هل الولايات المتحدة الأمريكية مؤهلة لقيادة سفينة الديمقراطية في العالم؟ سؤال يطرح نفسه في ضوء القمة، التي دعا إليها الرئيس جو بايدن حول الديمقراطية.
“قمة الديمقراطية”، كما أطلق عليها بايدن، تعد أحد الوعود التي أطلقها الرئيس الأمريكي خلال حملته الانتخابية للمساعدة في وقف ما أسماه بالتراجع الديمقراطي وتآكل الحقوق والحريات.
ووجه الرئيس الأمريكي دعوات لنحو 110 دول للمشاركة في القمة الافتراضية، التي تعقد ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ولكن على ما يبدو أن تجاذبات السياسة الخارجية الأمريكية انعكست على قائمة الدعوات، التي وجهها البيت الأبيض لبعض الدول، ومنعها عن الأخرى.
تناقضات القمة الديمقراطية
بداية، قال الباحث في مركز دراسات الشرق الأدنى، ديفيد دي روش، إن الديمقراطية التي تراها أمريكا شيء تكافح الدول من أجله ولكن تفتقر إليه، موضحا أن الرئيس بايدن أعلن في حملته ذلك وانتقد ترامب لدعمه الديكتاتورية.
وأضاف دي روش، في تصريحات لبرنامج “مدار الغد”، أن بايدن يسعى لأن ينتهج نهجا مختلفا عن ما كان يسلكه ترامب، مشيرا إلى أن هناك دولا مثل تركيا تسير في الطريق الخاطئ.
كما أكد دي روش، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر تايوان دولة ديمقراطية، لكنها غير مستقلة، لذلك فهي ترى أنه يجب أن يكون هناك انتقال سلس للسلطة، وربما ترى أيضا أن الصين لديها تدخلات فيما يتعلق بتايوان.
الصين وروسيا خارج القمة
وكما كان متوقعا، لم يوجه بايدن الدعوة إلى الصين وروسيا، كونهما وفق سياسة الولايات المتحدة الخارجية تعتبران دولتين معاديتين، لكنه بالمقابل دعا تايوان، التي لا تعترف بها الولايات المتحدة كدولة مستقلة، لكنها تعتبرها ديمقراطية مقارنة بالصين التي تعتبر الجزيرة جزءا من أراضيها.
حلفاء واشنطن الغربيون
وضمت قائمة المدعوين حلفاء واشنطن الغربيين، ومن بينها بولندا، رغم اتهام الاتحاد الأوروبي لها بعدم احترام القانون، بينما استبعد بايدن المجر، التي يقودها رئيس الوزراء فيكتور أوربان، رغم كونها عضوا في الاتحاد الأوروبي.
في المقابل، دعا بايدن البرازيل إلى القمة، رغم أنها تحت قيادة رئيس يميني متشدد مثير للجدل هو جايير بولسونارو، كما تشارك في القمة الهند رغم الانتقادات الشديدة الموجهة إلى رئيس وزرائها ناريندرا مودي من جانب منظمات حقوق الإنسان.
خطوة ضد الديمقراطية
من جانبه، قال نادر رونج هوان، الكاتب الصحفي، إن الصين ترى أن “قمة الديمقراطية” المزمعة في ديسمبر المقبل لا تتبعها واشنطن، موضحا أن بكين تسعى لتحقيق الديمقراطية بما يضمن مصالح مواطنيها.
وأوضح رونج هوان، أن أشكال الديمقراطية وطرق تحقيقها مختلفة، ولا يجب أن تفرض الولايات المتحدة الأمريكية إرادتها على الدول الأخرى، مشيرا إلى أن هذه الخطوة في حد ذاتها غير ديمقراطية.
بينما يرى الدكتور إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة، أن العراق يعتبر من البلدان التي تشهد تحولا ديمقراطيا، وراية هذا التحول الديمقراطي هي الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد إياد العنبر، أن الدعوة لعقد قمة للديمقراطية أمر طبيعي جدا، وأن هناك مؤشرات عامة تعطي انطباعا بأن التحول نحو الديمقراطية سيكون تحت وصاية أمريكية، لذلك فإن واشنطن تريد أن تعطي انطباعا للدول بأنها راعية للديمقراطية.
مبرر لتنفيذ خططها
ومن موسكو، أكد الباحث في العلاقات الدولية، أندريه انتيكوف، أن روسيا غير منزعجة بعدم دعوتها لقمة بايدن، ولكن في الوقت ذاته هناك قلق بسبب انعقاد هذه القمة، لأنها محاولة لتقسيم العالم إلى جزء ديمقراطي وجزء غير ديمقراطي.
كما أكد أنتيكوف، أن عقد القمة الديمقراطية الأمريكية لعبة إعلامية، متعجبا من عقد واشنطن لقمة عن الديمقراطية، وهي التي تدخلت في ليبيا ودمرت العراق وعددا آخر من البلدان.
كما أوضح أنتيكوف، أن الولايات المتحدة الأمريكية تستعمل مصطلح الديمقراطية كمبرر لتنفيذ بعض خطواتها، لافتا إلى أنها ذريعة فقط، لفرض الحرب الباردة الجديدة.
