حمادة فراعنة يكتب: دولة غزة الفلسطينية
في تناغم وتنسيق وتكامل سياسي.. تعمل واشنطن على شطب حقوق الشعب الفلسطيني سياسياً ودولياً، مثلما تعمل المستعمرة الإسرائيلية على اتخاذ الإجراءات، وصياغة القرارات الأمنية والإدارية والقانونية على الأرض وفي الميدان، بما يتفق مع التوجهات الأميركية الإسرائيلية لتكييف الوضع الفلسطيني، وجعل سلوكه الأمني خاصة بما لا يتعارض مع مشاريع التوسع الاستعماري الإسرائيلي في بلع أغلبية مساحة الخارطة الفلسطينية، كي تشمل كامل أراضي الضفة الفلسطينية بدون شعبها، وأن يقتصر العنوان الفلسطيني على قطاع غزة فقط.
بداية.. علينا أن نتذكر أن الضفة الفلسطينية بمعايير اليمين الإسرائيلي اليهودي المتدين هي الأهم، فلا أثر لليهود في مناطق الإحتلال الأولى عام 1948، بينما تراث اليهود الديني يقع في الخليل ( قبر إبراهيم الخليل ) وبيت لحم ( قبر راحيل ) ونابلس ( قبر يوسف ) وهكذا مما يشكل مطمعًا إستعماريًا ذا خلفية عقائدية، بينما قطاع غزة له أثر سلبي على عقلية اليهودي السلفي المتزمت.
على المستوى السياسي يعمل الفريق الحاكم بقيادة نتنياهو على جعل غزة عنوان الدولة المنشودة وعاصمتها، ويُتبع لها مواطنو الضفة الفلسطينية بدون أرضهم، أي بدون سيادة فلسطينية.. وهذا يحقق ثلاثة أهداف مقصودة للإسرائيليين: الأول إشباع رغبة الفلسطينيين في الحفاظ على هويتهم الوطنية، والثاني التخلص من الثقل السكاني بعدم ضمهم كمواطنين لسكان المستعمرة الإسرائيلية، أي لن يكونوا مواطنين إسرائيليين، وثالثاً تحقق القرار الدولي بتنفيذ حل الدولتين مع الإختلاف على حجم الجغرافيا، أي دولة المستعمرة الإسرائيلية بخارطتها الجديدة التي تضم مستعمرات الضفة الفلسطينية، ودولة فلسطين تقتصر سيادتها على قطاع غزة، ويُتبع لها مواطنو الضفة الفلسطينية الذين يحتفظون بإقامتهم في مدن الضفة الفلسطينية، ويملكون حق الإنتخابات البلدية لبلداتهم، وحق الإنتخابات البرلمانية لدولتهم الفلسطينية وعاصمتها غزة.
حكومة المستعمرة الإسرائيلية تراهن على العامل الفلسطيني الضعيف الممزق غير القادر على المقاومة، ولا يملك الطاقة على إحباط المشروع، وعلى جلب حماس لمثل هذا المشروع الذي تستجيب له واقعيًا وترفضه سياسيًا ومبدئيًا، ولكنها تعمل على التوافق معه، والتناغم مع مصالحها الحزبية في شرعنة وجودها وإدارتها بعدما فشلت لثلاثين سنة لتكون بديلاً عن منظمة التحرير، ومنذ الإنقلاب 2007 بديلاً عن سلطة رام الله، فها هي تدخل معترك التكيف وتمر بنفس المحطات التي مرت بها حركة فتح، وتحولهما ـ فتح وحماس ـ من تنظيمين كفاحيين يستهدفان هزيمة العدو وتحرير الوطن، إلى تنظيمين كفاحيين يُقاتلان من أجل الحفاظ على السلطة والوظيفة والمكاسب والإمتيازات، وجهدهما وجهادهما له الأولوية في مقارعة الآخر الفلسطيني، وليس مقارعة العدو، وكلاهما يستمد بقاءه في السلطة من رضى العدو ضمنيًا وموافقته، رغم أن ولادتهما تمت بفعل النضال والتضحيات، وشرعيتهما حصلتا عليها بفعل صناديق الإقتراع، ولكن ذلك توقف بفعل صراعهما المستميت على السلطة والحفاظ عليها وتكريسها: فتح في رام الله وحماس في غزة.
مازلنا نتحدث عن مخططات العدو، ولم نتطرق لمعيقات هذا المخطط، وعن فعل الشعب الفلسطيني لإحباط هذا المشروع !!.
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.