حكايات رمضانية| الإنشاد الديني في مصر من الفاطميين إلى عهد الدولة الحديثة
ارتبط شهر رمضان المبارك، بالأصوات الندية ترتل القرآن وتشدو بالألحان النورانية، في مديح النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وبث سير الصالحين وفرسان الأمة وشجعانها.
وكانت مصر، رائدة سبّاقة في هذا الفن، الذي أرجعت بعض كتب التاريخ أصوله وجذوره إلى زمن الصحابة، فكان علية القوم وأغنياء القرى والنجوع يقيمون السهرات الرمضانية، التي يحييها المنشد، ويسميه العامة في شمال مصر «الصييت»، وفي وسط دلتا النيل يطلقون عليه اسم «السرّاج»، وفي جنوب البلاد يسمونه «المدّاح».
«نحنُ نسوةٌ من بني النجار.. يا حبّذا محمّدٌ من جارِ»، و«طلع البدر علينا»، غرست هذه الكلمات، التي أنشدت في مدح النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، أولى فسائل شجرة «الإنشاد الديني»، التي نمت وترعرت فأثمرت وأينعت، فأتت أكلها منشدين ومداحين، يشدون بذلك الفن الغنائي الإسلامي، واستمر أمر الإنشاد والمدح النبوي إلى يومنا هذا، متضمنا عبارات الذكر والتهليل والتسبيح.
وكان للذين يتألقون في هذا الفن من ذوي الأصوات الجميلة الجذابة حضور جماهيري كبير، حيث يقيمون مجالس ذكر تضم عددا كبيرا من المشاركين والمعجبين.
وشيئًا فشيئًا دخلت آلة الدّف، لإضفاء مزيد من الجمال على أصوات وقصائدهم، وتطوّر الامر إلى أن أضحت الربابة آلة أساسية، وصار لكل منشد فرقة، يسمون «الجوقة» يرددون المذهب مرارًا خلف المنشد لتميل الرؤوس طربًا وإعجابًا كلما انتهت الفرقة من مقطع، في سيمفونية جماعية.
وتعتبر مصر من أكبر مدارس الإنشاد الديني في العالم، وتمتلك تاريخًا كبيرًا يضم عددًا وافرًا من كبار المنشدين والمبتهلين، أبرزهم طه الفشني، ونصر الدين طوبار، وعلي محمود والشيخ الفيومي، والنقشبندي، وكامل يوسف البهتيمي، ومحمد الهلباوي، ومحمد عمران، وياسين التهامي، وغيرهم من أعضاء فرق الإنشاد الديني بالقطاعات والمواقع التابعة لوزارة الثقافة المصرية.
ومن قبل هؤلاء جميعا، ازدهر هذا الفن، في زمن الأمويين، حيث أصبح فنًّا له أصوله، وضوابطه، وقوالبه، وإيقاعاته، واشتهر حينها الكثير من المنشدين وكان أكثر المشتغلين بفن الإنشاد الديني وتلحين القصائد الدينية، إبراهيم بن المهدي وأخته عَليَّة، وأبو عيسى صالح، وعبد الله بن موسى الهادي، والمعتز وابنه عبد الله، وعبد الله بن محمد الأمين، وأبو عيسى بن المتوكل، وعبد الملك بن مروان، وغيرهم. كان عبد الملك بن مروان في دمشق يشجع الموسيقيين ورجال الفن.
وكذلك كان الخليفة الواثق الذي كان يغني له إسحاق وإبراهيم الموصلي، وهما من أشهر الموسيقيين في العصر الأموي وعبد الرحمن بن الحكم الذي ذاع في عهده صيت الفتى «رزياب»، وهو تلميذ إسحق الموصلي، وغيرهم كثيرون ممن اشتهروا بغناء وتلحين القصائد الدينية والأناشيد، واشتهر المنشدون بشكل مميز في حلب على وجه الخصوص.
وفي عهد الفاطميين تطور فن الإنشاد لاهتمام الدولة بالاحتفالات المحتمعية، حيث كان الفاطميون أول من أقام الاحتفال برأس السنة الهجرية، وبليلة المولد النبوي الشريف، وليلة أول رجب، وليلة الإسراء والمعراج، وليلة أول شعبان ونصفه، وغرة رمضان، ويوم الفطر، ويوم النحر، وهم الذين بدأوا الاحتفال بمولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ومولد ولديه الحسن والحسين والسيدة زينب، ويوم النيروز «شم النسيم» ويوم الغطاس وخميس العهد مشاركة للنصارى في شعورهم الديني، وكانت الأناشيد الدينية عصب هذه الاحتفالات، ما دفع المنشدين لتطويرها بشكل غير مسبوق.
ولم تكن مصر والشام فقط، هما موطن المنشدين، بل تألق هذا الفن في الإمارات، فكان في دبي، «الشيخ طاهر عبد العزيز حمدان، عبد الله الحلو، عبد الله محمد أحمد»، وفي الشارقة، الشيخ عبد الرحمن درويش، أحمد الزارعي، عبد الرحمن السعيدي، عبد الرحمن العويس.
وفي الجزائر تألقت فرق «صوت الأخلاء»، و«القصواء» و«الجزائر البيضاء»، وفي العام 1989 تأسست في اليمن جمعية المنشدين اليمنيين، وانطلق أعضاؤها في جمع التراث الإنشادي وتوثيقه وحفظه، سواء في مكتبة الجمعية أو التلفزيون أو الإذاعة، وبرز منشدون أهمهم علي محسن الأكوع.
الشيخ علي محمود – مصر
الشيخ طه الفشني – مصر
الشيخ الفيومي – مصر
الشيخ نصر الدين طوبار – مصر
الشيخ النقشبندي – مصر
الشيخ محمد عمران – مصر
الشيخ محمد الهلباوي – مصر
الشيخ كامل يوسف البهتيمي – مصر
الشيخ محمود ياسين التهامي – مصر
