حمادة فراعنة يكتب: ركيزتان للنظام الفلسطيني.. قراءة سياسية لمصدر الشرعية

لم يعد خافياً، ولم يعد سراً أن المصالحة الفلسطينية وموضوعها، ليس عنواناً فلسطينياً وحسب، بل عنوان قومي بامتياز، ودولي بإهتمام، ليس لأن القضية الفلسطينية قضية عادلة، وهي كذلك، وليست لأنها مازالت المركزية لدى العرب والمسلمين، وستبقى حتى ولو تم خطفها لبعض سنوات عجاف من قبل تنظيمات الإسلام السياسي وأحزابهم المتطرفة التي وظفت مشاعر الناس وأحاسيسها وعقائدها نحو الإهتمام بمشروع دولة الخلافة المنشودة على أثر الربيع العربي الذي تم خطفه منذ عام 2011 من قبل الإخوان المسلمين، وأحزاب ولاية الفقيه، ومن تنظيمي داعش والقاعدة، فأساءوا للتاريخ، ودمروا الواقع، وحطموا رهانات المستقبل وعزلونا عن إحترام المجتمع الإنساني وقيمه وشراكته، ومع ذلك وعلى أثر هزيمة قوى أساسية من تنظيمات الإسلام السياسي وفشلها، عاد النضال السياسي العربي إلى أساسه وهو أن النضال العربي: 1- من أجل إستكمال خطوات الاستقلال السياسي والإقتصادي.. 2- ومن أجل العدالة الإجتماعية.. 3- ومن أجل الديمقراطية. والإحتكام إلى صناديق الإقتراع وتداول السلطة لا يتعارض مع العمل الفلسطيني المطلوب دعمه قومياً ودينياً من المسلمين والمسيحيين، وأممياً من قوى الخير والسلام والعدالة من أجل إستعادة حقوق الشعب الفلسطيني، لأن كليهما يجري في مسارب متعددة تصب في مجرى واحد يختزل عوامل الزمن لتحقيق تطلعاتنا الوطنية والقومية والإنسانية، فالقضايا مترابطة عالقة مع بعضها البعض، والقيادة الذكية هي التي تختار الأولويات، والتدرج والمراحل ومراكمة الخطوات وصولاً نحو الهدف.

المصالحة الفلسطينية هي الخطوة الأولى لإستعادة وحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة حركته السياسية جبهوياً، في إطار مؤسسات موحدة، وتعني وحدة قضاياه وأهدافه غير القابلة للتبديد أو التلاشي أو الانصهار أو التراجع، مجسدة بقرارات الأمم المتحدة: قرار التقسيم 181، قرار حق عودة اللاجئين 194، قرار الإنسحاب وعدم الضم 242، حل الدولتين 1397، قرار خارطة الطريق 1515، وليس إنتهاء بقرار مجلس الأمن 2334 ضد الإستيطان وعدم شرعيته وعدم قانونيته، بل بقرارات اليونسكو التي أجبرت عظمة الولايات المتحدة وقوتها وجبروتها مع مشروعها الإستعماري التوسعي الإسرائيلي المدلل، على الإنسحاب والهروب والهزيمة لكليهما أمام عدالة الموقف الفلسطيني المدعوم عربياً وإسلامياً وعالمياً دلالة على أهمية وقوة ومنطق وعدالة المطالب الفلسطينية وشرعيتها.

القبول الأميركي وعدم الرفض الإسرائيلي

المصالحة الفلسطينية نالت الرضى الأميركي ليس عبثاً ولا صدفة، وليس تواضعاً من الأميركيين وحُسن أخلاق من إدارة الرئيس ترامب الأكثر إنحيازاً ودعماً للمستعمرين الإسرائيليين ومشاريعهم العدوانية التوسعية، ونالت إهتمام حكومة نتنياهو التي صمتت تارة، وتحركت تارة ولم ترفض المصالحة بل وضعت شروطاً لقبولها والتعامل مع تداعياتها ونتائجها، وهي تتصرف كالأفعى المضروبة على رأسها، لسرعة الإنجاز وأهمية ما تحقق، ولأنه يفتح بوابة للشراكة الفلسطينية من قبل المكونات الأربعة: فتح وحماس والتنظيمات الأخرى والمستقلين، وهي معادلة التكوين الفلسطيني التي تحتاج: 1- لبرنامج سياسي مشترك.. 2- مؤسسة تمثيلية موحدة.. 3- أدوات كفاحية مناسبة متفق عليها، في مواجهة العدو الوطني الواحد المشترك.

