خافيير سولانا: انتخاب بايدن «خبر بديع» ولكنه لن يكون «حارس العالم»

يرى الممثل السامي للسياسة والأمن الأوروبي والأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي، خافيير سولانا، أن انتخاب «جو بايدن» رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، كان «خبرا بديعا للعالم»، ولكنه لن يكون «حارس العالم»، موضحا قدرات بايدن للقيادة وفي نفس الوفت التحديات والعقبات التي سوف يواجهها، ولكن يتعين أيضا على منتقديه الآن أن يعترفوا ـ على الأقل ـ بأنه اكتسب الفرصة لإدهاشهم.

اعتبارات أخلاقية

وقال «سولانا »: لا ينقطع النقاش أبدا حول أهمية القيادة والشخصية في العلاقات الدولية. ولكن بعد الاضطرابات التي شهدتها السنوات الأربع الأخيرة، لم يعد هناك أدنى شك في أن الكثير يتوقف على من يمسك بزمام الأمور، وخاصة في الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، كما يزعم جوزيف س. ناي من جامعة هارفارد على نحو مقنع ــ وعلى عكس ما يعتقد المتشككون ــ لا تخلو السياسة الخارجية من اعتبارات أخلاقية. لكل من هذين السببين، يُـعَـد انتخاب جو بايدن الرئيس التالي لأمريكا خبرا بديعا للعالم.
وأضاف في مقال نشر في  « Project Syndicate» ـ  وهي مؤسسة إعلامية دولية تنشر وتجمع التعليقات والتحليلات حول مجموعة متنوعة من الموضوعات العالمية المهمة، ولديها شبكة من  459 منفذًا إعلاميًا في 155 دولة  ـ  بطبيعة الحال، سيستفيد الشعب الأمريكي بشكل مباشر من هذا التحول الذي طرأ على الأحداث.

مرونة بايدن سمحت له بالتعافي من أخطائه

بفضل طبيعته الودودة واستعداده للانخراط في الحوار، كرس بايدن حياته المهنية السياسية الطويلة للعمل الأساسي المتمثل في بناء الإجماع بين الديمقراطيين والجمهوريين. لم تكن مرونته موضع ترحيب دائما بين التقدميين، ولم تكن حياته المهنية خالية من الأخطاء. لكن مرونة بايدن هي التي سمحت له على وجه التحديد بالتعافي من أخطائه والتكيف مع العصر.
كان اختياره الحكيم لكامالا هاريس لمنصب نائب الرئيس، على الرغم من الصدامات الحادة بينهما خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، خير مثال على ذلك. وسوف تتحول قدرة كامالا هاريس على الوصول إلى الأجيال الشابة إلى رصيد عظيم لإدارة بايدن.

سمعة بايدن الوسطية

وتابع «سولانا»: يجب أن يدرك التقدميون أيضا أن سمعة بايدن الوسطية قد تساعده على صياغة الإصلاحات البنيوية التي تحتاج إليها أمريكا بطريقة مستساغة. في ستينيات القرن العشرين، أطلق رئيس ديمقراطي وسطي آخر، ليندون جونسون، واحدة من أكثر أجندات الإصلاح الاجتماعي تطلعا إلى المستقبل في تاريخ الولايات المتحدة.
مشكلة بايدن هي أنه، على النقيض من جونسون، ربما يواجه معارضة قوية في الكونجرس. سيكافح الديمقراطيون للفوز بجولتي الإعادة في جورجيا في الخامس من يناير/ كانون الثاني واللتين ستحددان أي حزب سيسيطر على مجلس الشيوخ، فضلا عن أن انتخابات هذا الشهر لم تترك لهم سوى أغلبية ضئيلة في مجلس النواب.

الفجوة الإيديولوجية بين الديمقراطيين والجمهوريين

بالإضافة إلى هذه الصعوبات، تنامت في العقود الأخيرة الفجوة الإيديولوجية بين الديمقراطيين والجمهوريين، مما يعوق التعاون والتسوية بين الحزبين. يُـظهِـر استطلاع حديث للآراء أجرى بالتعاون بين مجلة The  وشركة  YouGov أن التصورات حول نتيجة الانتخابات تعتمد بشدة على الانتماء الحزبي. ففي حين يعتقد 57% من كل المستجيبين أن بايدن فاز بشكل شرعي سليم، فإن 16% فقط ممن قدموا أنفسهم على أنهم جمهوريون يوافقون على ذلك.

