رئيس «الأهرام» يحذر من «التضخم» ويهاجم سياسات «المركزي» تجاه الدولار
انتقد أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، قرار تخفيض البنك المركزي لسعر الجنيه مقابل الدولار بنسبة 14.3% دفعة واحدة، مشيرا إلى وجود فارق كبير بين النتائج النظرية التي يتوقعها الخبراء وبين النتائج العملية التي تحدث على أرض الواقع.
وأضاف النجار، في مقاله التحليلي اليوم، في جريدة الأهرام اليومية، أن « العجز فى ميزان الحساب الجارى فى الاثنى عشر شهرا المنتهية فى نهاية سبتمبر الماضى نحو 14.7 مليار دولار، وهذا الميزان يشمل الميزان التجارى وميزان تجارة الخدمات والتحويلات. وبالنسبة للعجز التجارى وحده فإنه بلغ فى العام المالى 2014/2015 نحو 38.8 مليار دولار وفقا للبيانات الرسمية.
ولو أخذنا ما تيسر من مؤشرات العام المالى 2015/ 2016، فإن العجز التجارى فى الربع الأول منه بلغ نحو 10 مليارات دولار. وبلغ عجز ميزان الحساب الجارى نحو 4 مليارات فى الربع الأول من العام المالى المذكور مقارنة بنحو 1.6 مليار دولار فقط فى الربع الأول من عام 2014/ 2015».
وتابع النجار «لو أخذنا ميزان تجارة السلع والخدمات معا وهو الميزان الأكثر دلالة بشأن قدرة الاقتصاد المحلي، فإن العجز فى هذا الميزان بلغ 8.3 مليار دولار فى الربع الأول من العام المالى 2015/2016، مقارنة بنحو 7.8 مليار دولار فى الربع الأول من العام المالى السابق عليه.
وواضح تماما من هذه البيانات الرسمية أن جذر الأزمة فى سعر الصرف وفى التآكل المتتالى للاحتياطى يكمن فى عجز الموازين الخارجية».
من ناحية أخرى، أوضح النجار أن «الهدف الحقيقي لتخفيض سعر صرف الجنيه المصرى مقابل الدولار والعملات الحرة الرئيسية، يكمن في رفع تكلفة الاستيراد من الخارج مما يكبح الواردات.
كما أن الصادرات المصرية إذا ثبتت أسعارها بالجنيه المصرى فستصبح أرخص عند تقويمها بالعملات الأجنبية مما يساعد على زيادة الطلب عليها فى الخارج».
وقد وصف النجار تلك السياسية بأنها تكرار للوصفة الأيديولوجية «المتكلسة» لمدرسة البنك وصندوق النقد الدوليين ومن يتبعونهما، والتى ثبت مرارا وتكرارا أنها لا تجدى فى بلد مثل مصر، وتخلق دورات حلزونية متتابعة من التراجع للعملة المصرية فى السوق السوداء لتلاحقها السلطات النقدية بالمزيد من تخفيض العملة المحلية كل فترة دون أن يؤدى ذلك إلى نتائج إيجابية مؤثرة على الاقتصاد.
والأفضل هو أن يتم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمعالجة المباشرة لعجز الموازين الخارجية المتسبب فى تآكل احتياطى العملات الحرة والضغط على سعر صرف الجنيه.
من ناحية أخرى، أشار النجار في تدوينة عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إلى أن «هذا القرار سيؤثر على تدفقات الاستثمار الأجنبي، لافتًا إلى أن مصر بحاجة لتغيير جوهري للتعامل مع الأزمات الاقتصادية».
وواصل قائلاً «دائما أن تخفيض سعر صرف العملة المحلية سيؤدي لزيادة الصادرات وتدفقات الاستثمار الأجنبي، لكن ذلك أمر مشكوك فيه في الوضع الراهن للاقتصاد المصري، فبالنسبة للاستثمارات فمشكلتها لا تكمن في سعر الصرف حتى نغيره، بل في التعقيد البيروقراطي المروع وما يؤدي إليه من فساد، وكذلك الصورة العامة للأمان في مصر التي ترسمها وسائل الإعلام العالمية بشكل سلبي والتي تؤثر بصورة بالغة السلبية على السياحة أيضًا».
وأضاف «كما أن اضطراب سعر الصرف لا يشجع الاستثمارات المحلية أو الأجنبية لأنه يُعقد حسابات الاستثمار القائمة على التوقعات المستقبلية التي تصبح مشوشة في هذه الحالة. وعندما تخفض سعر صرف العملة في بلد ليس لديه ما يصدره ويوجد لديه عجز هائل في الميزان التجاري قيمته 38.8 مليار دولار ويستورد سلعا قيمتها تعادل ربع ناتجه المحلي الإجمالي تحت دعوى أن التخفيض سيجعل أسعار السلع والخدمات المحلية رخيصًا عند تقديره بالعملات الأجنبية، وبالتالي سيساعد على زيادة صادرات السلع والخدمات، فإن هذه النتيجة النظرية لا تتحقق لأننا ببساطة ليس لدينا ما نصدره، فقبل أي تخفيض لابد أن يكون لدينا إنتاج وسلع قابلة للتصدير ويوجد طلب خارجي عليها».
واستطرد أن «النتيجة المؤكدة الوحيدة لهذا الإجراء هي موجة من ارتفاع الأسعار لأن كل السلع المستوردة سوف ترتفع أسعارها لدى تقديرها بالجنيه المصري بنفس نسبة انخفاض الجنيه مقابل الدولار، وهذه الموجة من ارتفاع أسعار السلع المستوردة، يتبعها عادة ارتفاع أسعار السلع المحلية المناظرة لها أولا ثم كل السلع. وسوف يضيف ذلك نحو 4% على الأقل لمعدل التضخم ليبلغ نحو 15% على الأقل، وهذا سيضر الادخار أيضا لأن سعر الفائدة الحقيقي «سعر الفائدة مطروحًا منه معدل التضخم سيكون سلبا ولا يشجع على الادخار».
وأردف «وهذه الموجة التضخمية القادمة سيعاني منها الفقراء والطبقة الوسطى وبالتحديد كل من يعملون بأجر حيث تتحرك أجورهم بمعدلات أدنى من الارتفاعات السريعة في الأسعار، بينما ستتزايد قيمة ثروات أصحاب حقوق الملكية ببساطة لأن ممتلكاتهم ارتفعت أسعارها».
وتابع، «سوف تتزايد الأعباء على رجال الأعمال الذين حصلوا على قروض بالدولار أو العملات الحرة لتمويل استيراد الآلات والمعدات والمستلزمات الضرورية لأعمالهم، حيث سترتفع قيمة القروض مقدرة بالجنيه المصري لتضيف عليهم أعباء طارئة وغير متوقعة، مما ينذر بحدوث حالات تعثر في السداد يجب أن يستعد لها الجهاز المصرفي.
وبالمقابل فإن شركات الصرافة المملوكة سوف تتزايد ثرواتهم تبعا لجحم ما اكتنزوه من دولارات وعملات حرة في الفترة الماضية».