تعرضت العلاقة بين حركة حماس وإيران، بعد تخلي الأولى عن النظام السوري عام 2011، لعدة ضربات، ومرت بمنحنيات مختلفة، وصل الأمر إلى حد تقليص طهران دعمها المالي والعسكري للحركة الإسلامية.
ويزور وفد رفيع المستوى من حركة حماس طهران، برئاسة نائب رئيس الحركة صالح العاروري، في وقت تفتح فيه حماس صفحة جديدة مع مصر، وهو ما يرى فيه مراقبون فلسطينيون بأنه يأتي ضمن استراتيجية، تتبناها حماس للتقارب مع طهران والقاهرة في آن واحد.
ويضم وفد حماس الذي وصل طهران أمس الجمعة، كلاً من “عزت الرشق، ومحمد نصر، وأسامة حمدان، وزاهر جبارين، وسامي أبو زهري”، وممثل الحركة في إيران خالد القدومي.
وتزامنت زيارة حماس إلى طهران مع توقيعها اتفاق المصالحة الداخلية الفلسطينية مع حركة (فتح) برعاية مصرية، في الثاني عشر من الشهر الجاري.
زيارة حماس إلى طهران، لم تكن بعيدة عن الانظار الإسرائيلية، حيث توعد منسق اعمال حكومة دولة الاحتلال في الاراضي الفلسطينية المحتلة “يواف مردخاي” الحركة بدفع “ثمن باهظ” عشية زيارة العاصمة الإيرانية، طهران.
قراءة في زيارة طهران
وقال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون عن توقيت زيارة وفد حماس إلى طهران “يبدو أن حركة حماس طورت علاقتها مع إيران وتحاوزت الكثير من الملفات الشائكة بينهما، ويبدو اننا سنشهد زيارات مكثفة ومتواصلة وتوسع في العلاقة في المستقبل القريب”.
ورأى المدهون في تصريحه مع “الغد”، أن “حماس معنية جداً بالعلاقة مع إيران وتضعها على سلم أولوياتها، وكذلك إيران مرحبة بالعلاقة مع حماس، ومعنية بتوسيع تلك العلاقة ودعم الحركة ماليا وعسكريا وسياسيا”.
وأضاف “اعتقد أن هناك معادلات تعاون مشترك، وتفاهمات ترسخ في هذه الزيارات، وهذا ما سينعكس على قوة الحركة، وحضورها، السياسي من جهة، والعسكري من جهة أخرى”.
وتابع “حماس تحظر في العلاقة مع إيران أن تتدخل أو تتورط في الصراعات الاقليمية الداخلية منها المذهبية أو السياسية، وتحاول أن تنأى بنفسها وبالقضية الفلسطينية عن هذه الصراعات”.
ومضى “ايضا حماس معنية أن تكون هذه العلاقة ليست على حساب علاقتها بالقوى الاقليمية الاخرى، مثل الدول الخليجية، بل ستحرص على تعزيز علاقتها خلال المرحلة المقبلة مع تلك الدول الخليجية”.
وقال المدهون “باعتقادي أن حماس تتخذ استراتيجية، وأولوية التقارب مع مصر وايران في هذه المرحلة، واعتقد انها نجحت في ترتيب الأوراق إن كان مع القاهرة أو طهران وهناك إشارات نجاح”.
من جانبه، قال علي بركة ممثل حركة حماس في لبنان، إن أي علاقة تُنشئها حركة حماس في المنطقة لن تكون على حساب علاقاتها السابقة مع الدولة العربية والإسلامية.
إسرائيل تتوعد حماس
زيارة وفد قيادي في حركة حماس العاصمة الإيرانية، طهران، استفزت إسرائيل، حيث توعد منسق اعمال حكومة دولة الاحتلال في الاراضي المحتلة اللواء يواف مردخاي حركة حماس، وقال إنها ستدفع “ثمنا باهظا” لاستمرار علاقاتها مع النظام الايراني.
وأضاف في تصريحات صحفية، اليوم السبت: أن “قادة حماس الذين زاروا ويزورون طهران لا يكلفون انفسهم بإخفاء زياراتهم لإيران التي تواصل التحريض على دولة اسرائيل بشكل عنصري”، على حد قوله.
وادعى مردخاي ان حركة حماس ما تزال تتلقى دعما ماليا وعسكريا من ايران وهي لا تقوم بإخفاء ذلك بل على العكس، مشيرا إلى ان على حماس دفع “ثمن باهظ” نتيجة مواقفها هذه.
واكد مردخاي ان حركة حماس وايران لا يدفعون الثمن، مدعيا ان من يدفع الثمن هم سكان قطاع غزة المدنيين، على حد زعمه .
ومضى “ان نظام ايران هو نظام راديكالي متطرف يدعو الى تدمير اسرائيل كما ان حماس تقوم بتنفيذ سياسة ايران هذه”، محذرا من ان اهالي القطاع سيدفعون ثمن مواقف حماس التي تطيع طهران طاعة عمياء.
ضغط إسرائيلي
ويقرأ الكاتب المدهون تصريحات مردخاي، قائلاً: “من الطبيعي أن يقلق الاحتلال من علاقة حماس وطهران، وتطور هذه العلاقة، وهو يدرك أن هذه العلاقة تصب في صالح حركة حماس من جهة وصالح ايران من جهة أخرى”.
وأوضح المدهون، أن إسرائيل ستمارس الضغط بمختلف الطرق للتأثير على هذه العلاقة، بيد أنه رأى أن قدرة إسرائيل على التأثير واخافة حماس “شبه معدومة”، على حد قوله.
وأشار إلى أن التصريحات الإسرائيلية تجاه حماس التي اعقبت الزيارة، ستدفع الحركة لتعزيز علاقتها مع طهران، كما أن اسرائيل لا تملك اوراق ضغط على حماس لقطع العلاقة، إضافة إلى أنه لا يوجد أي قوة إقليمية أو وطنية ستعاطى مع المطلب الاسرائيلي.
وذكر بيان صادر عن حركة حماس أن وفد الحركة الذي يزور طهران ثلاثة أيام، سيناقش آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية والعلاقات الثنائية وتطورات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقال مسؤولون عن حماس إن الزيارة جاءت لاطلاع المسؤولين الإيرانيين على اتفاق المصالحة الفلسطينية الموقع بين حماس وفتح برعاية مصرية.
وقال رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحي السنوار، الخميس الماضي خلال لقاء عقده مع الشباب، إن “علاقتنا مع عمقنا العربي والإسلامي استراتيجية ولم نقطع علاقتنا مع مصر أو أي دولة أخرى، وإيران هي الداعم الأكبر للقسام”.
و وقعت حركتي فتح و حماس اتفاق لإنهاء الانقسام في 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في العاصمة المصرية القاهرة، يتم بموجبه تمكين الحكومة التوافق من العمل دون معيقات في قطاع غزة، بموعد أقصاه 1 ديسمبر/كانون الأول هذا العام.
