حرب المخدرات تتمدد في البحر
حذر خبير بحري أمريكي، من اتساع نطاق حرب المخدرات في البحر، مع المنهج الجديد لدى المهربين، والذي يتمثل في الإكثار من الشحنات، والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، لتخلق «أزمة خطيرة» بكل ما في التعبير من معنى؛ والمساعدة على إنهائها تبدأ من البحر، بالمزيد من العمليات العسكرية الكبرى ، وزيادة التغطية الواسعة النطاق في منطقة البحر الكاريبي وخارجها، والتي لا يمكن توفيرها إلا من قبل كيانات متعددة.
وقال جيمس ستافريديس ـ أميرال بحري متقاعد بالبحرية الأميركية وقائد عسكري سابق لحلف الناتو وعميد كلية فليتشر للحقوق والدبلوماسية بجامعة تافتس ـ لقد ضبطت قوات حرس السواحل الأمريكية، في ميناء فلوريدا، ما قيمته 1.4 مليار دولار من الكوكايين والماريجوانا من البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادي. وتحتوي هذه الشحنة، على ما يقرب من 60 ألف رطل من الكوكايين فقط.
- كلا، هي ليست نسخة جديدة من فيلم «ميامي فايس» – لقد حدث ذلك فعلاً مؤخراً.
من الذي يدفع بشحنات ضخمة من المخدرات في البحر
وأضاف: تم ضبط شحنات ضخمة من المخدرات في البحر على طريقها إلى الولايات المتحدة وأوروبا.. وفي عام 2019، صعّدت السلطات الأميركية على متن «غايان»، وهي سفينة حاويات يبلغ طولها 1000 قدم مسجلة في ليبيريا، أثناء دخولها المحطة البحرية في فيلادلفيا بعد رحلة طولها 9300 ميل من تشيلي. وأسفرت الغارة عن ضبط 40 ألف رطل من الكوكايين بقيمة 1.3 مليار دولار.
- هذه الأرقام لافتة للأنظار، حتى بالنسبة لأولئك الذين شاركوا في عمليات الاعتراض القانوني.. ولكن من الذي يدفع بشحنات ضخمة من المخدرات، وكيف سوف تتعامل السلطات الأمريكية معها؟
التواصل بين بلدان أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا
وتابع «جيمس ستافريديس»: في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما توليت رئاسة القيادة الجنوبية للولايات المتحدة (التي تتحمل المسؤولية العسكرية عن نصف الكرة الغربي في جنوب الولايات المتحدة)، كانت إحدى جواهر التاج لدينا هي قوة العمل المشتركة بين الوكالات في الجنوب. يقع مقرها في «كي ويست» بولاية فلوريدا، وتدور حول مشاركة من الحكومة الأمريكية بأكملها بقيادة حرس السواحل ولكن بدعم كبير من وزارة الدفاع، ووزارة العدل، وإدارة مكافحة المخدرات، وإدارة الجمارك، ودوريات الحدود، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الاستخبارات المركزية. وترفرف أعلام 20 دولة أخرى أمام مقر «كي ويست»، الذي يمثل جهود التواصل بين بلدان أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا.
تعزيز قدرات عصابات المخدرات
وعلى مر السنين، عزز المتاجرون الذين ينقلون الكوكايين من منطقة الإنتاج – ولا سيما كولومبيا وإكوادور وشمال بيرو – من جهودهم، وكأي نشاط تجاري مزدهر، رفعوا من قدراتها إلى حد كبير. وفي العقود السابقة، كانوا يستخدمون الكثير من الرحلات القصيرة على متن طائرات خفيفة وزوارق فائقة السرعة، بل وأشباه الغواصات. وقمنا بالاستيلاء على واحدة من هذه الأخيرة (يشار إليه عادة في الأخبار الصحفية، بشكل غير صحيح، على أنها غواصات)، وكانت تحمل 10 أطنان من الكوكايين، ووضعناه على العشب أمام مقر القيادة الجنوبية في ميامي للاحتفاء بالنجاح الكبير.
مشكلة الإبرة في كومة القش
وفي حين أن هذه الأنواع من العمليات مستمرة، فإن الحركة تتجه نحو مفاهيم صناعية أكثر للنقل، حيث يتم تخزين شحنات أكبر بكثير في سفن حاويات ضخمة متجهة إلى الولايات المتحدة وأوروبا. ومع وجود أكثر من 5000 سفينة شحن رئيسية في جميع أنحاء العالم تنقل 25 مليون حاوية (تعرف تقنياً باسم «الوحدات المكافئة ذات الـ20 قدماً») – و11 مليون حاوية تصل سنوياً إلى الولايات المتحدة وحدها – فإن تحديد مكان الحاويات التي تحمل المخدرات هي مشكلة الإبرة في كومة القش.
- وللتعامل مع المنهج الجديد لدى المهربين، والذي يتمثل في الإكثار من الشحنات، تحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى تحديث الاستراتيجيات والتكتيكات لديهم.
على الصعيد الاستراتيجي، يتعين على الجميع إدراك أن المشكلة لا يمكن حلها عبر عمليات ضبط شحنات المخدرات الهائلة فقط. بل تتطلب منهجاً من ثلاثة أجزاء: العمل مع الدول الشريكة في أمريكا الجنوبية للحد من جانب العرض، من خلال تدمير المحاصيل وتشجيع المزارعين على زراعة محاصيل مختلفة؛ وشن حملات الاعتراض الأكثر تعقيداً التي تزيد من التكاليف التي يتحملها أباطرة المخدرات؛ ثم — وقبل كل شيء — تخفيض الطلب في السوق في الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى.
أزمة عصية على الحل
وأضاف الخبير البحري والقائد العسكري الأمريكي، «جيمس ستافريديس» في مقال نشرته وكالة «بلومبرغ» الأمريكية وبالاتفاق مع صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: لقد قال الأدميرال كريغ فالر، الرئيس الحالي للقيادة الجنوبية، للكونغرس «هذه المنطقة مجاورة لنا، وترتبط بنا مباشرة في كل المجالات، ولكنها تواجه على ما يبدو أزمة عصية على الحل من المخدرات غير المشروعة التي تقتل عشرات الآلاف من الأمريكيين سنوياً».
وفي اعتقادي الخاص، أن «المنظمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية التي تقف وراء هذا هي جماعات قوية تعمل على زعزعة استقرار الحكومات في المنطقة وتقتل الناس هنا في الولايات المتحدة.