إستعادة الألق الفلسطيني

المصالحة الفلسطينية ستُعيد الألق للدور الفلسطيني لأنه قائم على التجربة وإختزان الخبرات ومسنود بعدالة المطالب وشرعيتها وبإستعداد عالٍ للتضحية، بعيداً عن المزايدات والطخ وطق الحكي، فالشعب الفلسطيني لا يحتاج لكفاح مسلح لتحرير بلاده وطرد المستعمرين وإستعادة حقوقه بالعودة وبناء حياته المستقلة على أرض فلسطين حيث لا أرض له سواها، ولا وطن له سواه، بل يحتاج لإرادة سياسية جمعية من قبل القوى الحية الفاعلة وفي طليعتها فتح وحماس والجهاد والشعبية والديمقراطية والشيوعيين والقوميين والمستقلين، والمصالحة من قبل 13 فصيلا تفتح لهم بوابة المشاركة في مؤسسات منظمة التحرير عبر مجلسها الوطني ومجلسها المركزي ولجنتها التنفيذية وأفعال مؤسساتها الجماهيرية واتحاداتها المهنية ونشاط جالياتها المنتشرة الموزعة على خارطة العالم، هذا هو الذي يحتاجه الشعب الفلسطيني أكثر من أي أداة أخرى مدنية أو عسكرية أو أمنية.

المصالحة مهمة لأنها تُقوي الموقف الفلسطيني الضعيف أمام تفوق العدو الإسرائيلي وقدراته المدعومة من قبل الولايات المتحدة ونفوذ الطوائف اليهودية في العالم، ولذلك ومن أجل تحقيق المصالحة الجدية الحقيقية الملموسة لخلق حالة الاستنهاض الوطنية المفقودة، فالمطلوب العمل على وضع البرامج والخطط والمشاريع والنقاشات التالية:

أولاً: على صعيد السلطة الفلسطينية الحفاظ على ثلاثة عناوين هي: 1- ولاية الرئيس المنتخب.. 2- ولاية المجلس التشريعي المنتخب.. 3- تشكيل حكومة إئتلافية ذات مصداقية تحظى بثقة المجلس التشريعي، وتنشيط عمل مؤسسة السلطة هو الذي يعطيها المكانة والمصداقية وتحظى بالدعم المالي والسياسي، الوطني والقومي والدولي خاصة من أوروبا لمواجهة الابتزاز الأميركي والعدو الإسرائيلي، فالمؤسسات الثلاثة فاقدة الولاية وتحتاج لإعادة مصداقيتها وتأكيد شرعيتها عبر الإنتخابات.

ثانياً: منظمة التحرير: 1- تفعيل القيادة الوطنية المؤقتة المشكلة من أعضاء اللجنة التنفيذية ومعهم تمثيل حماس والجهاد والقيادة العامة والصاعقة، لتقوم بالمهام الموكولة إليها مع عمل اللجنة التنفيذية.

2- عودة عمل اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني التي عقدت إجتماعها الأول في بيروت يوم 2016/1/15، برئاسة السيد سليم الزعنون لمواصلة ما قامت به نحو عقد المجلس الوطني بإتفاق ومشاركة كافة الأطراف الفلسطينية.

 

ولذلك علينا أن ندرك أن النظام السياسي الفلسطيني يقوم على ركيزتين، لا تعمل الواحدة دون الأخرى، وهما: 1- مؤسسة الرئاسة.. 2- مؤسسة المجلس التشريعي. وحصيلة ذلك أن النظام الفلسطيني لا هو نظام رئاسي يملك الرئيس فيه قوة السيطرة المنفردة ويعود له القرار منفرداً، ولا هو نظام برلماني يتولى فيه ومن خلاله المجلس التشريعي إدارة السلطة وإتخاذ القرار، بل هو نظام مختلط بين الرئاسي والبرلماني، حيث تتقاسم المؤسستان مهام العمل الوظيفي لإدارة السلطة من قبل الحكومة التي تتشكل بقاسم وقرار مشترك بينهما، وكلاهما يخضع للنظام الأساسي للسلطة الوطنية ومرجعيتها منظمة التحرير وقرارات مؤسساتها: المجلس الوطني، والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية.

 

قرار تشكيل السلطة الوطنية

في يوم العاشر من شهر تشرين أول 1993 بعد التوصل إلى إتفاق أوسلو التدريجي متعدد المراحل، عقد المجلس المركزي دورته العادية الثانية عشرة، وكان على جدول أعمالها عنوان واحد هو “إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية” وحضر أعماله 83 عضواً من أصل 110 أعضاء، بينما شارك عدد كبير من المراقبين حضروا أعمال الدورة التي إستمرت يومين، وقد أصدر المجلس في ختام أعماله قراراً هذا نصه:

“قرار إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية صادر عن المجلس المركزي الفلسطيني في دورته المنعقدة من 10-12/10/1993م في تونس.

