حكومة الدبيبة.. مطبات على طريق منح الثقة
يوما بعد يوم تزداد العقبات أمام منح الثقة للحكومة الليبية الجديدة، خاصة الأزمة الأخيرة التي تشكك في شرعية انتخاب السلطة الليبية الجديدة والتي توافق ملتقى الحوار السياسي الليبي على اختيارها.
ونشرت وكالة فرانس برس ن يوم الأحد الماضي ملحق تقرير لم ينشر بعد أعده خبراء أمميون رفع إلى مجلس الأمن، حول “شراء أصوات ثلاثة مشاركين على الأقل في محادثات السلام الليبية”.
وذكر تقرير الخبراء المقرر تقديمه إلى مجلس الأمن هذا الشهر، أنه خلال محادثات تونس عرض اثنان من المشاركين “رشاوى تتراوح بين 150 ألف دولار و200 ألف دولار لثلاثة أعضاء على الأقل في منتدى الحوار السياسي إذا التزموا بالتصويت لدبيبة كرئيس للوزراء”.
وكانت مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز قد أعلنت في وقت سابق فتح تحقيق في مزاعم الرشوة هذه.
وملتقى الحوار الليبي الذي يضم 75 مندوبا يمثلون كل الليبية أطلق في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، في سويسرا برعاية الأمم المتحدة.
وانتخب الملتقى عبد الحميد الدبيبة (61 عاما) في 5 شباط/فبراير الماضي رئيسا للوزراء للفترة الانتقالية في ليبيا.
مطالبات بالتحقيق
أزمة الاتهامات بشراء الأصوات دفعت طالب المجلس الرئاسي الليبي الجديد ورئيس الوزراء المكلف عبد الحميد الدبيبة، لمطالبة لجنة الخبراء الأممية بنشر التحقيق المتعلق بالفساد والرشى التي طالت ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وقال المجلس ورئيس الوزراء المكلف في بيان صحافي أمس، “المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، يطالبان لجنة الخبراء الأممية بنشر تحقيقها في مزاعم الرشاوى بملتقى الحوار”.
وأضافت أنهما “يؤكدان التزامهما تعهداتهما مكافحة الفساد ومحاربته بكافة الوسائل القانونية، وعدم السماح بتولي أي مسؤولية لكل من تورط في الفساد”.
وأكد الدبيبة والمجلس الرئاسي عدم سماحهما لمن وصفوهم بأنهم “معرقلون” باستغلال “الظروف الراهنة لإفشال نتائج الحوار وتعطيل مسيرة المصالحة”.
وفي يوم الاثينن الماضي أكد رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة المكلف من طرف ملتقى الحوار السياسي، بأن عملية اختيار السلطة الجديدة تمت بـ”نزاهة”.
وقالت حكومة الوحدة الوطنية في بيان إن “رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة يتابع محاولات التشويش على عملية تشكيل الحكومة وتعطيل عملية منح الثقة للحكومة، من خلال تبني نهج نشر الإشاعات والأخبار الزائفة”.
كما شدد على “نزاهة العملية التي جرى فيها اختيار السلطة الجديدة بشفافية تامة شاهدها الليبيون عبر التلفاز ووسائل الإعلام المختلفة”.
وأضاف الدبيبة “نطمئن الشعب الليبي بأن إنجاز المرحلة الأولى من خارطة الطريق من خلال عملية منح الثقة للحكومة أصبحت قريبة”.
وأكد بأنه يعول على الليبيين واستيعابهم “لمدى التحديات والعراقيل الموضوعة أمام عملية توحيد المؤسسات وتحقيق المصالحة”، وفقا للبيان.
وأما الموقف الرسمي للأمم المتحدة في ليبيا لخصه بيان البعثة الأممية قائلا إن ” البعثة لا تتلقى تقارير فريق الخبراء بما في ذلك التقرير الأخير، وبالتالي لا يمكنها التعليق عليه، ويجب توجيه أي استفسارات في هذا الصدد إلى لجنة العقوبات”.
مطالبات دولية
قال مراسل الغد من بنغازي، إن هناك مطالبات إقليمية ودولية بضرورة عقد جلسة النواب لمنح الثقة لحكومة عبد الحميد الدبيبة، رئيس الوزراء الليبي.
وأضاف مراسلنا، أن رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، دعا إلى عقد هذه الجلسة يوم الإثنين المقبل، بحضور كافة أعضاء مجلس النواب، لمنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة.
