بات من الواضح للعيان تورط حزب الله اللبناني في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري بعد أن أدانت المحكمة الدولية أحد أعضائه بتدبير قتله في 2005.
وقضت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، بإعلان سليم جميل عياش المسؤول العسكري في حزب الله المدعوم من إيران، مذنبا في كل التهم الموجهة إليه في قضية اغتيال الحريري.
وقال مدير مركز بروكسل للبحوث والدراسات رمضان أبو جزر، إن تثبيت التهمة من جانب المحكمة الجنائية الدولية في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري على المسؤول العسكري في حزب الله، سليم عياش، يوجه أصابع الاتهام من جديد بشكل مباشر هذه المرة على قتل “الحريري”.
لا براءة لحزب الله من دم “الحريري”
وأوضح أبو جزر في تصريحات لـ”الغد”، أن توجية الاتهمام لـ”عياش” هو حكم واضح وبائن، ولا يمكن تبرئة حزب الله من دماء “الحريري” من خلال هذا الحكم ومعطياته.
وكانت قد أكدت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في جلستها اليوم بـ”لاهاي” الهولندية، أن الأدلة تثبت أن المتهم سليم عياش كان لديه سابق علم وإصرار بقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، فيما كشفت المحكمة عن عدم كفاية الأدلة ضد 3 متهمين في اغتيال “الحريري”.
وأوضحت المحكمة، أنه لا يمكن تحديد عدد المتورطين في جريمة اغتيال رفيق الحريري.
ولفت “أبو جزر” إلى أنه على المستوى السياسي، هناك إدانة كبيرة بالخط العريض، يمكن لتيار “14 أذار” استخدامها رغم أنها إدانة تعمق الصراع داخل لبنان، في ظل ارتباط صورة الحكم الصادر سياسيا، بالوضع في البلاد.
قرار الاغتيال ليس فرديًا
وفي هذا السياق، أكد أستاذ العلاقات الدولية في بيروت، د.خطار أبو دياب، أن قرار اغتيال “الحريري” ليس فرديا وإذا أراد حزب الله أن يبرأ نفسه عليه التعامل بأسلوب آخر.
وأشار إلى أنه رغم مرور 15 عامًا على الاغتيال، فإنه من المرات النادرة أن تخصص محكمة دولية جلسات لمحاكمة المتورطين في اغتيال شخصية سياسية دولية، وهذا يرجع للحجم الدولي للرئيس رفيق الحريري، وما أدى إليه هذا العمل الإرهابي الكبير.
وتابع: “قرار الاغتيال ليس فرديا، ومن الواضح أن المحور الذي سيطر على المنطقة بعد اغتيال رفيق الحريري، هو المحور المسؤول عن تغيب رئيس وزراء لبنان الأسبق، ومن نفذ كان لديه أمر بإتمام هذه المهمة”.
علاقة إيران واضحة
فيما قال النائب السابق بتيار المستقبل، انطوان اندراوس، في تصريحات لـ”الغد”، إن علاقة حزب الله والنظام السوري وإيران باغتيال “الحريري” واضحة والمحكمة قامت بعمل جبار لإثبات ذلك.
وأوضح “أندراوس” أن قانون المحكمة الصادر عن الأمم المتحدة، وضع بداخله “فيتو” من جانب الصين وروسيا، بعدم ربط الحكم النهائي بأنظمة سياسية أو مجموعات، ليصدر الحكم بأشخاص، ولكن معلوم انتماء المتهمين لأي جهة، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ربط في مرات سابقة المتهمين بالحزب.
واستكمل: “الأمور أصبحت واضحة مع حكم المحكمة، بربط حزب الله والنظام السوري وإيران بمقتل الرئيس الحريري، والأدلة وارتباط المتهمين بتلك الكيانات السياسية”.
ميقاتي: لبنان يدخل زمن العدالة
وعلى مستوى ردود الفعل في بيروت، رأى رئيس الحكومة الاسبق في لبنان، نجيب ميقاتي، أنه مع صدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال “الحريري” يدخل لبنان زمن العدالة عن كل جرائم الاغتيال والعنف السياسي التي دفع اللبنانيون أثمانا باهظة بسببها على مدى سنوات طويلة.
الرئيس اللبناني يستدعي أقوال “الحريري”
وعلق الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الثلاثاء، على الحكم الصادر من المحكمة الدولية، قائلا إن تحقيق العدالة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه يتجاوب مع رغبة الجميع في كشف ملابسات هذه الجريمة البشعة التي هددت الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان، وطالت شخصية وطنية لها محبوها وجمهورها ومشروعها الوطني.
وطالب “عون” اللبنانيين، بأن “يكون الحكم الذي الصادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مناسبة لاستذكار مواقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري ودعواته الدائمة إلى الوحدة والتضامن وتضافر الجهود من أجل حماية البلاد من أي محاولة تهدف إلى إثارة الفتنة، لا سيما أن من أبرز أقوال الشهيد أن ما من أحد أكبر من بلده.
الحريري: زمن ارتكاب الجرائم دون حساب ولى وانتهى
ومن أمام المحكمة في “لاهاي”، أكد رئيس وزراء لبنان السابق وزعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، أنه ليس من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية توجيه اتهامات سياسية، موضحا أن الحكم الصادر اليوم جاء وفق المعايير الدولية والقانونية.
وقال زعيم تيار المستقبل، في مؤتمر صحفي عقده أمام مقر المحكمة قرب لاهاي، إنه لا تنازل عن حق دم رفيق الحريري ودم الضحايا الأبرياء، مشيرا إلى أن زمن ارتكاب الجرائم دون حساب ولى وانتهى.
وأوضح “الحريري” أن الهدف من اغتيال “والده” كان تغيير وجه النظام السياسي، لافتا إلى أنه تم اغتيال والده لأنه كان ضد سياسة النظام السوري.
وتابع: “المحكمة حكمت ونحن باسم عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وباسم عائلات الشهداء والضحايا نقبل حكم المحكمة، ونريد تنفيذ العدالة”.
وأردف: “عرفنا الحقيقة اليوم جميعاً وتبقى العدالة التي نريد أن تنفذ مهما طال الزمن”.