أولاً: تكلف اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية بتشكيل مجلس السلطة الوطنية الفلسطينية في المرحلة الانتقالية من عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية، وعدد من الداخل والخارج.

ثانياً: يكون السيد ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيسًا لمجلس السلطة الوطنية الفلسطينية.”

 

تجديد ولاية الرئيس والمجلس التشريعي معاً

وتأكيداً لهذا الدور المعبر عن إرادة الأغلبية الفلسطينية، وتعزيزاً للشرعية الدستورية المستباحة من قبل العدو الإسرائيلي، ومن قبل المتنفذين أصحاب العين الواحدة التي لا ترى غير مصالحها الحزبية وإمتيازاتها الأنانية الفردية الضيقة، أصدر المجلس المركزي الفلسطيني في ختام دورة أعماله الثالثة والعشرين يوم 16/12/2009، قراراً على خلفية إنتهاء الولاية الدستورية والوظيفية لطرفي المعادلة المؤسسية: 1- لرئيس السلطة.. 2- للمجلس التشريعي.. حيث جدد القرار إستمرار عمل الطرفين معاً لحين إجراء الإنتخابات الرئاسية والتشريعية، ونص على ما يلي:

إن المجلس المركزي الفلسطيني صاحب الاختصاص الأصيل في تولي المسؤولية الوطنية، وبعد قرار لجنة الانتخابات المركزية بعدم إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري في 25/1/2010م، بسبب موقف حركة حماس ورفضها لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها المحدد، ووفق القانون، فإن المجلس المركزي يقرر ما يلي:

أولا: إدانة موقف حماس لرفضها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وتحميلها كامل المسؤولية لتعطيلها للانتخابات، وللحياة الديمقراطية، ولمبدأ تداول السلطة، عبر صندوق الاقتراع، والتأكيد على الديمقراطية والتعددية السياسية باعتبارهما النظام الوحيد لحياتنا السياسية.

ثانيا: استمرار محمود عباس رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دولة فلسطين، رئيس السلطة الوطنية المنتخب، على رأس مهامه رئيسًا للسلطة الوطنية الفلسطينية، لحين إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، والحرص على التزام الجميع بدور المجلس التشريعي وفق القانون الأساس.

ثالثا: الطلب من الأخ الرئيس واللجنة التنفيذية بذل كل الجهود من أجل تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني في أسرع وقت ممكن، على أن يقدم تقرير إلى المجلس المركزي في دورة انعقاده القادمة بعد ثلاثة أشهر، ويدعو المجلس المركزي اللجنة التنفيذية إلى المصادقة على قانون التمثيل النسبي لغجراء انتخابات المجلس الوطني.

رابعا: التحضير لعقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني خلال العام القادم 2010، من أجل النهوض بمنظمة التحرير الفلسطينية، وتفعيل وتطوير مؤسساتها ودوائرها وتعزيز دورها، باعتبارها المرجعية والممثل الشرعي الوحيد لشعبنا الفلسطيني.

خامسا: يؤكد المجلس إجراء الانتخابات للمجالس المحلية البلدية والقروية في مختلف مناطق السلطة الوطنية، وتصويب عمل المنظمات الشعبية والنقابية، وعقد المؤتمرات، وإجراء الانتخابات الديمقراطية.

هذه هي روحية قرارات المجلس المركزي حينما كانت المؤسسات الفلسطينية تقوم بعملها وتحدد مهامها وتراقب أداء قياداتها، قبل أن تتجه نحو منحى التفرد والتسلط والهيمنة، ومن هنا وعلى هذه الخلفية تبرز عدم شرعية المس بحقوق أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، الدستورية والقانونية والمالية بما فيها الحصانة، فمصدر شرعية الرئيس وقراراته تعتمد على توافقها وإنسجامها وتطابقها مع شرعية المجلس التشريعي وإستمراريته، فكلاهما مكمل للآخر، ولا شرعية لأحدهما على حساب الآخر، ولا يحق لأحدهما المساس بحقوق الآخر.

المصالحة بين فتح وحماس ونجاح الحوار الثنائي بينهما تمهيداً للحوار الوطني الشامل يوم 21 تشرين ثاني 2017، يشكل الأرضية لعودة العمل للمؤسستين معاً: الرئاسة والمجلس التشريعي، وبدونهما لن يكتمل المشهد السياسي الفلسطيني لمواجهة إجراءات العدو الإستعمارية بكافة أشكالها العدوانية، والتصدي لها وإحباطها.

 

 

h.faraneh@yahoo.com

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]