حصة مغاربية| كيف وضعت الحرب والسدود المتقادمة ليبيا في خضم كارثة بيئية؟
أكثر من أحد عشر ألف قتيل وما يقرب من عشرة آلاف في عداد المفقودين.. هي أحدث حصيلة لكارثة فيضانات ليبيا التي ضربت البلاد منذ نحو أسبوعين.
عوامل عدة أدت إلى تفاقم هذه المأساة.. أهمها حالة عدم الاستقرار السياسي واستمرار الحرب الأهلية على مدى عقدين من الزمان وهي الحالة التي أدت إلى تداعي البنية التحتية وأنظمة الطوارئ في البلاد.
كما حرمت الفوضى السياسية البلاد من الاستفادة من أموال صندوق كوب 27 للإغاثة المناخية ومساعدة البلدان الفقيرة على تجاوز تداعيات الطقس القاسي.
ويوجد في ليبيا ستة عشر سداً مائياً موزعا على مدن مختلفة شرق البلاد وغربها،تعرض معظم تلك السدود للتخريب والإهمال وسرقة المضخات منذ عام 2011.
فيما أشارت ورقات بحثية إلى تعطل غالبية شبكات المياه المرتبطة بالسدود منذ قرابة 15 عاما في ظل غياب أعمال الصيانة الدورية.
من جانبه قال محمد محفوظ الكاتب والباحث السياسي، إن الأزمة السياسية في ليبيا، بكل تأكيد وبأمر قطعي ليس فيه جدال
والخلاف وحالة الاستقطاب السياسي في البلاد، كان كل ذلك عاملا مساعدا في ضعف التعامل مع الكارثة.
وأضاف، العاصفة الكبيرة قد تعجز بلاد كبيرة ومستقرة عن مواجهاتها و التعامل معها، ما بالك بليبيا بوضعها الحالي، وقد كان بالإمكات تفادي الخسارة إذا كانت هناك سلطات موحدة في لبيبا.
وتابع، يكفي سقوط آلاف من الضحايا ودمار مناطق كثيرة، نصف درنة يحتاج إعادة إعمار، ولا نزال نرى صرع سياسي وتقاسم أموال إعادة الإعمار، وذلك ليس حبا في درنة، إنما تسابق للفوز بالصفقات حتي يحصل كل طرف على نسب معينة.
وطالب محفوظ، بضرورة الانتباه والمراقبة والمحاسبة، ووجود شفافية في إدارة عملية الإعمار وإلا سنكون أمام مشهد ذهاب الأموال لمهب الريح ولن يكون هناك إعمار للمناطق المنكوبة.
بدوره قال يحيى العبار الخبير الاقتصادي، الخسائر التي وقعت في ليبيا لا تقدر بثمن، لقد خسرنا البشر وهم أهم من الحجر والشجر وهو ما لا يمكن استرجاعه.
وأضاف، سبق وأن نبهنا أن الإهمال والتملص من المسؤولية والفساد الإداري والوظيفي الذي يأتي بموظفين في مناطق بالدولة هم بالأساس غير مؤهلين لذلك، ومن ثم سيؤدي ذلك إلى كارثة اقتصادية واجتماعية حتى وصلت لكارثة طبيعية.
وأشار إلى أن السدود التي بنيت في الستينيات والسبعينيات كانت تحتاج لصيانات درورية، لكن الأمطار فاقت القوة الاستيعابية للسدود ب 3 مرات وهو ما لم تتحمله هذه السدود.
وقال إن هذه الكارثة أدت لكشف العديد من العيوب في أجسام الدولة سواء في وزارات وعمداء بلديات وميزانيات كان من المفروض أن تصرف في مواطنها ولم يحدث ذلك ما أدى لخسارة الدولة الليبية، وكان من المفترض أن تبنى سدود خرسانية بدلا من السدود الركامية التي لم تكن لتتحمل 60 مليون طن من المياه وهي قدرتها 20 مليون فقط.
