مع تراجع قدرات التنظيمات الإرهابية في أفغانستان وباكستان ومن بعدهما سوريا والعراق كانت أفريقيا هي الملاذ الآمن أو ما سميت بأرض الجيل الثالث للإرهاب.
وانتشرت العديد من التنظيمات الإرهابية مستفيدة من هشاشة الأنظمة السياسية والطبيعة الجغرافية لا سيما في غرب أفريقيا.
وتعيش دول غرب أفريقيا أزمات سياسية وحالة من عدم الاستقرار السياسي، ويمتد أثرها على دول الجوار خاصة بعد الأحداث الأخيرة في مالي، حيث تقدم الرئيس المؤقت با نداو ورئيس الوزراء مختار عوان استقالتهم، بعد اعتقال الجيش لهما قبل يومين.
وقال ممثل للسلطات العسكرية إن رئيس مالي المؤقت ورئيس الوزراء اللذين استقالا في وقت سابق يوم الأربعاء سيطلق سراحهما تدريجيا لاعتبارات أمنية.
وكانت السلطات العسكرية احتجزت الزعيمين واقتادتهما إلى قاعدة عسكرية يوم الإثنين بعد تعديل وزاري فقد فيه ضابطان من قادة الإنقلاب منصبيهما في الحكومة.
التدخل الأجنبي
وقال العقيد السابق بالجيش الجزائري، أحمد كروش، إن الأزمات المزمنة في مالي ستعود بالسلب على الأمن القومي الجزائري، مؤكدا أن الأمور تأزمت أكثر وأكثر وأصبحت غير قابلة للحد.
وأضاف كروش، خلال برنامج “مدار الغد” الذي يذاع عبر شاشتنا أن التدخل الأجنبي في إفريقيا وفي مالي تحديدا «زاد الطين بلة» ولم يستطع الحد من الأزمات أو من حدة القتل للمدنيين.
وأوضح كروش أن نشاط الجماعات المسلحة في مالي زاد بكثرة، وزاد أيضا من عدد ضحاياها، لافتا إلى أن هناك إحصائيات تؤكد هذه الزيادة من قبل الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل.
لا توجد رغبة فرنسية
من جانبه، الباحث في الشئون الأفريقية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، قال فرنسا ليس لديها رغبة حقيقية من أجل استقرار شعوب غرب أفريقيا، ولو حدث استقرار فلن يكون هناك داعي لتواجد القوات الأمنية.
كما أوضح الباحث في الشئون الأفريقية، أن فرنسا لا تسعى إلى الاستقرار في أفريقيا، مشيرا إلى فرنسا لا تحارب الإرهاب كما ينبغي، وكل ما يحدث لتبرير تواجدها هناك.
انقلابات متكررة
فيما أكد الباحث في العلاقات الدولية، يونس بلفلاح، أن الانقلابات المتكررة ترجع لهشاشة الدول الإفريقية، مشيرا إلى أنها هذه الدول تعاني من عدم وجود مؤسسات قوية ودستور قوي.
وأضاف يونس بلفلاح أن هذا الفراغ تسبب في ظهور عدد من الحركات المسلحة، هذه التأثيرات أدت في نهاية المطاف إلى حالة من عدم الاستقرار، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية المتردية التي فاقمت الأوضاع أثر فأكثر.
وتابع: “معدلات الفقر والبطالة في ارتفاع دائم، رغم أن هذه الدول غنية بالثروات مثل مناجم الذهب والألماس وغيرها من المعادن الطبيعية”.
وأشار يونس بلفلاح إلى أن المشكلة الحقيقية في دول غرب أفريقيا تكمن في الاستراتيجية التي يتم اعتمادها دوليا في مواجهة هذا التمدد الإرهابي، قائلا: “حتى الساعة حصيلة فاشلة وذلك باعترافات المسؤوليين الغربيين”.
جدير بالذكر أن مجلس الأمن الدولي دعا إلى “الإفراج الفوري والآمن وغير المشروط” عن كل المسؤولين المعتقلين في مالي على يد عناصر من قوات الدفاع والأمن.
وقال دبلوماسيون إن المجلس دعا أيضا في بيان، تمت الموافقة عليه بالإجماع، إلى “عودة عناصر قوات الدفاع والأمن لثكناتها دون تأخير”.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن نددت بشدة يوم الأربعاء باحتجاز قادة مدنيين من الحكومة الانتقالية في مالي وعلقت المساعدة الأمنية لقوات الشرطة والجيش في البلاد.
وقال مساعد لنائب رئيس مالي إن الرئيس المؤقت ورئيس الوزراء استقالا يوم الأربعاء بعد يومين من قيام الجيش بالقبض عليهما.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس في بيان “نعمل بشكل وثيق مع اللجنة المحلية لمراقبة عملية الانتقال وأطراف دولية أخرى من أجل الإفراج الفوري وغير المشروط عن هؤلاء المحتجزين واستئناف عملية الانتقال تحت قيادة مدنية”.
