«حلب» تلك المدينة التي أصبح اسمها في الأيام القليلة الماضية قاسما مشتركا في كافة النشرات الأخبارية المحلية والعالمية.. طالما كان اسمها موجودا داخل عدد من البيوت خاصة العربية لكن ليس من خلال أخبار الدمار.
الفستق الحلبي .. الزعتر الحلبي .. صابون الغار الحلبي .. منتجات تميز أسواق حلب التي يعود تأسيسها إلى القرن الرابع قبل الميلاد .. انتشرت داخل البيوت العربية وميزت بكلمة «الحلبي» للتأكيد على جودتها، فالسوريون يعتبرون حلب عاصمة بلادهم الاقتصادية.
لم تعرف تلك المدينة التي تعد من أكبر المدن السورية ومن أقدم المدن عالميا بجودة منتجاتها فقط .. لكن عرفت بحضارتها وآثارها .. وفنها فالقدود الحلبية ذلك الفن الذي وحد عددا كبيرا من العرب على محبته والتغني به ومنهم الفنان المصري سيد درويش، وأصبحت يا «مال الشام» أشهر ما يعرفه العرب من القدود الحلبية.
وعالميا عرفها عشاق الأدب الإنجليزي فتلك المدينة ذكرت مرتين في قصص الكاتب ويليم شكسبير في مسرحيتي ماكبث، وعطيل، بينما عشاق الأدب العربي تعرفوا عليها من خلال الأشعار خاصة أشعار المتنبي.
تعرف هذه المدينة بوجود أكثر من 150 أثرًا مهما تمثل مختلف الحضارات الإنسانية والعصور، لذا صنفتها منظمة اليونيسكو مع مجموعة التراث العالمى عام 1986، وقداختيرت مدينة حلب التاريخية لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2006 وقد جاء هذا الاختيار من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته المنعقدة بالجزائر عام 2004 لأنها مدينة تجاوز عمرها عشرة آلاف عام وما زالت تنبض بالحياة.
حلب والسياسة
نحو 5 ملايين شخص يعيش في هذه المدينة التي تبعد نحو 300 كليو متر عن العاصمة السورية، هي مدينة لم تفارقها السياسة يوما، فكان أول رئيس حكومة وطنية من حلب وهو سعد الله الجابري، كما تقلد أمين الحافظ منصب رئيس الجمهورية السورية في 27 تموز / يوليو 1963.
وفي هذه المدينة نشأت عدة حركات وأحزاب، ساهمت في الحراك السياسي في سوريا، منها؛ حزب الشعب عام 1948، كما تاسست فيها حركة الإخوان المسلمون في سوريا.
ورغم أبواب مدينة حلب الحصينة وقلعتها الشهيرة التي بنيت للتصدي للحملات الصليبية إلى أن الحرق .. والدمار والنزاع كان من نصيبها منذ تاريخها، ويقال أن كل بابا من أبوابها التسعة التي بقي منها خمسة فقط يحمل آثار لسد أحد الغزاة من ضربة سيف أو رمية منجنيق.
تعاقبت عليها حضارات عديدة مثل الآرامية والآشورية والفارسية والهيلينية والرومانية والبيزنطية والإسلامية، أحرق الفرس المدينة عام 540م، وفي عام 962م استولى نقفور على مدينة حلب ونهب المدينة وقتل الناس وأحرق المساجد، كما حوصرت حلب مرتين أثناء الحروب الصليبية عامي 1098 و1124، واحتلت عام 1260، تم من قبل المغول تحت قيادة هولاكو، في عام 1516 تعرضت المدينة للاحتلال العثماني، كما احتلت من قبل الفرنسيين.
فما بين أعوام 1979 و1982 كانتثاني مدينة سقط فيها قتلى خلال صراع ما بين الحكومة السورية والإخوان هناك.
ومؤخرا شهدت حلب لأول مرة في تاريخ تلك المدينة منذ دخولها الإسلام عدم إقامة صلاة الجمعة بها .. تلك المدينة التي بها أكبر عدد من المساجد في سوريا وأشهر المساجد «الجامع االأموي الكبير» الذي بني عام 715 من قبل الخليفة الأموي وليد بن عبدالملك، ويتضمن الجامع مزاراً للنبي زكريا.
