في تسعينيات القرن الماضي، وبعد سنوات من الحرب الأهلية الطاحنة، تمكنت حركة طالبان من حكم أفغانستان من 1996 إلى 2001، خلال هذه الفترة كانت إمارة طالبان الإسلامية منبوذةً من العالم بأسره.
لكن طالبان، التي سيطرت على أفغانستان منتصف الشهر الجاري، تبدو أكثر مرونة في التعاطي مع العالم، كما يبدو أن ذاتَ العالم، الذي نبذها في الماضي، يريدُ أن يعطيَها الفرصة لإثبات حسن نيتها وإظهارِ إمكاناتها.
هكذا يراها قائد الأركان البريطاني، نيك كارتر، فإلى حين إثبات طالبان صحةَ أقوالها، بدأ التخوفُ من إعادة سيناريو التسعينيات بتوفير الحركة البيئةَ الحاضنة للإرهابيين، وأن تكون الحركةُ عنصرَ جذب بعد انكسار التوجهات المتطرفة لاسيما في الشرق الأوسط وانحسار الجماعات الإرهابية.
طالبان ستنهار
بداية، قالت المستشارة السابقة للرئيس باراك أوباما، لوري واتكينز، إن حركة طالبان لن تغير من نهجها، وستطبق ما طبقته في الماضي، مؤكدة أنها لن تستطيع أن تحكم دولة بحجم أفغانستان.
وأضافت المستشارة السابقة للرئيس باراك أوباما، خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد”، أن أفغانستان دولة كبيرة بالفعل على طالبان، وستعجز طالبان على حكمها، وستنهار من جديد، كما حدث قبل عام 2001.
كما أشارت المستشارة السابقة للرئيس باراك أوباما إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تراقب الأوضاع في أفغانستان عن كثب، خصوصا في مطار العاصمة كابول.
مجلس الدولة
من جانبه، قال رئيس قسم العلاقات الدولية في جامعة كاردان، الدكتور فهيم سادات، إنه لا أحد يفهم النظام الذي تريده حركة طالبان في أفغانستان، مؤكدا أن وضع الحركة حاليا غير واضح الملامح.
وأضاف سادات، أن تصريحات قادة طالبان الأخيرة تشير إلى أنه سيكون هناك مجلس أعلى للدولة، وهذا المجلس سيختار رئيسا للبلاد، بالإضافة إلى اختيار الوزراء في الحكومة المقبلة.
كما أكد سادات، أنه “ليس متأكدا من أن نظام طالبان سيقيم دولة ديمقراطية”.
تفكير طالبان
وفي السياق ذاته، قال الملحق العسكري الباكستاني في المملكة العربية السعودية سابقا، سلطان هالي، أنه لا يزال الوقت مبكرًا للحكم على حركة طالبان، ومن الواضح أنهم يتشاورون مع رموز النظام السابق.
وأضاف سلطان هالي، سنرى تحسنا في أفغانستان عما كانت عليه طالبان خلال عام 2001، ونتمنى أن تكون طالبان أكثر انفتاحا فيما يخص عمل المرأة وتعليم الفتيات، مؤكدا أنها لن تغير طريقة تفكيرها.
كما أوضح سلطان هالي، أن “أفغانستان ستصل إلى ديمقراطية مناسبة لشعبها ومناسبة لنظامها، وأعتقد أن الأفغاني هو من سيقرر مصيره”.
إيران تخشى طالبان
ويرى المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، نورمان روول، أن حركة طالبان تشكل خطرا على إيران، وذلك بعد وصولها لسدة الحكم في أفغانستان، موضحا أنها تعمل على تحسين العلاقات معها.
اللاجئون وزراعة المخدرات
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، الدكتور حسين ريوران، إن إيران لا يمكن أن تتجاهل الأوضاع في أفغانستان، مؤكدا أن هناك 3 محددات للتعامل مع طالبان.
وأضاف ريوران، أن أول هذه المحددات هو أن الوضع السياسي في أفغانستان مؤثر جدا، والثاني هو ورقة اللاجئين، مؤكدا أن إيران لن تقبل أي لاجئين على أراضيها.
كما أوضح ريوران، أنه إذا “انفلت الوضع في أفغانستان أصبحت زراعة الأفيون والمخدرات بشكل أكبر في البلاد”.
واستولت طالبان على السلطة يوم الأحد الماضي بعد 20 عاما من إبعادها عن الحكم في غزو قادته الولايات المتحدة لرفضها تسليم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول على واشنطن ونيويورك.
وقال الرئيس الأفغاني، أشرف غني، الذي غادر البلاد، إنه اضطر لمغادرة كابول للحيلولة دون إراقة الدماء، ونفى ما تردد بأنه أخذ مبالغ كبيرة لدى مغادرته القصر الرئاسي.
وقال غني، في مقطع مصور تم بثه على فيسبوك، وهو أول تعليق علني له، “لو كنت بقيت لشهدت إراقة دماء في كابول”، وأضاف بأنه غادر بناء على نصيحة من مسؤولين بالحكومة.
