خبير صيني: الانقسام أو الحوار.. الصين تستعد للأسوأ

يؤكد الخبير الاستراتيجي الصيني، والأستاذ في جامعة هونج كونج، أندرو شيتغ، أن العلاقات بين الصين والولابات المتحدة، رهن تطورات المواقف في الإدارة الأمريكية الجديدة، وتشكل رئاسة بايدن فرصة ذهبية لبدء محادثة حاسمة بين البلدين لتغيير المسار،  لكن الوقت يمثل عنصرا جوهريا، فإذا بدأ بايدن ولايته باختيار الانقسام بدلا من الحوار، فسرعان ما يصبح تغيير المسار أمرا بالغ الصعوبة، إن لم يكن مستحيلا، والصين لن تستسلم للانعزالية والشيطنة على الطريقة الأمريكية

لذا، تستعد الصين للأسوأ.

وقال أندرو شيتغ: لا يتفق الأمريكيون على أي شيء في أيامنا هذه. ومع ذلك، نجدهم مجتمعين إلى حد كبير على اعتقادهم بأن الصين تمثل تحديا وجوديا لبلدهم والنظام الدولي الذي قادته لفترة طويلة. هذه التركيبة التي تتألف من الانقسام الداخلي وشيطنة الخارج هي التي جعلت التنافس الصيني الأمريكي أمرا لا مفر منه على نحو متزايد ــ وربما كارثيا.

الشيطنة الشديدة داخل «غرف الصدى»

وتابع: في السنوات الأخيرة، تغذت الانقسامات الداخلية في أمريكا على وسائط التواصل الاجتماعي، التي تعمل، من خلال تقديم أكداس من المحتوى المفصل حسب الطلب للمستخدمين، على خلق «غرف صدى» تعزز معتقداتهم وقيمهم بدلا من امتحانها. وعندما تصل أفكار بديلة إلى غرف الصدى، فإنها لا تسلم من التشويه والتلطيخ. وإذا شَـكَّـك أحد داخل الغرفة في المعتقدات المشتركة، فإنه يجازف بأن يصبح منبوذا على الفور، أو بلغة معاصرة يصبح «محذوفا».

هذه الشيطنة الشديدة والتفاعل للآراء المختلفة لا تعمل على تسطيح الخطاب وحسب؛ بل تؤدي أيضا إلى تضييق المسافة بين الخلاف والصراع ــ حتى الصراع العنيف. ويساعد الإحباط المنتشر على نطاق واسع إزاء فشل القادة في تحقيق العدالة، والأمن، وإتاحة الفرصة، في تعظيم حدة المخاطر.

النهج الذي تتبناه أمريكا في التعامل مع الصين

بوسعنا أن نرى ذات الميول في النهج الذي تتبناه أمريكا في التعامل مع الصين. على سبيل المثال، يذهب التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرا بعنوان «عناصر التحدي الصيني» إلى تقديم الحزب الشيوعي الصيني على أنه «وغد شرير»، واصفا إياه بأنه «لا يقيد ذاته بأي احترام للحرية الفردية وحقوق الإنسان».

كما يؤجج التقرير المخاوف من «أهداف الصين الاستبدادية» المفترضة و«طموحات الهيمنة» التي تنطوي على رغبة في تشريب النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة بنموذجها الاجتماعي والسياسي. ويوصي التقرير بأن تعمل الولايات المتحدة على بناء جبهة موحدة ضد الصين، من أجل تأمين «الحرية» للعالم ــ بالقوة العسكرية إذا لزم الأمر.

أمريكا مجتمع شديد التفتت والانقسام ومبتلى بالعنصرية

وأضاف «أندرو شيتغ» في مقال نشر في  « Project Syndicate» ـ  وهي مؤسسة إعلامية دولية تنشر وتجمع التعليقات والتحليلات حول مجموعة متنوعة من الموضوعات العالمية المهمة، ولديها شبكة من  459 منفذًا إعلاميًا في 155 دولة ـ لم يمر أي من هذا دون أن يلاحظه أحد في الصين، التي كانت حريصة على إجراء تقييمها الخاص المعادي للولايات المتحدة. ويبدو من الواضح الآن من منظور قادة الصين ومواطنيها وشركاتها أن الولايات المتحدة، بعيدا عن كونها أرض الحرية والفرص، مجتمع شديد التفتت والانقسام، ومبتلى بالعنصرية الجهازية وفجوات التفاوت المتزايدة الاتساع، والافتقار إلى هدف مشترك ــ وهي العلل التي ظلت لفترة طويلة محتجبة خلف أوهام حول «الحلم الأمريكي».

الأغلبية لا تحكم غالبا في الولايات المتحدة

علاوة على ذلك، وبعيدا عن كونها نموذجا مثاليا للديمقراطية، يحكم الولايات المتحدة نظام سياسي شديد التشوه. ومن الواضح أن مؤسساتها، بما في ذلك المجمع الانتخابي، ومجلس الشيوخ، والمحكمة العليا، وممارسات مثل التلاعب بالدوائر الانتخابية، والتخفيض الاستراتيجي لأماكن الاقتراع، وقواعد التحقق من هويات الناخبين المرهقة، تعني أن الأغلبية لا تحكم دائما. كما يشترى المانحون الأثرياء النفوذ، سواء من خلال تمويل الحملات الانتخابية أو شراء وسائل الإعلام.

