعها في تاريخ الحروب البحرية، وبداية مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأسلحة البحرية و استراتيجيات القتال البحري في العالم، فقد تم في هذه العملية تدمير مدمرة حربية كبيرة بلنش صواريخ للمرة الأولى في التاريخ..
وهي عملية مختلفة تماماً عن الثلاث عمليات الأخرى بالهجوم علي ميناء إيلات، والتي تم فيها إغراق 4 سفن نواقل وتفجير الرصيف الحربي للميناء.
تدمير الغواصة الإسرائيلية «داكار»
وبعد 19 يوما فقط ،وحين سلمت البحرية البريطانية، الغواصة الحديثة «داكار» لإسرائيل، وعند مقربة من الحدود المصرية الغربية، صدرت أوامر، يوم 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 1967 لقائد الغواصة بالتجسس علي أحواض لنشات الصواريخ المصرية بمقر قيادة القوات البحرية المصرية بالإسكندرية، وتلقت هيئة عمليات القوات البحرية من عدة قطع بحرية، تفيد بأن هناك صوت يبدو وكأنها غواصة تقترب من حدود مصر الإقليمية، وبسرعة اتخذ القرار بالهجوم ، وبدأت المدمرات بإلقاء القذائف واحدة تلو الأخري وبأعداد كبيرة، حتى صدرت أوامر مباشر من قائد الغواصة الإسرائيلية بالنزول الي أقصي عمق ممكن لتفادي الصدمة الانفجارية التي يمكن وحدها أن تؤدي الي تدمير المعدات الإلكترونية داخل الغواصة، وبعد عدة ساعات شوهدت بقع زيتية ومخلفات تطفو علي سطح المياه ما قطع الشك باليقين ان الغواصة قد قضي عليها.
وفي العام 1989 طلبت إسرائيل من مصر السماح لها بالبحث عن حطام الغواصة داكار، وطاقمها المكون من 69 بَحارا أمام سواحل مدينة الإسكندرية.