رغم الادعاء من قبل التنظيمات الإرهابية بأنها تنظيمات تمثل الإسلام وتحمل رايته وتدافع عنه، فإن المتبصر في سلوكها ومواقفها، يرى بعدها عن تعاليم الإسلام التي تدعي أنها تعمل من أجله ومن أجل نصرته ورفعته، وقد جاء حادث استهداف مسجد الروضة اليوم بمن فيه من المصلين، أثناء تأديتهم صلاة الجمعة، والتي تعد الحالة الأولى لاستهداف مسجد بالمصلين في مصر.
المفكر الإسلامي الدكتور ناجح ابراهيم، قال إن حادث مسجد الروضة له العديد من الدلالات، فهو أول حادث يتم فيه استهداف مسجد، وأسفر عن عدد كبير من الضحايا، ويعد أكبر حادث إرهابي في تاريخ مصر، وأشار إلى أن داعش تركت الأهداف الصلبة من قوات الجيش والشرطة، بعد تأمينها تأمينا كاملا، وبدأت في استهداف الكنائس والأديرة والتي تم تأمينها أيضا فبدأت في استهداف أماكن جديدة رخوة فكان مسجد الروضة.
إبراهيم أوضح في تصريحات خاصة لـ”الغد” أن تنظيم داعش له بصمة في عملياته، عندما تمسك بهدف وتحقق فيه نجاح تكرره بعد ذلك كثيراً، مشيرا إلى أن استهداف المساجد له علاقة بفكر داعش، وليس في أدبيات تنظيم القاعدة أو غيرها من التنظيمات، وأول من قام بذلك هو أبو مصعب الزرقاوي، وقد أنكر عليه ذلك كل من بن لادن والظواهري.
وأضاف إبراهيم أن الزرقاوي بدأ باستهداف مساجد ومراقد الشيعة، ومن ثم ردت عليه الفصائل الشيعية المتطرفة باستهداف المساجد السنية، وانتقلت الفكرة من العراق وسوريا إلى باقي البلاد حتى وصلت اليوم لمصر.
المفكر الإسلامي طالب الدولة المصرية أن تأخذ الأمر على محمل الجد، وتقوم بتأمين المساجد لاسيما المساجد التي توجد بها أضرحة، لانها ستكون أهدافا قادمة لداعش لكونه يعتبرها مساجد ضرار ، فضلا عن كونه يستبيح الأنفس والدماء.
وأشار إلى أن كل المساجد لها حظ من قوله تعالي “ومن دخله كان آمنا”، فكل مسجد له حظ ونصيب من هذه الأية الكريم التي هي بالأساس تتحدث عن البيت الحرام ، فمن يقصد مصليا أو دور عبادة فله مصير أسود في الدنيا والأخرة.
وشدد إبراهيم على أنه يجب على كل الحركات الإسلامية أن تتبرأ من داعش تبرأً واضحاً وجلياً مهما كان خلافها مع الحكومة والدولة.
من جانبه، قال الباحث السياسي أحمد بان، “من الواضح أن التنظيم الإرهابي بدأ يتورط في استهداف مدنيين، وهو ما يعكس حالة من الإفلاس، وعدم قدرته علي القيام بعمليات في مواجهة الجيش والشرطة”.
وأشار فى تصريحات خاصة لـ”الغد” أن التنظيم يعاني حالة من التراجع والضعف، على الرغم من الكلفة الكبيرة التي أوقعها حادث اليوم، فكان من الطبيعي أن يوسع نطاق المواجهة لأهداف سهلة ورخوة ترفع من روح أتباعه المعنوية.
وأوضح بان “أنه من الوارد أن يقوم التنظيم بالقيام بعمليات أخرى خارج نطاق سيناء عبر تنشيط البؤر الإرهابية التابعة له في مناطق الوادي والدلتا، وهو ما يعكس السلوك اليائس الذي وصل إليه حال التنظيم،لكون حالة النكاية والإنهاك للتنظيم تجعله يوسع عمليات المواجهة التي كانت محصورة فقط في شمال سيناء”.
الباحث في التنظيمات المسلحة منير أديب، يرى أن “التنظيم سبق وأن استهدف مساجد خارج الحدود المصرية في عدد من الدول العربية والعالمية، في أفغانستان وغيرها، واستهدف الحرم الشريف والمسجد النبوي وبالقرب من قبر النبي” موضحا أن داعش له فكر واحد داخل وخارج مصر وله نفس الرؤى.
وأضاف: “التنظيم يرى الجميع كفار، فلا يفرق عنده استهداف مسيحي في كتيسة أو ضابط في كمين أمني أو مسلم في مسجد، فهم يرون كل من يخالفهم الرأي والفكر كفار، فلا فارق بين قتلهم في مسجد أو كنيسة أو في الشارع، فجميع خصومهم دمائهم مباحة”.