بينما نبذت الصين الأوهام التي طالما راودتها حول الولايات المتحدة، تضاءلت آمالها في إقامة علاقة ثنائية بنّـاءة.

بايدن وصف الرئيس الصيني بأنه «سفاح»

من المؤكد أن الرئيس المنتخب جو بايدن من غير المرجح أن يدعم الهجمات المفاجئة، والتراجعات، والقرارات المربكة، وشبه الإخفاقات التي صممها الرئيس دونالد ترمب. لكن الحد من الفوضى لا يعني بالضرورة انحسار النزوع إلى المجابهة: فقد وصف بايدن الرئيس الصيني شي جين بينج بأنه «سفاح» وتعهد بقيادة حملة منسقة «للضغط على الصين، وعزلها، وعقابها».

 لذا، تستعد الصين للأسوأ. وقد يعني هذا استمرار الحرب التجارية التي شنها ترمب أو المزيد من توجيه أصابع الاتهام الفارغ الأحمق في ما يتصل بانتشار جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19). بل قد يعني هذا توترات عسكرية تشمل تايوان وبحر الصين الجنوبي وحدود الصين الغربية.

الصين لن تستسلم للانعزالية والشيطنة على الطريقة الأمريكية

لكن هذا لا يعني أن الصين قد تستسلم للانعزالية والشيطنة على الطريقة الأميركية. بل على العكس من ذلك، وعلى الرغم من تكتيكات «المحارب الذئب» الخرقاء التي يتبناها بعض الدبلوماسيين، اتخذت الصين خطوات مهمة لتعزيز التعاون الدولي في مجالات رئيسية ذات اهتمام مشترك. على سبيل المثال، في ما يتصل بتغير المناخ، تعهد «شي» في الأمم المتحدة بالوصول إلى ذروة الانبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030 والسعي إلى تحقيق هدف الحياد الكربوني قبل عام 2060.

وفيما يتصل بالتجارة، وقعت الصين على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، التي تمثل البلدان الأعضاء الخمسة عشر المشاركة فيها 30% من البشرية. وما أدهش كثيرين في العالم حقا أن الصين أشارت أيضا إلى أنها ربما تنضم إلى الاتفاقية الشاملة التقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ، والتي ظهرت بعد القرار الذي اتخذه ترامب بسحب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ الأصلية.

 

التجارة تنقذ أمريكا من الركود المزدوج

ويضيف الخبير الإستراتيجي الصيني: الواقع أن الولايات المتحدة ــ التي تكافح من أجل السيطرة على الجائحة، والتي يبدو الأمر وكأنها تتجه نحو ركود مزدوج ــ تُـحسِـن صنعا باتخاذ نهج مماثل. فالتجارة هي السبيل الوحيد للخروج من مأزقها الاقتصادي الحالي. ويشمل هذا التجارة مع الصين ــ الدولة صاحبة الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي تعافى من صدمة الجائحة، والوحيد الذي سجل نموا إيجابيا في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.

لن يجدي الترهيب مع قوة الصين الاقتصادية

لكن هذا سيكون مستحيلا، ما دامت العلاقة الثنائية يهيمن عليها سوء الفهم، والعداء، والشك المتبادل. كما قال وزير الدفاع السابق جيم ماتيس، تتمتع الولايات المتحدة باثنين من ضروب القوة الأساسية: قوة الإلهام وقوة الترهيب. وفي التعامل مع الصين ــ القوة الاقتصادية التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة ــ لن يجدي الترهيب. فلن تذعن الصين وتخضع في ما يتصل بشؤونها الداخلية، مثل هونج كونج، وشينجيانج، وتايوان.

لا يزال في الوقت متسع للحل

مع ذلك، لا يزال في الوقت متسع للولايات المتحدة لاستخدام قوة الإلهام لكي تُـظـهِـر أنها والصين من الممكن أن يصبحا شريكين متساويين في سلام، يعملان معا لمواجهة التحديات المشتركة. لا تخلو هذه الحتمية من بُـعد أخلاقي. الواقع أن العديد من المراقبين في الخارج، بما في ذلك الصينيين، لا يستطيعون أن يفهموا كيف سمحت الدولة الأكثر تقدما على المستوى التكنولوجي في العالم بموت أكثر من 260 ألف شخص بفيروس تمكنت بلدان أكثر فقرا بأشواط من مكافحته بنجاح بالاستعانة بتدابير بسيطة.

مبدأ «نحن» وليس «أنا».

لكي ينجح التعاون، يتعين على الولايات المتحدة أن تُـظـهِـر قدرتها على التفكير من منظور «نحن» وليس «أنا».

وتشكل رئاسة بايدن فرصة ذهبية لبدء هذه المحادثة الحاسمة. لكن الوقت يمثل عنصرا جوهريا هنا. فإذا بدأ بايدن ولايته باختيار الانقسام بدلا من الحوار، فسرعان ما يصبح تغيير المسار أمرا بالغ الصعوبة، إن لم يكن مستحيلا.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]