مع مرور (100 يوم) على انطلاق فعاليات «مسيرة العودة»، في خمس مناطق حدودية شرق قطاع غزة، وتشمل مناطق الجنوب والوسط والشمال، أكد خبراء عسكريون، للغد، أن المسيرة أصبحت رمزا للحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، الذي قبل التحدي، تحت شعار يثير قلقا داخل دولة الاحتلال، باحياء حق العودة، وبعد أن تمكن شبان من المتظاهرين الذين أموا «مخيمات العودة الخمسة» من الوصول إلى مناطق السياج الشائك الذي تضعه قوات الاحتلال قرب الحدود، وتمكنوا من قطعها وجرها إلى داخل القطاع، في رسالة تحد جديدة للجنود، بينما يشعل الشبان النار في إطارات السيارات، في محاولة منهم لحجب الرؤية بالدخان الأسود المتصاعد، أمام جنود القناصة، كما رشق آخرون الجنود بالحجارة باستخدام المقلاع.
- ويؤكد الخبراء، أن «مسيرة العودة» لها رمزية كبيرة، تتجاهلها حتى الآن وسائل الإعلام العربية، منذ انطلاقها في 30 مارس/ آذار الماضي، كشكل من أشكال المقاومة الشعبية.. وقال الخبير العسكري علوي فهمي، للغد، نحن نرصد دلالات ونتائج مسيرات العودة، التي شكلت «نقلة نوعية» جديدة في مسيرة النضال والمقاومة الشعبية الفلسطينية، وبالطبع فإن سلطات الاحتلال ترصد أيضا صمود الشعب الفلسطيني وإصراره في التعبير عن حق العودة، وفي ابتكار وسائل مقاومة غير مسبوقة، وبعد قطع أجزاء من السياج الفاصل وإطلاق «طائرات ورقية وبالونات حارقة».
وأوضح العميد فهمي، هناك صورعديدة تجسد الصمود والتحدي الفلسطيني، على مدى 100 يوما، وبالرغم من نشر جنود الاحتلال منظومة جديدة متطورة لرصد «الطائرات والبالونات الحارقة»، واستهدافه لمطلقيها، إلا أن جيش الاحتلال رصد إطلاق 40 «بالونا حارقا» في ساعات فجر يوم أمس من القطاع، وذكرت تقارير إسرائيلية أن خمسة فرق لمكافحة الحرائق، عملت على إخماد حريق كبير بالقرب منطقة «أور هنر» القريبة من الحدود الشمالية لقطاع غزة، بسبب سقوط «بالون حارق»، كما اندلعت حرائق مماثلة في مناطق الأحراش القريبة من حدود القطاع، وكشفت سلطات الاحتلال عن 21 حريقا اندلعت حتى مساء أول من أمس الخميس، ويأتي ذلك بالرغم من لجوء إسرائيل الأسبوع الماضي لتشديد الحصار المفروض على غزة، من خلال منع مرور العديد من السلع والمواد الخام للسكان كـ «عقاب» على إطلاق الطائرات والبالونات.
وأضاف الخبير العسكري، للغد، إن من صور الصمود والتحدي الفلسطيني، أن فعاليات مسرة العودة متواصلة، رغم استشهاد 146 فلسطينيا، من بينهم ثمانية شهداء لا يزالون محتجزين لدى الاحتلال، إضافة إلى سقوط أكثر من 16 ألف جريح، ومن بين المصابين 2600 صبيا وطفلا و1200 سيدة، بينما كشفت إحصائية إسرائيلية اندلاع أكثر من ألف حريق في مناطق غلاف غزة منذ انطلاق «مسيرة العودة» ما أدى إلى اشتعال النيران في 30 ألف دونم من الحقول الزراعية والأحراش، مما تسبب في خسائر مالية كبيرة، وخسائر «معنوية» أصابت المستوطنينن الذين نظموا خلال الأيام الماضية العديد من التظاهرات، أخرها مساء أول من أمس الخميس، في مناطق «غلاف غزة» للاحتجاج على استمرار سقوط «البالونات الحارقة».. وتابع العميد فهمي: اننا نجد في المقابل هناك العديد من الفعاليات الشعبية في مخيمات العودة، من بينها نشاطات ثقافية وفنية واجتماعية وسياسية، رغم أن قوات الاحتلال تلجأ بأوامر عليا من قيادة الجيش والحكومة، لاستخدام «القوة المفرطة والمميتة»واستهداف المتظاهرين المدنيين.
- ويؤكد الخبيرالعسكري، اللواء محمود عبد اللطيف، أن مائة يوم من تواصل مسيرة العودة، تضمنت رسائل فلسطينية حاسمة قاطعة، تقول إن حق العودة لا يمكن التنازل عنه، والتصدي لأية محاولات للالتفاف على حق الشعب الفلسطيني في العودة تحت أي عناوين أو مسميات.. والوقوف في وجه كل المحاولات الساعية لتصفية القضية الفلسطينية.. والثبات على خيار المقاومة، للحفاظ على الثوابت ولحماية الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.. وهي رسائل رصدتها سلطات الاحتلال، وعجزت حتى الآن عن ردع أو تشتيت «مسيرة العودة»، كما عجزت أمام وحدة عسكرية شعبية فلسطينية يطلق عليها ««وحدة الطائرات والبالونات»،
وأشار اللواء عبد اللطيف، إلى ما كشفت عنه مسيرة العودة من حقائق وثوابت «وحدة الدم ووحدة الهدف ووحدة المسار والمصير» الفلسطيني، بالتضامن مع صمود سكان تجمع «خان الأحمر» وتنظيم فعاليه باسمهم.. وفي نفس الوقت أدي المئات من الفلسطينيين صلاة الجمعة. فوق أراضي قرية الخان الأحمر شرق القدس المحتلة، والمهددة بالهدم وترحيل سكانها قسرا. لتنفيذ مشاريع استيطانية، حيث يرى الفلسطينيون في عملية الهدم المزمعة، هدماً لآخر مقومات الدولة الفلسطينية.
واستبعد الخبير العسكري، أن تتسبب الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، في اندلاع حرب جديدة علي قطاع غزة. لا سيما في ظل التركيز الإسرائيلي علي التصعيد جنوبي سوريا، موضحا أن أية ضربة عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة ، ستؤدي إلى عملية عسكرية شاملة وطويلة، خاصة في ظل استمرار التوتر على الجبهة الشمالية. ولكن ليس أمام سلطات الاحتلال إلا قصف مواقع في غزة، واستهداف بنى تحتية مهمة لحركة حماس، ولذلك تحسبت مبكرا لردود فعل حماس، بنشر المزيد من بطاريات «القبة الحديدية»، المضادة لصواريخ المقاومة في المناطق القريبة من غزة، تحسبا لأي طارئ.
- وقال الخبير العسكري، إن سلطات الاحتلال تتجاهل أن «مسيرة العودة»، أصبحت تحركا شعبيا فلسطينيا مقاوما، لا تستطيع أي قيادة فلسطينية أن تتخذ قرار بالـ «الفض» وإنهاء فعاليات المسيرة السلمية التي تحمل شعارا فلسطينيا يختصر الصراع مع دولة الاحتلال وهو «حق العودة».
