حمادة فراعنة يكتب: مع نهاية خطوات المصالحة تبدأ مرحلة الشراكة

وأخيراً تسلمت حكومة رام الله يوم الأربعاء 1/11/2017، معبر رفح الحدودي مع الجانب المصري بحضور وفد أمني من القاهرة أشرف على سلسلة الخطوات المتتالية التي أقدمت عليها حركة حماس برغبتها أو مرغمة عليها، إستجابة للمبادرة المصرية وشروط الرئيس محمود عباس ، بعد نجاح القاهرة في جمع طرفي الانقسام الفلسطيني فتح وحماس يوم 10/10/2017 ، والتوصل إلى إتفاق المصالحة المعلن بينهما ، وتنفيذ خطواتها التدريجية التي بدأت :

1- بحل اللجنة الإدارية الحمساوية التي كانت تُدير قطاع غزة منفردة منذ قرار حماس بالحسم العسكري والإنقلاب الدموي في حزيران 2007 .

2- التخلي عن سيطرة حركة حماس الأحادي عن قطاع غزة وتسليم مفاتيحه ووزاراته ومؤسساته إلى حكومة رام الله يوم 3/10/2017 .

3- تسليم معبر رفح الفلسطيني إلى إدارة المعابر والحدود لدى حكومة رام الله ، وبذلك تكون حماس قد تخلت عما كان بيدها من مظاهر السيادة الأحادية والإدارة المنفردة لتبدأ صفحة جديدة بعد صفحة المصالحة وهي صفحة الشراكة .

 

التراجع عن الإنقلاب

صفحة المصالحة إستكملت إجراءاتها أو كادت من طرف واحد ، عنوانها تراجع حركة حماس عن الإنقلاب بعد عشر سنوات ، فشلت خلالها جني تبعاته وتحقيق أهدافه : 1- في أن تكون بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية  ، 2- وأن تكون عنوان الشرعية الفلسطينية وأداتها لكونها مالكة للأغلبية البرلمانية لدى المجلس التشريعي المنتخب ، بديلاً عن السلطة الفلسطينية وحكومة رام الله ، ومع ذلك ورغم أنها إمتداد لأقوى وأكبر حركة سياسية عابرة للحدود في العالم العربي ولها إمتدادتها الحزبية في أكثر من سبعين دولة في العالم ، فقد أخفقت في مواصلة سيطرتها وتفردها وبرنامجها ، وتراجعت لتعود إلى تواضعها كفصيل فلسطيني له ما له ، وعليه ما عليه ، مثلها في ذلك مثل حركة فتح التي لها تاريخ من الإنجازات ويُسجل عليها الكثير من الإخفاقات :

أولاً : في مواجهة العدو الإسرائيلي ، بدءاً من : 1- فشلها في إستكمال خطوات الاستقلال التدريجي التي بدأها الرئيس الراحل ياسر عرفات ، 2- فشلها في التصدي للإستيطان الزاحف ، 3- وفشلها في تنفيذ مراحل إتفاق أوسلو التدريجي متعدد المراحل .

وثانياً : إخفاقها في الحفاظ على موقعها الأول بين صفوف الفلسطينيين ، الضفة والقدس والقطاع من خلال : 1- عدم نجاحها في الإنتخابات البلدية أمام حركة حماس عام 2005 ، 2- عدم حصولها على الأغلبية البرلمانية لدى المجلس التشريعي في الإنتخابات عام 2006 ، حماس حصلت على 74 مقعداً ، وفتح على 45 مقعداً ، 3- فشلها في إحباط إنقلاب حركة حماس في 2007 ، 4- فشلها في إستعادة قطاع غزة إلى حضن الشرعية الفلسطينية طوال العشر سنوات الماضية .

ولذلك إختصرتُ وصف حصيلة المصالحة بين طرفي الإنقسام أن حركة حماس لم تُهزم وحركة فتح لم تنتصر ، فقد إستعادت حركة فتح مواصفات الشرعية ومؤسساتها نظراً لأن رئيسها رمز الشرعية المنتخب من مؤسستين هما : 1- منظمة التحرير الفلسطينية عبر لجنتها التنفيذية بعد رحيل الرئيس أبو عمار في شهر تشرين الثاني 2004 ، 2- في الإنتخابات العامة لرئاسة السلطة الفلسطينية يوم 25/1/2005 ، وقد إنتهت ولايته وجدد له المجلس المركزي الفلسطيني بقرار مشترك مع المجلس التشريعي يوم 26/10/2009 ، إلى يومنا هذا حتى إجراء الإنتخابات المقبلة .

