دشن برلمانيون مصريون مبادرة للرد على قرار الكونجرس الأمريكي خفض جزء من المساعدات، التي توجهها واشنطن إلى القاهرة.
وأعلن اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، عن تدشين مبادرة شعبية للرد على قرار الولايات المتحدة الأمريكية خفض بعض المبالغ المخصصة في إطار برنامج المساعدات الأمريكية لمصر، سواء من خلال التخفيض المباشر لبعض مكونات الشق الاقتصادي من البرنامج، أو تأجيل صرف بعض مكونات الشق العسكري، وتهدف المبادرة إلى تجميع العملة الصعبة، بحيث يودع من يمتلك أي مبلغ دولاري في حساب بالبنك.
وتستند هذه المبادرة إلى تجربة سابقة حين نجح المصريون في تجميع 60 مليار جنيه (قرابة 8.400 مليار دولار) اللازمة لتمويل مشروع توسيع وتنمية قناة السويس من خلال طرح شهادات استثمار للبيع للمصريين في أقل من أسبوعين.
ووجه رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري، رسالة إلى المصريين بالخارج لمضاعفة تحويلاتهم الدولارية ومدخراتهم إلى مصر، في أبلغ رد على الموقف الأمريكي، ودعا الأمة العربية إلى التوحد والوقوف سوياً والتأكيد على دعمهم لمصر من خلال مضاعفة الاستثمارات بما يحقق رداً بليغاً ويترجم العزيمة والإرادة العربية في مواجهة تحديات المرحلة.
وكانت الخارجية المصرية أصدرت بيانا، أمس الأول، قالت فيه إن هذا الإجراء يعكس سوء تقدير لطبيعة العلاقة الاستراتيجية، التي تربط البلدين على مدار عقود طويلة، واتباع نهج يفتقر للفهم الدقيق لأهمية دعم استقرار مصر ونجاح تجربتها، وحجم وطبيعة التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه الشعب المصري، وخلط للأوراق بشكل قد تكون له تداعياته السلبية على تحقيق المصالح المشتركة المصرية الأمريكية.
وقالت الخارجية، إن مصر تقدر أهمية الخطوة التي تم اتخاذها بالتصديق على الإطار العام لبرنامج المساعدات لعام 2017، فإنها تتطلع لتعامل الإدارة الأمريكية مع البرنامج من منطلق الإدراك الكامل، والتقدير للأهمية الحيوية التي يمثلها البرنامج لتحقيق مصالح الدولتين، والحفاظ على قوة العلاقة فيما بينهما، والتي تأسست دوما علي المبادئ المستقرة في العلاقات الدولية والاحترام المتبادل.
واتصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس الخميس، وعبر عن حرصه على تجاوز أي عقبات على طريق التعاون، وذلك بعد أيام من إعلان الولايات المتحدة حجب بعض المساعدات المالية لمصر.
وجاء في بيان للرئاسة المصرية، الذي صدر في وقت متأخر من أمس الخميس، “تلقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالا هاتفيا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكد خلاله على قوة علاقات الصداقة بين مصر والولايات المتحدة، وأعرب عن حرصه على مواصلة تطوير العلاقات بين البلدين، وتجاوز أية عقبات قد تؤثر عليها”.
اتفاقية السلام
وكانت الولايات المتحدة قررت حرمان مصر من مساعدات قيمتها 95.7 مليون دولار، وتأجيل صرف 195 مليونًا أخرى بدعوى عدم إحرازها تقدمًا على صعيد احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية.
وتعود المساعدات الأمريكية لمصر إلى عقود طويلة، وتحديدا في عام 1978 عندما أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر -عقب توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل- عن تقديم معونة ثابتة لكل من مصر وإسرائيل، عبارة عن مبلغ ثابت تتلقاه مصر سنويًا من الولايات المتحدة.
وتمثل المعونة الأمريكية للقاهرة مبلغ 57% من إجمالي المعونات التي تستقبلها مصر من الدول الخارجية، ولا تتجاوز المعونة الأمريكية نحو 2% من إجمالي الدخل القومي المصري.
وردا على تلك الادعاءات، أعرب عدد من أعضاء لجنتي حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي، عن رفضهم لاستغلال القيادة الأمريكية ملف حقوق الإنسان للضغط على القيادة المصرية في التدخل في الشؤون الداخلية للدولة، من خلال تقليل المعونة الاقتصادية والعسكرية، مشيرين إلى أن التقصير في ملف حقوق الإنسان نتيجة لسعي الدولة في مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، واستطردوا “هذا الملف أصبح غير مجز لوجود معايير دولية تحكمه”.
وأكدوا ضرورة نظر أمريكا إلى الانتهاكات التي تحدث في المسجد الأقصى من قبل الإسرائيليين، وما يحدث في سوريا من قتل أبرياء، مشيرين إلى أن المنظمات الحقوقية في الولايات المتحدة الأمريكية تعاني من العنصرية.
أسباب سياسية
وقال النائب محمد الغول، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، في تصريحات له، إن ما تقوم به القيادة الأمريكية من تهديدات بخفض المعونة نتيجة لنجاح القيادة السياسية المصرية في تقليل اعتمادها على أمريكا في المعونة العسكرية وتنويع تسليح الجيش المصري من قبل عدد من الدول الأجنبية وعدم الاعتماد على أمريكا منفصلة.
وأوضح الغول، أن المعونات الأمريكية يشارك في تحديدها بقوة الكونجرس الأمريكي وليس القيادة منفردة، مؤكدًا أن أمريكا دائًما تسعى إلى استغلال ملف حقوق الإنسان في الكثير من دول العالم لضمان تدخلها في الشئون الداخلية.
فيما أعلن النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، عن رفضه القاطع لموقف الولايات المتحدة من أوضاع حقوق الإنسان في مصر، قائلا: “مصر تحترم كافة المواثيق والمعاهدات الدولية، وتحترم حقوق الإنسان، وغير مقبول على الإطلاق المساس بهذا الملف”.
وأضاف عابد، في تصريح لـ”الغد”، “نرفض بشكل قطاع التدخل في الشأن الداخلي المصري، فليس من حق أي دولة التدخل في الشؤون الداخلية المصرية، مصر تحترم الجميع ولا تتدخل في شؤون الدول، وبالتالي على جميع الدول التعامل بالمثل”.