خبرة بايدن السياسية والمهنية

على صعيد السياسة الخارجية، حيث يتمتع رؤساء الولايات المتحدة بمجال أرحب، ستواجه إدارة بايدن عددا أقل من العقبات. علاوة على ذلك، عمل بايدن في هذا المجال طوال قسم كبير من حياته المهنية، في مجلس الشيوخ أولا، ثم خلال ثماني سنوات قضاها في منصب نائب الرئيس في عهد الرئيس باراك أوباما.
في حين دعم أعضاء آخرون في حكومة أوباما بقوة التدخلات الخارجية واستخدام القوة، قَـدَّمَ بايدن وجهة نظر معاكسة أكثر تحفظا كان أوباما يقدرها بشدة. لهذا، ولأسباب أخرى، لم يَـكَلَّ أوباما قَـط من تكرار تصريح مفاده أن اختيار بايدن لمنصب النائب كان  «أفضل قرار اتخذه على الإطلاق». علاوة على ذلك، لو تمكن بايدن من فرض رأيه ، فإن الولايات المتحدة ما كانت لتتدخل في ليبيا في عام 2011، وكان أوباما ليتجنب ما وصفه بأنه أسوأ خطأ في رئاسته: ترك ذلك البلد ينزلق إلى الفوضى.
وقال «خافيير سولانا»: من المؤكد أن حُـكـم بايدن في عالم السياسة الخارجية لم يكن معصوما من الخطأ. ففي عام 2002، صوت لصالح حرب العراق، في حين أن رئيسه في المستقبل انتقد قرار خوض الحرب بوصفه قرارا «غبيا» و«متسرعا». لكن بايدن أقر بالخطأ وأوضح أن إدارته ستبتعد عن المغامرات الأجنبية الأحادية الجانب.

إحياء وزارة الخارجية المنهارة

يعتزم الرئيس المنتخب إعادة الدبلوماسية إلى مكانتها المركزية في السياسة الخارجية الأميركية ــ بإحياء وزارة الخارجية المنهارة ــ وسوف يحابي بقوة التفاهمات المتعددة الأطراف. ستكون أولى قراراته الرئيسية في السياسة الخارجية العودة إلى الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ ووقف انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية. بالإضافة إلى هذا، فتح بايدن الباب أمام العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران الذي أبرم في عام 2015 ومن المتوقع أن يتبنى موقفا أكثر إيجابية في التعامل مع منظمة التجارة العالمية مقارنة بموقف سلفه.

الأمريكيون لا يرغبون في قيام أمريكا بدور حارس العالم

كان الديمقراطيون محقين تماما في إدانتهم لتخلي إدارة ترامب عن العديد من مسؤولياتها الدولية. ولكن ليس من المرجح ولا المرغوب أن يتأرجح البندول إلى الطرف الأقصى الآخر في عهد بايدن. تشير استطلاعات الرأي إلى أن الأمريكيين لا يرغبون كثيرا في اضطلاع الولايات المتحدة بدور حارس العالم، وإن كانوا يريدون من حكومتهم أن تشارك بما يتفق مع الضمير وحس الواجب في حل المشكلات العالمية. وهذا هو على وجه التحديد ما تطالب به بقية العالم: من الواضح أن الولايات المتحدة  «أمة لا غنى عنها» كما يروق لبعض الناس تسميتها، لكنها ليست الوحيدة.

لا يمكن تجاهل الصين ببساطة

سوف تستمر التوترات بين الولايات المتحدة والصين في ظل إدارة بايدن، و سوف يستمر النمو الاقتصادي السريع في الصين . على الرغم من الحرب التجارية الصينية الأمريكية الجارية أثناء رئاسة ترامب، واصلت الصين النمو بأكثر من 6% سنويا حتى اندلاع جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19)، و يتوقع صندوق النقد الدولي أن الصين ستكون الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي يتوسع في هذا العام الكارثي. وسوف يكون لزاما على بايدن أن يعمل على إيجاد السبل للتعاون مع الدولة التي لا يمكن تجاهلها ببساطة.
في هذه المهمة، سيكون قادرا على الاعتماد على الاتحاد الأوروبي، الذي يُـقِـر «نهجه المزدوج » المطور مؤخرا في التعامل مع الصين بوجود خلافات عميقة لكنه يعترف أيضا بالمصالح المتزامنة. سوف يوظف الاتحاد الأوروبي أيضا ذلك النمط من الاعتدال (وإن كان ذلك وفقا لنسخة أكثر دفئا) في إدارة العلاقات عبر الأطلسي، بإقامة روابط وثيقة مع إدارة بايدن دون التقليل من الاستقلالية الاستراتيجية التي كانت الكتلة تحاول تعزيزها.

إعادة البناء على نحو أفضل

عندما تعهد بايدن أثناء حملته الرئاسية بـ « إعادة البناء على نحو أفضل »، كان يريد التأكيد على أن خطته الاقتصادية تتضمن التصدي لمشكلات بنيوية تختمر منذ مدة طويلة بدلا من إعادة الولايات المتحدة إلى عام 2016. وينطبق منطق مماثل على السياسة الخارجية، حيث تحتاج الولايات المتحدة على وجه السرعة إلى إعادة اختراع دورها الدولي.
الواقع أن نجاح هذه المهمة يتطلب قائدا متعاطفا مثل بايدن، الذي يعرب دوما عن فخره بقدرته على التعامل مع القضايا الحساسة. وبعد التقليل من شأنه في أغلب الأحيان، يتعين على منتقديه الآن أن يعترفوا على الأقل بأنه اكتسب الفرصة لإدهاشهم.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]