“حكايات قريتي”.. حلم بشير الذي تحول لاستقلال الجزائر
بخلاف الدراسات والأبحاث الغزيرة التي رصدت في الجزائر أو فرنسا عن حرب التحرير الجزائرية، تبقى النصوص والأعمال الفنية التي سعى أصحابها إلى الدخول في تفاصيل الحرب هي الأفضل، لأنها تروي معاناة الأفراد، وقصص النجاح والكفاح التي جعلت الجزائر مستقلة.
في مدينة تنام خائرة القوى في عتمة الليل، ينتهكها نباح ألف كلب ضال، نائمة في سبات عميق خوفًا من غارة أو هجمات للاحتلال الفرنسي مغمضة الشوارع، نشأ الطفل الجزائري «بشير» البالغ من العمر عشر سنوات، وعلى الرغم من براءته إلا أن حلم الاستقلال لم يفارقة منذ البداية.
فقد استضاف المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، عرض الفيلم الجزائري “حكايات قريتي” للمخرج كريم طريدية، حيث ينافس الفيلم في المسابقة الرسمية لفعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ38.
وتبدأ أحداث الفيلم بتسليط الضوء على الطفل بشير، ويبتعد مخرج العمل كريم طريدية عن لغة الغموض ويقترب أكثر من روح الحكاية البسيطة، حيث يسرد تفاصيل حياة ذلك الطفل وعائلتة.
وبعيدًا عن بشير جاءت جدته كشخصية محورية في الفيلم، فهي السيدة العجوز التي تمتلك كافة الذكريات المقاطعة والمتشابكة، والتي تشكل في النهاية حكايات عن الجزائر كاملة منذ أن انهتكتها الحرب.
وعلى الرغم من تعدد الأشخاص داخل الفيلم، إلا أن عائلة بشير شكلت بؤرة السرد في الفيلم كله.
ويرصد الفيلم، العديد من نماذج البشر صغارًا وكبارًا فينتمون إلى طوابير البؤساء على الرغم من طفولتهم، والكبار منهم يمارسون الصمت على الرغم من غصة ما يحملون، أما والد بشير فكان مختلفا عنهم، إذ كان يحلم بالاستقلال كي يحصل على منزل بمزرعة وعلى الرغم من بساطة حلمه، إلا أنه ضحى بكل الدجاجات التي امتلكها في الفيلم من أجل استقلال الجزائر.
وتبدأ حبكة الفيلم من خلال حلم بشير بأن يكون ابنًا لشهيد، حيث إنه من المفترض أن يتمتع أبناء الشهداء بمستقبل عظيم، لذلك فهو على استعداد بللتضحية بوالده، الذي هجرهم من أجل حلمه البسيط، لكي يحقق حلمه.
وتتضح حقيقة الاحتلال الفرنسي أمام بشير، حتى أنه يتخلى عن صديقة الجندي الفرنسي فرانسوا، بعد أن أدرك من خلال جدته أنه عدو لدولته، وتأكد من ذلك بنفسه حيث كاد أن يعرض قريته بالكامل للخطر بسببه.
وعلى الرغم من التشاؤمية التي زرعها المخرج في مشاهدي العرض لكي يصور حال الجزائر في ذلك الوقت، إلا أن النهاية جاءت ببصيص الأمل من خلال رفع علم الجزائر وإعلان الاستقلال، دون أن يتحقق حلم بشير.
ويرى المخرج أن الخراب الكامن في الأمكنة، لا بد له من حمامة سلام تنهي الحكاية، إلا أن بياض تلك الحمامة لم يحل على بشير الطفل وبطل الحكاية حيثما حل الاستقلال لدولته توفي خاله، فأصبح مشتتا ما بين حرية الاستقلال وضياع العائلة.
