حمادة فراعنة يكتب: قراءة لوقائع اجتماعات المصالحة الفلسطينية (3)

المصالحة الفلسطينية راوحت مكانها والاشتباك التفاوضي نحو الشراكة مازال متعثراً

فوجئ الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من سرعة تجاوب حركة حماس لشروطه الثلاثة المعلنة وهي : 1- حل اللجنة الإدارية 17/9/2017، 2- تسليم حكومة رام الله وزارات ومؤسسات غزة 3/10/2017 ، ومعابرها 1/11/2017 ، 3- قبول إجراء الإنتخابات الرئاسية والتشريعية، وتراجعها عن مظاهر الإنقلاب، وحصيلة ذلك وما يتبعه تخليها عن سيطرتها المنفردة عن القطاع، ولم يكن هو وقيادة فتح مدركين أن العوامل الضاغطة على حركة حماس، المحلية منها والعربية والإقليمية، تفوق قدرتها على مواصلة تحمل تبعات التفرد الحزبي والسيطرة الأحادية وتداعياتهما.

ومقابل ما تعرضت له حركة حماس من عوامل ضاغطة دفعتها نحو الاستجابة لشروط المصالحة وقبول المبادرة المصرية، مقابل ذلك يبدو أن الرئيس محمود عباس يتعرض لضغوط مماثلة، ولكنها طاردة تحول دون استجابته لاستحقاقات المصالحة المطلوبة منه، وعدم انتقاله نحو المحطة الثانية بعد المصالحة، وهي فتح بوابات الشراكة لدى مؤسسات منظمة التحرير وسلطتها الوطنية، وقد ظهر ذلك جلياً من مشاهد التصعيد الفتحاوية التي اختبأت مظاهرها خلف كلمة التمكين، والتي باتت مكروهة لدى أهالي غزة، كرههم للإحتلال.

فقد أعلن عزام الأحمد رئيس وفد فتح “أن حركة حماس غير ملتزمة بما وقعت عليه، في اتفاق القاهرة حول إنهاء الانقسام، وأنها لم تُمكن الحكومة بعد من تسليم مسؤولياتها كافة في قطاع غزة”، وبذلك تحولت كلمة التمكين إلى الحجة والذريعة لبقاء حالة المصالحة تراوح مكانها، بدون أن تتقدم خطوة جوهرية إلى الأمام، وهو انطباع لم يسجله خصوم فتح من حركتي حماس والجهاد التي نالت نصيبها من التصعيد من قبل عزام الأحمد وتحميلها نصيباً من تحمل مسؤولية تخريب المصالحة، وحسب ، بل لقد رد على تصريحات عزام الأحمد، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو عفيفة بقوله ” إن الفصائل أكدت خلال لقاءات القاهرة أن إجراءات استلام الحكومة لمؤسسات القطاع، قد تمت بشكل إيجابي وسلس بدليل استلام الحكومة للمعابر والوزارات “. ودقق بتصريحات الأحمد التي قال فيها ” إن تمكين الحكومة لم يتجاوز 5%” بينما سبق له وأن قال رقماً غير ذلك حينما قال “إن تمكين الحكومة لم يتجاوز 50%” مما يدلل على اللغة التصعيدية لدى فتح والبحث عن ذرائع لربط الإجراءات العقابية من قبل حكومة رام الله ضد قطاع غزة بنظرية “التمكين” المدهشة !! .