وأوضح مراسلنا، أن هناك تباينا في الآراء بين أعضاء مجلس النواب، إذ يدعو أعضاء المنطقة الغربية بالعاصمة طرابلس إلى عقد الجلسة التي من المفترض إقامتها بمدينة سرت، على أن تبحث 3 نقاط مهمة، على رأسها مسألة منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية، وتعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وتغيير هيئة الرئاسة.
وأشار إلى أن أعضاء شرق ليبيا يريدون أن تكون الجلسة من أجل منح الثقة فقط والمصادقة على الحكومة الجديدة.
منح الثقة
أمام الدبيبة مهلة حتى 19 آذار/مارس للحصول على ثقة مجلس النواب قبل بدء التحدي الأصعب المتمثل بتوحيد المؤسسات وقيادة المرحلة الانتقالية حتى موعد الانتخابات العامة في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021.
وحدد البرلمان موعد الثامن من آذار/مارس موعدا لجلسة التصويت على الثقة، بعدما قدم الدبيبة “رؤية” لتشكيل حكومته أمام البرلمان، تتضمن برنامج عملها وآلية اختيار التشكيلة الوزارية.
لكن أزمة الرشاوى دفعت عدد من النواب إلى المطالبة بتأجيل جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة حيث طالب 24 عضوا بمجلس النواب الليبي بتأجيل منح الثقة للحكومة لحين الكشف عن أسماء المرتشين الذين أعلنت عنهم لجنة الخبراء بمجلس الأمن.
وأكد مراسل الغد من بنغازي أن بيان صادر عن 24 عضو بمجلس النواب الليبي طالب تأجيل جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة حتى تظهر تفاصيل أكثر عن تقرير لجنة الخبراء بمجلس الأمن الذي أفاد بوجود تجاوزات مالية في ملتقى الحوار الليبي.
وأوضح مراسلنا أن هناك مطالبات من القوى السياسية بضرورة كشف الأسماء المتورطة في تلقى رشوى في ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وأضاف أن رئيس الحكومة الليبية الجديدة عبد الحميد الدبيبة طالب بضرورة منح الثقة بأسرع وقت، ونفى أي وجود للتجاوزات المالية والرشوى في الملتقى.
تأثير الرشاوى
قال المحلل السياسي الليبي، أحمد العبود، إن لجنة (5+5) أعلنت أن مدينة سرت ستحتضن جلسة مجلس النواب، معربا عن اعتقاده بانعقاد الجلسة في موعدها المقرر، 8 مارس، وسيتم منح الثقة للحكومة، لافتا إلى أن الدبيبة أشار إلى أنه قدم هيكلاً لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، مؤكداً أنه لا مفر أمام مجلس النواب إلا منح الثقة للحكومة إذا أراد المحافظة على ديمومته والتصدر للاستحقاقات القادمة.
وأوضح العبود، خلال لقاء على شاشة الغد، أن البعثة الأممية ولجنة العقوبات عليهم أن يكشفا عن أسماء المتورطين في قضية الرشوة وما صحبها من فساد، لافتا إلى أنه يجب عدم الربط بين اعتماد حكومة الوحدة الوطنية التي لها جدول زمني، وبين تلك القضية،
ولفت إلى أنه في حالة إثبات تقاضى رشاوي فأنها ستكون أزمة حقيقية وتبين أن العملية السياسية طالتها شبهة فساد، إلا أن عملية التحقيق ستأخذ وقت طويل في ظل عدم وجود أدلة وبراهين تثبت عملية تلقي الرشوة، مؤكداً أن البرلمان كان عليه أن يفتح تحقيقاً في هذه الادعاءات، كذلك النائب العام، مشددا على ضرورة أن تكشف لجنة العقوبات عن ما تضمنه تقريرها من اتهامات وأن تقدم أدلة وبراهين.
فيما رأى الباحث السياسي، إسلام الحاجي، أن منح الثقة للحكومة الجديدة هي مسألة “تحصيل حاصل”، إذ سيتم منح الثقة للحكومة، ولفت إلى أن مطالبة بعض النواب بالحصول على تحقيق حول قضية الرشاوي هو موضوع يتبع مجلس الأمن، مؤكداً أن تلك القضايا شائكة وتستغرق الكثير من الوقت وليس من السهل أن يتم إنجازها.
وأضاف أن الاختيارات السياسية تمت عبر المحاصصة، إلا أن التقدم في العملية السياسية مرهون بالدعم الدولي للمجلس الرئاسي والحكومة الجديدة، وبدون الدعم فعلي سوف تفشل تلك الحكومة في تحقيق أية انجازات على الأرض.