خبراء: استمرار الاحتلال في خصم أموال المقاصة يهدد السلطة الفلسطينية
حذر سياسيون فلسطينيون وأمميون، من استمرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بخصم أموال المقاصة الفلسطينية، كون ذلك سيؤدي إلى تطورات صعبة قد تصل إلى حد انهيار السلطة الفلسطينية، لعجزها عن خدمة شعبها.
ورغم تعهد جامعة الدول العربية الأحد الماضي بدفع 100 مليون دولار شهريا للسلطة الفلسطينية لتعويض الأموال التي تحتجزها إسرائيل، ،فإن الفلسطينيين يرون أن الاحتلال يهدف لتدمير السلطة الفلسطينية اقتصاديا عبر ابتزازها بحجز أموال المقاصة.
وجدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رفض القيادة الفلسطينية تسلم أموال المقاصة منقوصة قائلا: “إن موقفنا واضح ولن نقبل تسلم الأموال (المقاصة) من إسرائيل منقوصة، خاصة أموال الشهداء والجرحى والأسرى، وغيرها”.
وأضاف عباس خلال ترؤسه، اليوم الاثنين، جلسة مجلس الوزراء في مدينة رام الله، أن إسرائيل تحاول بكل الوسائل شرعنة الخصومات من أموالنا ولكن لن نقبل بذلك، مشددا على أن تل أبيب في النهاية ستعيد أموالنا بطريقتنا وليس بطريقتها.
و قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إن السلطة الفلسطينية رفضت للشهر الثالث على التوالي تسلم أموال الضرائب الفلسطينية من إسرائيل وأعادتها إليها.
وأشار المالكي لإذاعة “صوت فلسطين” ، إلى أن السلطة بعثت رسائل إلى الجانب الإسرائيلي مفادها “أننا على استعداد لتسلم أموال المقاصة التي هي أموال للشعب الفلسطيني كاملة دون أي خصومات أيا كانت”.
الوضع يزداد سوءًا
وأمام ما تقوم به إسرائيل، توقع عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني أن يزداد الوضع المالي للسلطة سوءا اعتباراً من شهر نيسان المقبل وهو موعد انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية، في ظل استمرار القرصنة الإسرائيلية على العائدات الضريبية.
من جهته عقب وزير الأسرى السابق في السلطة الفلسطينية أشرف العجرمي، على الأزمة المالية قائلا “إن الوضع في السلطة الفلسطينية سيئ جداً وليس على الصعيد المالي فقط، بل أيضاً على الصعيد السياسي، وكذلك استمرار البناء في المستوطنات والطريق المسدود أمام المفاوضات جعل السلطة الفلسطينية لا تستطيع القيام بمهامها على أكمل وجه”.
وأوضح العجرمي في تصريحات صحفية، أن السلطة الفلسطينية لم تعد قادرة على العمل مدنياً وأمنياً بسبب خصم رواتب الأسرى، ما أدى لرفضها تسلم أموال الضرائب التي تشكل حوالي (٦٠)٪ من الميزانية، مشيرا إلى إن الوضع سيذهب إلى فوضى عارمة بالضفة، حال انهارت السلطة الفلسطينية.
وتمر السلطة بأزمة مالية خانقة جراء رفضها تسلم عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عنها والمعروفة اختصارا بـ(المقاصة)، بسبب اقتطاع ما قيمته 138 مليون دولار بحجة دفع السلطة رواتب أسر الشهداء والأسرى.
تداعيات الأزمة
بدوره أكد رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، الوزير حسين الشيخ أن السلطة الوطنية لن تتسلم أموال المقاصة في ظل سياسة الخصومات التي تتجاوز كل الاتفاقيات”.
جاءت أقوال الشيخ خلال لقاء الشيخ وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون أمس الأول، للتباحث في تطورات الأزمة المالية جراء الخصومات التي قامت بها حكومة الاحتلال من أموال المقاصة، مؤكدا أن حكومة الاحتلال هي من تتحمل تداعيات هذه الأزمة.
وكان رئيس الوزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون قد بحثا خطط طوارئ، حال انهيار النظام المالي للسلطة الفلسطينية بسبب رفضها قبول عائدات الضرائب منقوصة من قبل إسرائيل، بحسب تقارير تليفزيونية إسرائيلية.
و ذكرت القناة (11) الإسرائيلية، أن وزارة المالية في تل أبيب، حولت قبل الانتخابات الإسرائيلية 660 مليون شيكل لصالح البنوك الفلسطينية، من أجل فرض أمر واقع، وتجاوز رفض السلطة قبول أموال المقاصة.
وقالت القناة إن البنوك الفلسطينية، وبقرار من السلطة أعادت الأموال بعد عدة أيام، كما لم يتم صرف تلك الأموال، على أي مؤسسة، ولم تُصرف لرواتب موظفي السلطة بالضفة وغزة.
انهيار مالي
وقال مدير السياسات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد عزمي عبد الرحمن، إن السلطة الفلسطينية قد تواجه انهيارا ماليا حال استمرت القرصنة الإسرائيلية على عائدات الضرائب.
وأضاف في تصريحات صحفية أن الاقتصاد الفلسطيني يعيش حالة من الانكماش والتراجع وتأثر بشكل واضح بقرصنة إسرائيل لأموال الضرائب وممارستها على الأرض في الضفة وغزة، مضيفاً أن ثلثي إيرادات السلطة تحتجزها تل أبيب.
وتعتمد السلطة على إيرادات المقاصة كمصدر دخل رئيسي في تمويل الموازنة، والتي تقدر بنحو 700 مليون شيكل (200 مليون دولار) شهريا، تساهم بنحو 65% من إيرادات الخزينة العامة، الأمر الذي دفع السلطة إلى إقرار خطة الطوارئ المالية وتنفيذ ذلك بدفع نصف رواتب الموظفين العموميين، ووقف التعيينات والترقيات إلى حين انتهاء الأزمة.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، أعد تقريرا يشير إلى أزمة حادة “غير مسبوقة” قد تواجه السلطة الفلسطينية.
ووفقًا للتقرير، فإن الأزمة الاقتصادية في السلطة الفلسطينية كانت نتيجة القرار الإسرائيلي عدم تحويل 6% من عائدات الضرائب التي تجمعها للسلطة الفلسطينية، وقرار السلطة الفلسطينية اللاحق عدم تلقي الأموال من إسرائيل طالما لم يتم تحويل المبلغ بالكامل، ونتيجة ذلك، فقدت السلطة الفلسطينية 65% من مدخولها المالي.
وحذر التقرير من أنه إذا لم يتم حل الأزمة، فإنها ستؤثر لسنوات عديدة مقبلة. ويجدد ملادينوف دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للجانبين للتعاون من أجل حل القضية.
