يعيش تنظيم القاعدة فترة حرجة بعد مقتل زعيمه أيمن الظواهري، بضربة أمريكية في أفغانستان، و فيها تزداد التساؤلات حول مستقبل الحركات الارهابية العابرة للحدود، في ظل أزمات القاعدة المتكررة.
اختيار خليفة جديد
فتنظيم القاعدة عليه الآن، اختيار خلف للظواهري دون أن يؤثر ذلك على ولاءات الجماعات التابعة له، سيما بعد اعتماد القاعدة آلية اللامركزية فيما يتعلق بتنفيذ عملياتها.
وهناك أيضا أزمة أكبر، و هي تراجع سيادة القاعدة على الحركات المتطرفة الأخرى، منذ ظهور تنظيم داعش في العام 2013 بعد انفصاله عن القاعدة.
فبحلول أواخر العام 2014 كان نفوذ داعش أكبر من القاعدة، وربما ساعد الظواهري في تحقيق ذلك لعدم استيعاب الخلاف بين المنشقين الجدد و التنظيم العتيق.
وفي العام 2016، أعلنت جبهة النصرة بسوريا نهاية ولاءها للظواهري، الذي أعتبر الأمر خيانة تعرض لها تنظيمه.
ومما ضاعف من تراجع التنظيم، مقتل شخصيات بارزة من القاعدة في سوريا في عمليات لطائرات بدون طيار، فضلا عن وجود أزمة ثقة في علاقة القاعدة بطالبان، وهو أمر موثق في خطابات لابن لادن أظهرت مخاوف القاعدة من تيار داخل طالبان موال لباكستان و مستعد للتخلي عن تنظيم القاعدة.
وفي محاولة لإعادة تنظيم نفسه تحركت القاعدة في مناطق عدة، وحاولت مد أذرعها على حساب داعش عبر فروع عدة في شمال إفريقيا والصومال ومالي، كما في اليمن وجنوب آسيا.
ورغم كل ما سبق من مشاكل داخلية واجهت هذا التنظيم ، و رغم عدم التوافق مع الحركات الأخرى، يحذر كثيرون الآن من احتمالية شن هجمات جديدة للقاعدة ، ما يعني أن الظواهري إن كان قتل ، فتنظيمه لم يقتل بعد.
تأقلم واستمرار
وفي السياق، قال جاسم محمد رئيس المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب، إن الجماعات المتطرفة تتأقلم مع كل خسارة تتكبدها بمقتل أحد قيادتها، مؤكدا أن تنظيم القاعدة استمر بعد مقتل أسامة بن لادن عام 2011.
وأضاف بون خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أن التنظيمات الإرهابية لديها حساباتها، وتتتخذ قرارات وإجراءات سريعة في اختيار قادتها من قبل مجلس الشورى.
وأوضح بون أن مقتل أيمن الظواهري لن يؤثر بشكل كبير على تنظيم القاعدة، لكن هذا لا يمنع أن هناك شكوكا في صفوف العناصر داخل التنظيم.
واستكمل قائلا:” تنظيم القاعدة كان يمر بالعديد من الأزمات الداخلية، وبالتالي فإن التنظيم أصبح غير فاعل”.
استفادة أمريكية
من جانبه، قال حسن أبو هنية الباحث في شئون الجماعات الإرهابية، إن الولايات المتحدة الأمريكية ستستفيد من مقتل أيمن الظواهري من خلال التسويق لإنجازات الرئيس جو بايدن.
وأضاف أبو هنية، أن الرئيس جو بايدن تعرض لانتقادات لاذعة في الداخل الأمريكي، لذلك أراد أن يبرهن لهم أنه قادر على محاربة الإرهاب.
كما أكد أبو هنية، أن التنظيمات الإرهابية لها فروع إقليمية، بعيدا عن المركزية لذلك فهي لن تتأثر بشكل كبير من سياسة قطع الرؤس القيادات أو مقتل أحد قياداتها.
وأوضح أن التنظيمات الإرهابية يجب أن تكون دائما تحت ضغط حتى لا تتدهور الأوضاع عالميا، ولذلك فقد كانت هناك خلافات كبيرة في الولايات المتحدة بعد الانسحاب من أفغانستان.
انتهاء التنظيم
بينما يرى، بديع قرحاني، مستشار مركز البحوث حول الإرهاب في باريس، أنه لا يجب الاستخفاف بمقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
وأكد قرحاني أن تنظيم القاعدة قد انتهى مع مقتل أيمن الظواهري أيا كان الرجل الذي سيخلفه، لا سيما وأنه كان على درجة عالية من التعليم حيث كان يعمل طبيبا قبل انضمامه للتنظيم.
وأشار إلى أن تنظيم القاعدة مختلف عن كل التنظيمات الإرهابية، لأن القيادات لا تقوم بأي أعمال إرهابية لكنها هي من تعلن عنه وذلك استنادا على تحقيقات وتقارير أوروبية.
طالبان والقاعدة
وقال السفير ناثان سيلز، المنسق السابق لمكافحة الإرهاب بالخارجية الأمريكية، إن حركة طالبان سمحت لتنظيم القاعدة بالعمل في أفغانستان.
وأكد سيلز أن الولايات المتحدة الأمريكي لم تعد تثق في حركة طالبان نظرا لأنها خالفت الوعود بعد الانسحاب الأمريكي من الأراضي الأفغانية.
وأوضح سيلز أنه يجب الضغط على حركة طالبان بسبب علاقاتها مع تنظيم القاعدة، مشيرا إلى أن قادة طالبان كانوا يؤون عناصر التنظيم على مدار عقدين من الزمن.
وتابع:” واشنطن استخدمت منهجية الحرب البادرة للتأكد من أن طالبان ستلتزم بتعهداتها أم لا، لكننا رأينا أن الحركة لم تبتعد عن الإرهاب، ولم تسمح للنساء بالعمل”.