 

خطوات الشراكة

حركة حماس تخلت عن تفردها في إدارة قطاع غزة ونفذت ما هو مطلوب منها وفق المصالحة ، والقاهرة لازالت تضبط إيقاع خطواتها ، لتبدأ بعدها خطوات الإستحقاق المطلوبة من حركة فتح ، وهذا ما أطلقتُ عليه ” الاشتباك التفاوضي ” الذي سيبدأ من يوم 21/11/2017 ، بمشاركة 13 فصيلاً فلسطينياً ، وفي الأول من كانون أول 2017 في إجتماع ثنائي بين فتح وحماس لتقييم ما تم تنفيذه من خطوات المصالحة لتبدأ معها خطوات الشراكة بإتجاهين :

الأول : تفعيل الشرعية الفلسطينية والتقاسم الوظيفي بين مؤسستي الرئاسة والمجلس التشريعي ليعود له العمل أسوة بموقع الرئيس وفق قرار المجلس المركزي حتى تجري الإنتخابات الرئاسية والتشريعية .

الثاني : تفعيل اللجنة القيادية المؤقتة لإدارة منظمة التحرير المشكلة من اللجنة التنفيذية ، ورئاسة المجلس الوطني ، والأمناء العامين للفصائل إلى حين عقد المجلس الوطني الفلسطيني ليصار إلى عودة كل من الجبهة الشعبية القيادية العامة والصاعقة ، ومشاركة حماس والجهاد في مؤسسات منظمة التحرير ليصل الوضع الفلسطيني إلى مستقره المطلوب والقائم على ثلاثة عوامل هي :

  • برنامج سياسي مشترك ، 2- مؤسسة تمثيلية موحدة ، 3- أدوات كفاحية متفق عليها .

 

العودة إلى فهم الواقع والعمل على تغييره

المصالحة ، ومن ثم الشراكة ستكون أمام تحديات كبيرة لتبدأ مرحلة نوعية جديدة تواجه الشعب العربي الفلسطيني في ظل معطيات مساندة وبعضها محبطة ، فعلى الصعيد الإيجابي إنتهت أو كادت حروب العرب البينية التي إنفجرت مع إنفجار ثورة الربيع العربي بهزيمة أحزاب التيار الإسلامي من فرض كامل هيمنتها وتسلطها على المجتمع العربي وأنظمته ، وبذلك يمكن لأحزاب التيارات الوطنية والقومية واليسارية تستعيد أنفاسها وتنهض بدورها وتشكل روافع داعمة لنضالها الفلسطيني الموحد ، بعد غياب وتراجع تأثيرها الجماهيري حزبياً ونقابياً وبرلمانياً ، بل ومن المتوقع أن تكون أكثر فعالية أمام هبوط مكانة الأنظمة الأحادية وتسلطها ، بعد أن فجرت ثورة الربيع العربي أهمية الشارع ، وتحرك الجماهير في إسقاط رموز أنظمة عاتية إنفردت في الحكم ، وولدت حالة الغليان الإجتماعي بسبب غياب العدالة والديمقراطية وتداول السلطة ، وعجزها في إستكمال خطوات الإستقلال السياسي والإقتصادي ، حيث بات النظام العربي بأغلبيته رهينة للعجز في الموازنة ، وتراكم المديونية وعدم القدرة على توفير الخدمات الضرورية والحيوية للإنسان العربي من علاج وتعليم وعمل وسكن .

التحدي الأكبر الذي سيواجه الحركة السياسية الفلسطينية ولا أقول الوطنية أو الإسلامية أو غيرها من المواصفات ، التحدي السياسي الأكبر الذي سيواجه مطبخ صنع القرار الفلسطيني ، هو مواجهة ” صفقة القرن ” الأميركية فهل المصالحة ومن ثم الوحدة القائمة على أساس الشراكة هو : التجاوب مع صفقة القرن أو التصدي لها ، ذلك هو التحدي ، وهذا لا شك أنه سيعتمد على مضمون المبادرة الأميركية التي سيقدمها الرئيس ترامب لطرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي .

من التجارب المستفيضة السابقة ، بعد التوصل إلى إتفاق أوسلو الذي توصل إليه طرفا الصراع بدون تدخل من أي طرف ، وبدون وساطة أحد ، بإستثناء الرعاية النرويجية التي وفرت مكان اللقاءات غير العلنية ، بدون أي تدخل في ثنايا المفاوضات وتوجيهها ، وبدون تقديم أي إقتراحات لمعالجة الإستعصاءات التي مرت بها خلال أشهر المفاوضات السرية منذ أذار وحتى أب 1993 ، منذ ذلك الوقت ، ساهمت ورعت الولايات المتحدة كافة أو أغلبية محطات التفاوض الفلسطينية الإسرائيلية ، ومن قبل الإدارات الأميركية المباشرة في البيت الأبيض ، وقد سجلت إدارات كلينتون في كامب ديفيد سنة 2000 ، وبوش في أنابوليس 2007 ، وفي عهدي إدارة أوباما الأولى 2009 – 2012  ومفوضه السيناتور جورج ميتشيل ، والثانية 2013 حتى نيسان 2014 ومفوضه وزير الخارجية جون كيري ، سجلت عجزاً بائناً في معالجة قضايا المرحلة النهائية : القدس ، اللاجئين ، الأرض ، الحدود ، الأمن والتعويضات ، وذلك يعود لسببين : أولهما تعنت الطرف الإسرائيلي الذي لم يتجاوب مع حقوق الشعب الفلسطيني وإستحقاقاته ، وثانيهما تمسك القيادة الفلسطينية ، على ضعفها وقلة إمكانياتها ، ومرونة مواقفها والتجاوب مع الضغوط التي تعرضت لها ، ولكنها تمسكت بحقوق شعبها الأساسية غير القابلة للتبديد أو التلاشي أو الإنهاء ، وعدم التنازل عنها ، ولذلك فشلت كافة المساعي الأميركية للتوصل إلى تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، بعد أن جلبت طرفي الصراع إلى طاولة المفاوضات ، أكثر من مرة ومن قبل مختلف الإدارات الأميركية ، وهو إجراء قد تُفلح فيه إدارة ترامب ، ولكن هل تتمكن من التوصل إلى تسوية حقيقية في ظل المعطيات القائمة وموازين القوى المختلة لصالح المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ؟؟ .

