تواجه أوروبا حاليا عدة أزمات تستغلها أو تشتبك فيها روسيا بشكل مباشر، ضمن استراتيجية موسكو الثابتة بالضغط الدائم على المعسكر الأوروبي، فهل يسير الكرملين في اتجاه أوروبا بخطوات محسوبة أم أنه يخطئ التقدير؟.
أوروبا بحاجة إلى روسيا
وفي السياق، قال ستانيسلاف ميتراخوفيتش، الباحث في العلاقات الدولية، إنه لا يوجد دليل على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أخطأ التقدير حول السياسة الروسية مع أوروبا، مؤكدا أن الصراع مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية استمر لأعوام عدة.
كما أكد ميتراخوفيتش، خلال برنامج “مدار الغد”، أن روسيا لن تغير سياستها، وتمكنت من امتلاك شبه جزيرة القرم في 2015، ومع ذلك لم يتضرر الاقتصاد الروسي، مشيرا إلى أن موسكو أصبحت أكبر مورد للطاقة للدول الأوروبية.
وأوضح ميتراخوفيتش، أن أوروبا بحاجة إلى روسيا الآن، لافتا إلى أن الرئيس بوتين لديه شعبية طاغية في روسيا، وسيتم انتخابه لفترة ثانية في البلاد.
وردا على سؤال حول أزمة المهاجرين على حدود بولندا، أردف ميتراخوفيتش: “الحل بسيط وتم إيجاده بالفعل، فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل طالبت المسؤولين في بيلاروسيا للمساعدة في الأمر، ووقف الرحلات لوقف تدفق المهاجرين”.
معهد بروكينجز
وطرح معهد بروكينجز هذا التساؤول، وفند الأزمات الحالية، وأبرزها حشد موسكو مجددا قوات عسكرية قرب أوةكرانية ما يثير تساؤلات حول “هجوم محتمل” لا سيما وأنه الحشد الروسي الثاني خلال هذا العام بعد تعثر مسار التفاوض.
وكان الرئيس السابق، ديمتري ميدفيديف كان قد أكد الشهر الماضي أنه من غير المجدي التفاوض مع حكومة كييف، أما الأزمة الثانية، فهي قيام الرئيس البيلاروسي المدعوم من روسيا غلكسندر لوكاشينكو، بإجبار المهاجرين بالدخول إلى بولندا، وكأنها ردا على العقوبات الأوروبية.
وتتمثل الأزمة الثالثة في استخدام روسيا للطاقة كسلاح بعد توقف ضخ شحنات الغاز الروسي إلى ألمانيا لأسباب عرضية، ما جعل العواصم الأوروبية تدرك خطورة الاعتماد على المصادر الروسية للطاقة.
الرابح الوحيد
ومن كييف، قال صفوان جولاق، الكاتب والباحث السياسي، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الرابح الوحيد حتى الآن منذ العام 2014 ، لأنه تحرك باتجاه القرم وسيخرج بحكم الأمر الواقع، وهو ما لم يحدث.
وأضاف جولاق، أن روسيا استعادت الكثير من مناطق النفوذ حول العالم، وأوروبا التي أساءت الظن ووقعت في أزمات داخلية، مشيرا إلى أن ذلك كله لم يقص بوتين عن مشاريعه التي أعدها في المنطقة الإقليمية.
كما أوضح جولاق، أن الحشود الروسية على حدود أوكرانيا كانت ومازالت ولم تتغير منذ أبريل/ نيسان الماضي، ولكن تبين أنها مرتبطة بالمناورات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية.
وزاد جولاق قائلا: “حديث العسكريين يؤكد وجود أرقام كبيرة من الجنود والآليات العسكرية على الحدود الأوكرانية، وروسيا تستخدم أساليب وتخلق أزمات بيدها حلها، ونستطيع بالقوة السيطرة على كثير من المناطق”.
استغلال الانقسامات
ومن برلين، ترى الكاتبة الصحفية، جيسيكا برلين، أن الرئيس فلاديمير بوتين يحاول استغلال الانقسامات بين أمريكا وأوروبا، موضحة أن التمادى في هذا الأمر قد يرتد عليه، ويوحد خصومه ضده.
كما أكدت الصحفية، أن العلاقات الروسية الأوروبية في أسوأ مراحلها منذ بداية الحرب الباردة، موضحة أن موسكو لم تستخدم فقط قوتها بل تستخدم جهاز الاستخبارات كمنصات وشن هجمات سيبرانية.
وتابعت: “مستوى العلاقات من الواضح أنه منخفض جدا، ولكن يجب التأكيد على أن روسيا تحتاج أوروبا أكثر مما تحتاج أوروبا لروسيا، ولذلك السبب هم يستخدمون القوة”.