حكومة رامي الحمدالله دعت في اجتماعها يوم الثلاثاء بتاريخ 28/11/2017 ، موظفي قطاع غزة السابقين للعودة لاستلام وظائفهم المتعطلين عنها منذ يونيو/حزيران 2007 ، وقد اتخذت هذا القرار بدون معالجة أوضاع الموظفين الذين عينتهم حركة حماس خلال العشر سنوات الماضية، مما دفع نقابة موظفي غزة التابعة لحركة حماس في بيان لها قولها رداً على قرار حكومة رام الله : “قرار حكومة رامي الحمدالله بعودة الموظفين السابقين بشكل مخالف لإتفاقات المصالحة، بعد أمرهم بالجلوس في منازلهم لأكثر من عشر سنوات، قرار غير مسؤول، ومحاولة للزج بموظفي الشعب الفلسطيني في أتون صراعات مجتمعية، تؤجج العنصرية، وتزيد الفرقة والخلاف بين أبناء الشعب الواحد ” ولذلك وجهت لهم نداء بقولها “لا تقبلوا زجكم في هذا العمل غير الأخلاقي ، وتبديد بوادر الوحدة “، وحذرت النقابة من النكوص عن صرف رواتبهم يوم 5 ديسمبر/كانون الأول 2017 ، وعدم صرفها وفق اتفاق القاهرة ” بمثابة إعلان حرب ” لأنه يمس أرزاق 45 الف موظف يعيلون ربع مليون مواطن، وقد قرروا الاعتصام في وزاراتهم ومنع الموظفين السابقين من دخولها.

القضية في خطر والشعب يناديكم لجنة دعم الوحدة الوطنية التي ضمت العشرات من ممثلي الفصائل والمجتمع المدني والشخصيات المستقلة، أطلقت نداء حمل عنوان ” القضية في خطر، الشعب يناديكم” يتوسل السعي الجاد والسريع من جميع المخلصين والوطنيين وأصدقاء القضية الفلسطينية وحلفائها لإنقاذ المصالحة قبل انهيارها، والملفت للانتباه أن هذه اللجنة حملت شعاراً ومضموناً يتم إطلاقه بشكل جماعي لأول مرة يُحّمل طرفي الانقسام فتح وحماس مسؤولية تردي الوضع الفلسطيني، إذ دعت في ندائها إلى “استكمال إنهاء السيطرة الانفرادية لحركة حماس على قطاع غزة، وإنهاء هيمنة حركة فتح على السلطة والمنظمة” وهو نداء ومضمون يدّعي كاتب هذه الأسطر أنه كان أول من بادر وطالب بإنهاء تفرد كل من فتح وحماس وسيطرتهما الأحادية : فتح على المنظمة وسلطتها، وحماس على قطاع غزة، وكتب ذلك مراراً، حتى تحول بفعل نداء ” لجنة دعم الوحدة الوطنية ” إلى شعار مركزي جماهيري له صدى مؤثر، إضافة إلى مطالبته ليس فقط وقف التنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب، بل وقف التهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب، لأن الالتزام بالتهدئة يتم من طرف واحد من غزة بدون التزام مماثل من قبل تل أبيب.

لجنة دعم الوحدة الوطنية بلورت مطالبها في بيانها المعلن يوم 2 ديسمبر/كانون الأول 2017 كما يلي : أولاً : رفع الإجراءات العقابية عن قطاع غزة من دون إبطاء .

ثانياً: استكمال إنهاء السيطرة الانفرادية لحركة حماس على قطاع غزة، وإنهاء هيمنة حركة فتح على السلطة والمنظمة.

ثالثاً: أن يكون قيام الحكومة بمهامها جزءاً من رزمة شاملة تفصيلية ضمن جدول زمني، وأن يكون قرار السلم والحرب خاضعاً للمؤسسات الوطنية الشرعية الموحدة، إضافة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، أو حكومة وفاق وطني قوية ومتفق عليها.

رابعاً: الاتفاق على قواعد وأسس الشراكة الوطنية المطلوبة لإدارة الشأن الوطني داخل مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الوطنية.

خامساً: دعوة اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني للانعقاد.

سادساً: العمل على تلبية الإحتياجات الإنسانية والحياتية والحقوق المدنية والحريات والمصالحة المجتمعية، بدون ربطها بأي مسارات أو تحقيق أهداف أخرى.

سابعاً: تحديد موعد لإجراء الإنتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني وفق التمثيل النسبي الكامل.

