حوار| مريم المهدي: الأحزاب السودانية تمارس حراكا سياسيا يراهن على وعي المواطن 

دعوات «هدم التراث» متطرفة.. والتوفيق بين الأصالة والمعاصرة هي الحل

نشهد استعباد للمرأة من قبل البعض والمسائل الاجتماعية تحتاج دراسة متأنية

قالت الدكتورة مريم المنصورة الصادق المهدي، السياسية السودانية، ونائب رئيس حزب الأمة السوداني، إن الأحزاب السودانية استطاعت بفضل ما تمتلكه من نضج ووعي أن تدشن أطول فترة للحراك السياسي، مشيرة إلى أن المتصوفة في السودان تدخلوا في السياسة كرد فعل على موقف الحكومة والأحزاب المعارض لوجودهما على الساحة السياسية، وهو ما دفع المتصوفة للعمل على إنشاء حزب سياسي سرعان ما تراجعوا عنه حفاظاً علي مبادئها القائمة علي التعبد والصفاء.

وأضافت المهدي أن المسلمين بحاجة إلى إقامة بحث حقيقي في المسائل الاجتماعية التي تخص مسائل الزواج لتواكب العصر، بعيدة عن التجزئة أو التهور، مشددة علي أن التطرف رد فعل لممارسات حققتها السياسة الدولية في المنطقة، وإلى نص الحوار:

 

بداية.. من هي الدكتورة مريم المهدي؟

اسمي مريم المنصورة الصادق المهدي، أنتمي لعائلة مسلمة، سودانية، إفريقية، أعمل طبيبة، بالإضافة إلى العمل السياسي لخدمة بلادي، والبحث عن مستقبل أفضل لأولادنا.

حدثينا عن وضع المرأة الآن في العالم بوجه عام وفي السودان والوطن العربي خاصة؟

وضع النساء في العالم صعب، لأسباب متعددة من بينها الأسباب الثقافية، لكن وسط هذه التحديات نجحت النساء في فرض أنفسهن بقوة الفكر والنضال، فكافة النساء يعانين من تحديات وفرص على حد سواء، ونحن في السودان اليوم تمتلك المرأة حضورا قويا في كافة المجالات السياسية والاجتماعية، لكن يخفت دورها على المستوي الاقتصادي، كما أن هناك قوانين تحاول إضعاف دورنا، وبفضل العزيمة استطعنا وضع الحد الأدني لتمكين المرأة وبات من حقنا الترشح والانتخاب.

ومن منطلق الدين تستمد المرأة منه قوتها في المطالبة بحقوقها، فهو من يعطيها كثيرا من الحقوق، فأنا أعمل على تمكين المرأة من خلال ديني الإسلامي، حيث أنه كرم الإنسان بشقيه، وهناك أدوار كبيرة قدمتها المرأة في الإسلام، منها ما قامت به السيدة خديجة في دعم الرسالة، كما كان للسيدة حفصة دورا في حفظ القرآن، خلاف ما زكي بيه النبي السيدة عائشة حينما قال “خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء”، وهناك للأسف الشديد غياب للتعاون بين المرأة العربية، والسبب في ذلك التوجيه السياسي، ولا يوجد منابر حقيقية للتواصل بيننا.

ماذا سر حالة العداء شبه الدائمة بين الشرق والغرب؟

استطيع القول أن هناك حالة استقطاب شديد، فأنا كإفريقية مسلمة، لدي رغبة في التعارف، مصداقا لقوله تعالي” وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”، والتعارف يأتي بالمقابلة، إلا أن مشكلتنا اليوم أننا نبحث عن التفاخر وغيره، وتركنا التعارف، وفي الغرب وجدت الإنسانية القائمة علي الاحترام الراقي في التعامل مع الإنسان كونه إنسانا، إلا أن التدخل السياسي في التعامل الإنساني أضر بتلك النظرة، وبات الزي الذي أرتديه كمسلمة في الغرب اليوم يشكل خطرا عليهم، وباتت العنصرية موجودة عند الجميع.

وبعيدا عن المؤثرات السياسية فإن هناك عوامل كثيرة للتواصل الإنساني الذي من شأنه القضاء علي تلك المشاعر، وفي رأيي الانتماء للإنسانية أصبح نادرا في عالمنا نتيجة الاستقطاب منا ومنهم، فهم ليسوا أبرياء، وبتعديهم علينا أصبحنا نحن رد فعل علي تلك التحديات، ومن المهم الآن أن نواجه المشاكل المشتركة من الأمراض، والفقر، والزيادة السكانية.

 

 

 

 

برأيك ما أسباب خوض المثقفين مؤخراً في مسألة التراث ورغبتهم في هدمه؟

هناك غضب شديد وردة فعل علي حد سواء، حيث انقسم المجتمع ما بين من يري التراث كلاما فارغا يجب هجره وتركه تماماً، يقابلهم ردة فعل تري الواقع السيئ يدفع للعودة إلي الماضي وتراثه دون النظر إلى ما يحدث من تطورات، وكلاهما ردة فعل تعبر عن إحباط وفشل ومحاولة لإلغاء الآخر، وتغذية بعضهم البعض من خلال الكراهية، ما يجعلنا نقول بأننا في أشد الحاجة إلى أن ننظر إلى الواقع ونبحث عن نجاحات الماضي ونستمد منها ما يدفعنا إلي الأمام، وأن نبحث عن المبادئ وما يمكن استفادته من هذا التراث، فالنجاح اليوم يتمثل في التأصيل والمعاصرة علي حد سواء.