 

هل يستطيع ترامب ؟

 هل تستطيع إدارة ترامب ، تحقيق ما عجزت عنه الإدارات الأميركية السابقة ؟؟ هل تستطيع إدارة ترامب فرض تنازلات لم تتمكن من أخذها من حكومات تل أبيب المتعاقبة ، واشنطن لم تتمكن سابقاً فهل تتمكن الأن ؟؟ ما هي المستجدات والعوامل المؤثرة التي ستُرغم نتنياهو وحكومته على مسألتين الأولى وقف الإستيطان على طريق إزالته كما فعل شارون في قطاع غزة عام 2005 ، والثانية التخلي عن الأرض والإنسحاب عنها ، وتركها لأصحابها الفلسطينيين وفق قرار مجلس الأمن : الإنسحاب وعدم الضم رقم 242 ، كما سبق وفعلها إسحق رابين وأريئيل شارون ؟ ولكن رابين وشارون فعلاها بدون وساطة أحد ، بل أُجبرا عليها إستجابة لمعطيات الإنتفاضة الأولى عند رابين 1993 ، والإنتفاضة الثانية لدى شارون عام 2005 !! ، ولذلك إذا رفض الفلسطينييون مقترحات وتوصيات وتسويات سياسية قدمها الأميركيون عبر قادتهم في البيت الأبيض ، وكانت تقترب أكثر لبعض حقوق الشعب الفلسطيني ، ولكنها لم تصل إلى مستوى الحد الأدنى لحقوق الفلسطينيين التاريخية ، وتم رفضها فهل يتجاوب الفلسطينييون لخطة ترامب غير المعلنة ، خاصة وأن المؤشرات المسربة والمعلنة من قبل طواقم ترامب ، كوشنير وجرينبلات لا تؤشر على ما هو إيجابي خاصة الإنحياز الفاقع من قبل هؤلاء نحو حكومة نتنياهو واليمين المتطرف ومشروعهم الإستعماري التوسعي !! .

 

أدوات الفلسطينيين

ماذا لدى الفلسطينيين من أوراق ضغط وقوة تنفيذ لجعل الإحتلال مكلفاً على المستويات الإسرائيلية والأوروبية والأميركية بل وحتى العربية ؟؟ كي ترغمه على التفكير بالرحيل ، مجرد التفكير لتكون حافزاً وغطاء له أمام الأغلبية البرلمانية التي يملكها مع أحزاب المستوطنين وخاصة حزب ليبرمان وزير الحرب والعدوان ، وحزب نفتالي بينيت وزير التعليم وهما الأكثر تطرفاً وتضرراً من أي تسوية لكون قاعدتيهما من المستوطنين المتطرفين .

المصالحة ، وبعدها الشراكة وصولا لبرنامج سياسي مشترك ومؤسسة تمثيلية موحدة هي أدوات الصمود السياسي في وجه الضغوط المتوقعة على الجانب الفلسطيني ليقبل التعامل مع خطة ” ترامب ” لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي .

حركة حماس والجبهة الديمقراطية إجتمعتا في بيروت يوم 4/11/2017 ، وأدركت مفتاح الصمود السياسي ، ولذلك شددتا على ضرورة الإنتهاء من النتائج الكارثية للإنقسام وكفاية ضياع عشر سنوات من عمر الشعب الفلسطيني ، وضرورة إنجاح خطوات المصالحة ، والتي تتطلب إتباع خطوات مباشرة برفع جميع الإجراءات العقابية التي إتخذتها حكومة رام الله ، وإتفقتا حماس والجبهة الديمقراطية وطالبتا حركتي فتح وحماس الإسراع في الأليات التنفيذية التي تم التوافق بشأنها بين جميع الفصائل ، وهذا ما يجعل الأبواب مفتوحة أمام التوافق حول برنامج وطني يوحد كل الشعب الفلسطيني بمشروع نضالي يشكل رافعة لنهوض وطني ، بما يستجيب لمختلف التحديات التي تهدد الشعب الفلسطيني في ظل الإستهدافات الإسرائيلية – الأميركية المتعددة للقضية الفلسطينية .

 

h.faraneh@yahoo.com

 

* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]