مخاوف من نفوذ تركي أكبر على الساحة العراقية، عقب الإعلان عن نية أنقرة إنشاء قاعدة عسكرية لها في كردستان العراق، بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني التركي في الداخل العراقي.
تاريخ القواعد العسكرية التركية في العراق
في مايو/أيار 1983 شنت تركيا أولى عملياتها على مواقع حزب العمال الكردستاني شمال العراق، بعد أن وقعت مع العراق اتفاقية أمنية تسمح للأتراك بملاحقة تلك العناصر وبعمق 15 كيلو مترا دون إنشاء أي قاعدة لهم، وتلتها عمليتان عامي 1984 و1986.
وفي عام 1991 أطلقت أنقرة حملة عسكرية رابعة تحت اسم “العصا” وهو العام الذي شهد زيادة في المقار والمراكز العسكرية التركية في عموم محافظات كردستان، ثم عمليات مشابهة في أعوام 1993 و 1994 و 1995 .
وفي العام 1996 نشرت تركيا قوات تحت مسمى حفظ السلام لمراقبة وقف إطلاق النار عقب الحرب الأهلية الكردية في كردستان العراق بين الحزبين الكرديين الكبيرين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني.
و بعد انهيار العراق عام 2003، أقام حزب العمال الكردستاني قواعد ومقار ثابتة في جبال قنديل الواقعة في مثلث الحدود بين العراق وإيران وتركيا، ما دفع الأخيرة إلى إقامة قواعد في مقابل تلك الخطوة.
وفي عام 2014 أنشأت تركيا قواعد أخرى في بعشيقة وصوران وقلعة جولان، وحولت المقر العسكري في منطقة “حرير” القريبة من أربيل إلى قاعدة عسكرية، إلى جانب معسكر “زمار” لتدريب جنودها.
وفي عام 2018 أعلنت تركيا وجود 11 قاعدة عسكرية في شمال العراق بهدف تدريب قوات الأمن الكردية، وملاحقة عناصر حزب العمال، لكن مصادر كردية تؤكد أن أنقرة لها في العراق أكثر من 20 قاعدة عسكرية.
تجاوز تركي
في هذا السياق، قال بغداد فلاح المشعل الكاتب والباحث السياسي، إن الوجود التركي في العراق لا يوجد له أي غطاء قانوني وأخلاقي ولا ينسجم مع علاقات حسن الجوار.
وأضاف فلاح، خلال مشاركته ببرنامج “مدار الغد” الذي يعرض عبر شاشة الغد، أن العراق يعيش سياسيا حالة من التشتت، وهشاشة من الجانب الأمني وعدم قدرة على حفظ الحدود، مؤكدا أن التوجه التركي لإقامة قاعدة عسكرية في محافظة دهوك خرق وتجاوز غير مقبول.
وأوضح فلاح، أن البرلمان العراقي أصدر بيان إدانة وشجب شديد اللهجة، كون التواجد التركي يشكل نوعا من أنواع الاحتلالغير المرغوب فيه.
وعن استناد تركيا لاتفاقية عسكرية قديمة مع الحكومة العراقية، أشار فلاح إلى أن الاتفاقية التي تتحدث عنها أنقرة وقعت عام 1983 والرئيس الراحل صدام حسين رفض تجديدها.
أزمة أمنية أم سياسية؟
ومن أربيل، أكد د. سربست نبي، أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة كويا، أن مناقشة هذه الأزمة من زاوية أمنية يقلل من إمكانية فهمها، موضحا أنها قضية سياسية بالدرجة الأولى.
وأضاف د. سربست نبي، أن تركيا تحاول أن تصدر خوفها وقلقها الداخلي خارجا، كما تحاول التخلص من هذا الكرد الجاثم على وعيها السياسي عبر افتعال الحروب والأزمات في محيطها الإقليمي.
كما أوضح د. سربست نبي، أن تركيا تريد توسيع نفوذها وهيمنتها على أراض جديدة في العراق، وهدفها في الأساس محاربة الوجود الكردي الذي تسعى لمحو قضيته.
وتابع د. سربست نبي:” تركيا عينها على كل شيء، عينها على أربيل، كركوك والسليمانية والموصل، وهذا هو الهدف والغاية الأردوغانية، والموقف الرخو من الجانب العراقي كان سببا في ذلك”.