حالتا التصعيد والتأزيم التي انفجرت في أعقاب إخفاق اجتماع القاهرة يومي 21 و 22 نوفمبر/تشرين الثاني دعت القيادة المصرية مرة أخرى لجمع طرفي الانقسام والخلاف والتجاذب نحو اجتماع ثنائي بالقاهرة يوم الثاني من ديسمبر/كانون الثاني 2017، لوضع خارطة طريق تفصيلية لتطبيق الاتفاق بين فتح وحماس، والقيام بزيارة جماعية إلى غزة والوقوف على ما تم من إجراءات التمكين، والعمل على إزالة العقبات التي تحول دون استكمالها.

عناوين الاشتباك التفاوضي

ومع ذلك مازالت طريق الشراكة مستعصية وتحتاج إلى المزيد من ” الاشتباكات التفاوضية ” نظراً لحجم الانقسام الذي ترسخ طوال العشر سنوات تخللها العديد من الاتفاقات الوحدية التي وقعت بدءاً من إتفاق 2005، ووثيقة الوفاق الوطني 2006 ، واتفاقي القاهرة 2011 و2013 ، وكذلك قرارات المجلس المركزي 26/10/2009 ، و5/3/2015 ، وقرارات اللجنة التنفيذية في 21/7/2017 ، و12/8/2017 ، ونتائج إجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني في بيروت يوم 15/1/2017، وأخيراً بيان الحوار الوطني الجماعي يوم 22/11/2017 ، وهذا يتطلب تحقيق ثلاث خطوات مختصرة تشكل عنوان الشراكة وأداتها وأرضيتها وهي :

أولاً : دعوة المجلس التشريعي للإنعقاد والعمل أُسوة بمؤسسة الرئاسة، كي تقف السلطة الوطنية على دعامتي المؤسستين المتكاملتين هما : مؤسسة الرئاسة ومؤسسة المجلس التشريعي ، كمؤسستين تخلقان التوازن المفقود سياسياً ووطنياً وشراكة.

ثانياً : دعوة القيادة الوطنية الموحدة المؤقتة للعمل، نظراً لتكامل عضويتها شاملة اللجنة التنفيذية ورئيسها والفصائل الخمسة: حماس والجهاد والقيادة العامة والصاعقة وحركة المبادرة.

ثالثاً : دعوة اللجنة التحضيرية التي انعقدت في بيروت بداية العام 2017، برئاسة رئيس المجلس الوطني، لاستكمال ومواصلة عملها لعقد مجلس وطني جديد يضم الكل الفلسطيني ووفق القيم والأسس والتوجهات المتفق عليها.

بهذه العناوين الثلاثة يمكن بناء الثقة والشراكة ومواجهة التحديات المتفاقمة وهي ليست جديدة وإن كانت عناوينها جديدة، ولكن مواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني وحركته السياسية تبدأ من كرة الثلج الصغيرة المتراكمة وهي العامل الذاتي، فالعامل الذاتي هو الأساس وهو المفقود، وهو المطلوب، وهذا لن يتم إلا بحضور وشراكة فتح وحماس، والفصائل الأخرى والمستقلين من أجل الوصول إلى :

1- برنامج سياسي مشترك

2- مؤسسة تمثيلية موحدة: منظمة التحرير وسلطتها داخل الوطن  3- أدوات كفاحية متفق عليها ، تلك هي أدوات وعناوين خارطة الطريق الفلسطينية ولا خيار غيرها أو بديلاً عنها ، بديلاً للهيمنة والتفرد من طرفي المعادلة فتح وحماس ، وهي الحصيلة القادرة على إختراق الصفوف وتمتين جبهة الشعب الفلسطيني الداخلية والقادرة كما حققت على استنزاف الاحتلال وجعله مكلفاً رغم تفوقه ودفعه للتراجع كما حصل واقعياً في إنتفاضة 1987 ونتائجها ، وإنتفاضة 2000 ونتائجها ، وإنتفاضة القدس تموز 2017 ونتائجها والتي أرغمت إسحق رابين وشارون ونتنياهو عن العديد من مخططاتهم العداونية الإستعمارية ، رغم إمكانات العدو ومشروعه الإستعماري التوسعي المتفوقة ، ورغم إمكانات المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني المتواضعة .

h.faraneh@yahoo.com

* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]