ولكن لماذا تنتشر الأفكار المتطرفة بيننا؟

الشعور بالغضب والإحباط، والقهر، جميعها أسباب أدت إلى ما نعانيه اليوم من قدرة الجماعات والتنظيمات المتطرفة على الانتشار السريع، فالواقع المعاصر يوجد به فقر، وقلة تعليم، وقلة وعي ديني، وجميعها يدفع نحو التطرف، كما أن الاستغراق في المخدرات، والرغبة في الهجرة غير الشرعية مسائل تحتاج النظر والمعالجة، خاصة أن التطرف في جوهره ردة فعل وليس فعلا، فلأسباب كثيرة بات الغرب في نظرنا داعما في أغلب الأحيان للحكومات المتسببة في القهر، وهو ما فعله “بوش الابن” بالعراق، وتقسيمه للعالم ما بين معنا وضدنا، أدي لحالة غضب شديد وتطرف.

وما سر تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب؟

الإسلاموفوبيا هو مصطلح يعبر عن شعور بالخوف والتربص مما يحدث للإسلام من انتشار سريع في الغرب، وهم يعتبرونه أقوي دين الآن، رغم اتهامه بالإرهاب، مما أدى بالبعض إلى محاولة التأثير على هذا النجاح الذي يحققه الإسلام في بلادهم.

بالنظر إلى السودان، هناك من يري تراجعاً للحالة الحزبية هناك، فما السبب؟

هذا الكلام ليس صحيحاً، فالجرائد اليومية تبرز دور الأحزاب السودانية بصورة دائمة، رغم أننا في دولة تعاني من نظام يحكم منذ 28 سنة، مارس خلالها الاستبداد وقسم السودان وهمش الكثير من الأحزاب، إلا أن الأحزاب تبرهن بأنها من المرونة والحضور ما جعل تستمر إلى اليوم تواجه هذا القمع والاضطهاد، ما جعل هذا الصمود أطول حراك سياسي، وذلك بفضل النضج السياسي لدي قادة هذه الأحزاب، وقدرة المواطن على التفرقة بين الأحزاب الصنيعة والحقيقية.

ومنذ 2003 هناك مشاركة حقيقية، وتجاربنا تسير بقدر من التماسك، خلاف ما يروج، فرغم الـ 28 سنة التي قد تتسب في إحباط من ممارسات نظام شمولي مستبد قسم السودان، إلا أننا موجودون وشكلنا مركزا آخر من القوة تجعل النظام يخشانا ويعي حجم شعبيته.

ماذا عن تدخل التيار الصوفي على خط السياسة في السودان؟

العمل الصوفي والمكونات الصوفية لم تدخل حتي الآن في هذا الطريق، فبالنسبة لنا الأحزاب الكبيرة كحزب الأمة هو تحالف عريض بين مجموعات من الخريجين، والطرق الصوفية، لكن شيخ الطريقة فقط من ينتمي للحزب، أما باقي طريقته فلا يجبرون علي هذا العمل كنوع من الاستقلالية، والمسألة عندنا أصبحت تفكيرا مشتركا في المهام الوطنية.

مؤخراً، وبعد قيام النظام الحالي ورغبته في إضعاف الأحزاب وانحيازه لبعض التيارات الإسلامية وتجاهل الصوفية وهدم أضرحتهم، أصبح هناك هجوم علي الصوفية جعلهم يشعرون باستهداف ورغبة في الدفاع عن أنفسهم، ما تسبب في تكوين دفاع حزب سياسي صوفي لكن تم التراجع السريع عنه، لأن الصوفية إصلاح للفرد على أساس من التعبد والعبادات ودخوله في السياسة قد يبعده عن أسسه، وهذا لا يعني أنهم سيظلون قوة سياسية قوية بتحالفاتهم لا بأحزابهم.

ما تعليقك على دعوات زواج المسلمة من غير المسلم التي انتشرت مؤخراً؟

المعاملات في الإسلام تحدثت عنها كثير من المدارس الفقهية، إلا أن المجالات الاجتماعية تحتاج منا أن نبحث بقدر من التوسع والرزانة مشاكل العصمة، والطلاق، وعقد الزواج، ومؤخر الصداق، والصداق نفسه، وواجبات الزوجة والزوج، فجميعها تحتاج إلى البحث وفق انسانية المرأة، وانسانية الرجل وما أتى به الإسلام، لتواجه المحاولات الديكتاتورية لإذلال المرأة، وجعلها عبدة للرجل، إلى جانب مسألة إمامتها، ودورها، وقيادتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فكل هذا بحاجة إلى مراجعة بحثية، وما نشاهده اليوم أننا محكوم علينا من قبل الآخر، بأننا نحتقر المرأة، وهو واقع لا يتطلب الاجتزاء، أو التسرع، ولكن علينا أن نبحث بعقلية مختلفة عن حقوق الرجل والمرأة علي حد سواء.

وهل نحن في حالة من انعدام للفقيه المحدث والمجدد؟

للأسف الشديد، لكن هناك مسؤولية لدي الإعلام فيما يحدثه من محاولة للإثارة في جلب البعض ليتحدث عن الفتاوي الشاذة كـ” نكاح الوداع، وإرضاع الكبير”، فالجميع بقصد أو غير قصد، يسعون لتنفير الإنسان عن العلماء، وغاب عنهم كثير من القضايا التي يشهدها عالمنا المسلم الآن ففيه حروب، وقتل، ومرض، وفقر، وعدم تعليم، وغياب للوعي، وبات الحج عند المسلمين مدعاة للتفاخر بكثرته رغم أنه مرة واحدة، وكثير من الناس يبحث عن التعدد دون الحديث عن واجباته وتأديتها أولاً.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]