قررت أستراليا، بين ليلة وضحاها، الاستثمار في الغواصات الأمريكية، التي تعمل بالطاقة النووية، وإلغاء عقدها مع فرنسا لبناء غواصات تعمل بالديزل والكهرباء بسبب البيئة الاستراتيجية المتغيرة.
وعقب هذه الخطوة، دخلت العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة في أزمة مفتوحة، ما دفع باريس إلى وصف الأمر بأنه “طعنة في الظهر”، كما أثارت الصفقة الغضب الفرنسي والأوروبي تجاه أستراليا والولايات المتحدة.
تداعيات كبيرة
بداية، قال أستاذ التواصل الاستراتيجي والعلاقات الحكومية بجامعة باريس، نضال شقير، إن قرار أستراليا إلغاء صفقة “الغواصات النووية” مع فرنسا سيكون له تداعيات كبيرة جدا، لكنه قلل من احتمالية الرد الفوري.
وأضاف شقير، خلال مشاركته في برنامج “وراء الحدث” على شاشة الغد، أن هناك غضبا أوروبيا من الإدارة الأمريكية بسبب هذه الصفقة، لكن عملية التصعيد خلال الفترة الراهنة ليست واقعية.
كما أوضح شقير، أن أوروبا قد تستقل تماما عن الولايات المتحدة الأمريكية بسبب الإخفاقات الأخيرة في التعامل والذي ظهر جليا أيضا في أفغانستان.
تحالفات جديدة
من واشنطن، ترى مديرة مكتب جريدة الشرق الأوسط، هبة القدسي، أن العالم على أبواب تحالفات جديدة، لأن الصفقة ليس وليدة اللحظة.
وأكدت المقدسي، أن هناك سعيا لدى أستراليا للتمتع بالحماية، التي تعطيها لها الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أن هناك أيضا نوعا من الإحباط لدى الإدارة الأمريكية من الاتحاد الأوروبي، الذي يرى الصين شريكا اقتصاديا مهما.
وأوضحت المقدسي، أن النهج الأوروبي مع الصين تراه أمريكا بأنه مثالي، لذا تفاوضت مع أستراليا للعب دور أكبر.
وكان رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، أعلن الخميس أنّ بلاده فسخت عقداً ضخماً أبرمته مع فرنسا في 2016 لشراء غواصات تقليدية، لأنّها تفضّل أن تبني بمساعدة من الولايات المتحدة وبريطانيا غواصات تعمل بالدفع النووي.
وقال موريسون، للصحفيين في كانبرا، إنّ “القرار الذي اتّخذناه بعدم إكمال الطريق مع الغواصات من فئة أتّاك وسلوك هذه الطريق الأخرى ليس تغييراً في الرأي، إنّه تغيير في الاحتياجات”.
وردّت باريس على القرار الأسترالي، واعتبرت وزيرة الدفاع (وزيرة الجيوش) فلورنس بارلي، أنّ تراجع كانبرا عن صفقة أبرمتها مع مجموعة “نافال غروب” الفرنسية للصناعات الدفاعية لشراء غواصات تقليدية، “أمر خطير”.
وقالت بارلي، في حديث إذاعي، إنه “أمر خطير من الناحية الجيوسياسية وعلى صعيد السياسة الدولية”.
وأضافت بأنها “مدركة للطريقة، التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع حلفائها”، بعدما أعلنت واشنطن أنها شكلت تحالفاً دفاعياً مع كانبرا ولندن.
وقبل بارلي، أطلقت الخارجية الفرنسية تصريحاً مشابهاً ووصفت القرار الأسترالي بـ”قرار مؤسف”، بينما وصف وزير الخارجية، جان-إيف لودريان فسخ العقد بـ”الطعنة في الظهر”.
وأضاف لودريان، متحدثاً إلى إذاعة “فرانس إنفو،” ومعلقاً على تحالف “واشنطن لندن كنبرا”، بأن بايدن “اتخذ قراراً مفاجئاً على طريقة ترامب”.
وقال لودريان، “إنها حقا طعنة في الظهر، أقمنا علاقة مبنية على الثقة مع أستراليا، وهذه الثقة تعرضت للخيانة”، مضيفاً أن “هذا القرار الأحادي والمفاجئ وغير المتوقع يشبه كثيراً ما كان يفعله ترامب”.
