تصدر ما وصف بأنه «حزب الأوراق البيضاء» المشهد السياسي في الجزائ، عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية، أمس الجمعة ، وقد أصبحت الأوراق البيضاء في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة تشكل نسبة كبيرة، بل تشكل حزبا بذاتها، وهي طريقة أخرى يعبر بها المواطن عن عدم رضاه على السياسيين، بحسب تعبير جبهة القوى الاشتراكية، والتي اعتبرت أن الفائز الوحيد في الانتخابات التشريعية هو «العزوف السياسي»، وفشلت السلطات في رفع نسبة المشاركة إلى ما فوق الأربعين في المئة، خصوصاً بين الشباب الذين شكّل عزوفهم ظاهرة مستحكمة تشير إلى تدني توقعاتهم في تغيير الواقع السياسي.
ويؤكد حزب «حركة مجتمع السلم» أن نسبة المشاركة الحقيقية لم تتجاوز 25 بالمائة، معتبرا النتائج المعلن عنها وهي38,25 % لا تعبر عن الإرادة الشعبية، وأن المقاطعة هي الحزب الأول في البلاد .. وطالبت القوى السياسية، وزارة الداخلية الجزائرية، بالكشف عن سر العزوف والأوراق البيضاء !
المعارضة تفقد توازنها
ولم تحقق قوى المعارضة التقليدية نتائج جيدة، إذ سجل «حزب العمال» اليساري بزعامة لويزا حنون، تراجعاً وانحصرت كتلته بـ11 نائباً، فيما نالت «كتلة الأحرار» 28 مقعداً، في مقابل 19 مقعداً لـ «تجمع أمل الجزائر». كما فاز تحالف إسلامي ثانٍ حمل اسم «الاتحاد من أجل العدالة والنهضة والبناء» بـ15 مقعداً، تلته «جبهة المستقبل» بـ14 مقعداً و «الحركة الشعبية الجزائرية» بـ13 مقعداً.. وحصدت «جبهة القوى الاشتراكية» 14 مقعداً، أما «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» العائد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية بعد مقاطعة سابقة، فحصل على 9 مقاعد فقط من بينها 3 في العاصمة، أحدها لرئيس الحزب محسن بلعباس. ويضم البرلمان الجزائري الجديد حوالى 36 حزباً شغل معظمها عدداً قليلاً من المقاعد، كما أن القانون الجديد للانتخابات يمنع «تجول النواب» (أي تغيير كتلهم) ما يحرمهم من «خطط مبيتة» لتغيير الخريطة السياسية داخل البرلمان.
احتفاظ التحالف الحاكم بالأغلبيةلويزة حنون
واحتفظ التحالف الحاكم في الجزائر والمتمثل بـ «جبهة التحرير الوطني» و «التجمع الوطني الديموقراطي»، بغالبيته البرلمانية، وعلى رغم احتفاظ «جبهة التحرير» بالصدارة، إلا أن «التجمع» الذي يقوده أحمد أويحيى سجل تقدماً على حسابها، بعد أن انخفض عدد المقاعد النيابية التي حصدتها «جبهة التحرير» في البرلمان، إذ فازت بـ 164 مقعداً نيابياً وتراجعت بـ 57 مقعداً عن المقاعد الـ221 التي كان يشغلها نوابها في المجلس المنتهية ولايته. وبالتالي أصبح أكبر الرابحين حزب «التجمع الوطني الديموقراطي »، وهو ثاني أحزاب الموالاة، الذي رفع عدد نوابه إلى 97 بعدما كانت كتلته البرلمانية تتألف من 68 نائباً. وحل التحالف الإسلامي بقيادة «حركة مجتمع السلم» ثالثاً في الترتيب بـ33 مقعداً، ما يخوله إنشاء كتلة برلمانية يمنحها الدستور حق اقتراح مشاريع قوانين.. وجاءت نتيجة التحالف الإسلامي كما كان متوقعاً على رغم ادعاءات قياداته مساء أول من أمس، بأن السلطات انحازت إلى «الجبهة» و «التجمع»
ورغم احتفاظ الحزب الحاكم «حزب جبهة التحرير الوطني» بالأغلبية، ولايزال القوة الاولى في البلاد .. إلا أن فقدانه 57 مقعدا، يرجع بحسب تصريح الأمين العام للحزب، جمال ولد عباس، الى مشاركة عدد كبير من التشكيلات السياسية ، 36 حزبا سياسيا ، في هذه الاستحقاقات، مما «شتت» كما قال الاصوات، معتبرا أنه بالرغم من ذلك لا يزال حزبه «أكبر قوة سياسية في البلاد»
انتفاضة حزبية ضد نتائج الانتخابات
وتشهد الساحة السياسية والحزبية في الجزائرن موجة احتجاجات واتهامات طالت نتائج الانتخابات التشريعية، وصفتها الدوائر السياسية، بأنها «انتفاضه» ضد نتائج الانتخابات التشريعية.. واعتبر رئيس حركة مجتمع السلم «عبد الرزاق مفري»أن نتائج الانتخابات، «لا تعبر عن المأمول وعن الإرادة الشعبية، نتيجة تسجيل التزوير ذاته وبطريقة جديدة»، مضيفا أنه «أعطيت تعليمات مباشرة للسطو على أصوات الناخبين».. مؤكدا أن حزبه لديه طعون مؤسسة سيقدمها للمجلس الدستوري، رغم أن الكثير من التجاوزات لا يملك عنها أدلة مادية.
ومن جانبها تهمت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، السلطة بتزوير نتائج الانتخابات التشريعية لصالح أحزاب الموالاة.. مؤكدة تعرض حزبها للظلم نتيجة التزوير التي مارسته السلطة لصالح التشكيلات السياسية التي تدور في فلكها.. ووصفت «حنون» الانتخابات التشريعية بـ«المهزلة»، مؤكدة أن نسبة المشاركة كانت ضعيفة جدا وهو بمثابة عقاب من الشعب للسلطة الحاكمة نتيجة فشلها في تسيير البلاد.
بينما دعا رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، المجلس الوطني الموسع للحزب الى عقد «دورة طارئة» غدا الأحد، لمناقشة النتائج المؤقتة للانتخابات التشريعية التي حصل فيها الحزب على مقعد واحد.ز ودعا موسى «الأحزاب المظلومة» إلى عقد لقاء يوم الاثنين المقبل بهدف «بحث صيغة احتجاج موحدة وحاسمة» حيث أكد الحزب أنه يطالب بإلغاء النتائج المعلن عنها وبفتح تحقيق «يقوم أساسا على مطابقة البصمات والتجاوزات» حسب ما جاء في بيان حزب الجبهة الوطنية الجزائرية
كما دعا “الأحزاب المظلومة” إلى عقد لقاء بمقره الوطني يوم الاثنين المقبل بهدف “بحث صيغة احتجاج موحدة وحاسمة”، والمطالبة بإلغاء النتائج المعلن عنها، وفتح تحقيق “يقوم أساسا على مطابقة البصمات والتجاوزات”، حسب ما جاء في البيان.. وفي المقابل، اعتبر أمين عام الحزب الحاكم «حزب جبهة التحريرالوطني» جمال ولد عباس، أن تشكيك بعض الاحزاب السياسية في مصداقية نتائج الانتخابات التشريعية، والاتهامات بالتزوير، «مجرد تخاريف»
