خلافات في القصر.. رجل أردوغان يستقيل و«العدالة والتنمية» يتفكك

لم يتفاجأ الكثيرون في تركيا من استقالة رئيس حزب العدالة والتنمية والحكومة أحمد داود أوغلو صباح اليوم، الخميس، فبحسب عدد من المواقع والصحف لم يكن «الدخان بلا نار» كانت متقدة على مدار الأشهر القليلة الماضية.

منذ فوز العدالة والتنمية بأغلبية كاسحة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت جولة إعادتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بدأ مراقبون ووسائل إعلام مختلفة في تسليط الضوء على الخلافات التي بدأت تشق العلاقة بين الرئيس رجب طيب أردوغان ورجله الذي خلفه في رئاسة الحزب والحكومة.

وشهدت الليرة التركية أمس، الأربعاء، أسوأ أيامها بعدما سجّل الدولار الأمريكي أكبر ارتفاع له أمامها بارتفاع 4% دفعة واحدة بين ليلة وضحاها، بعد أنباء عن قرب استقالة رئيس الوزراء من منصبه الحكومي والحزبي.

من هو داود أوغلو؟

تنبأ كثيرون له بأن يكون أحد أعمدة السياسة التركية، فأوغلو المولود عام 1959 ترقى في المناصب منذ عام 2002 عندماأصبح المستشار الأعلى لرئيس الوزراء، ثم وزير للخارجية منذ 2009 حتى 2014، ثم خلفا لأردوغان في منصب رئيس الحكومة والحزب الحاكم.

لأوغلو سيرة ممتدة في الحياة الأكاديمية منذ تخرجه في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة البوسفور، وهي التي حصل منها أيضا على درجة الدكتوراه، وله مؤلفات عدة أبرزها «العالم الإسلامي في مهب التحولات الحضارية» و«العمق الاستراتيجي»، إلا أنه تمكن من دمج خبراته الأكاديمية بالسياسية ليبدأ رحلة الصعود إلى كرسي رئاسة الوزراء.

في عام 2010 اختارته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية ضمن أهم 100 مفكر، ثم نالها في العالم التالي مناصفة مع أردوغان، رئيس الوزراء وقتها، وأشادت المجلة بدورهما الثنائي الكبير في النهضة بتركيا.

وربما تكون تلك الرحلة وتطلعات أوغلو السياسية قد مثّلت تهديدا لأردوغان، فقبل أيام نقلت وسائل إعلام تركية عن الأخير قوله لمجموعة من شيوخ البلديات: «على المرء أن يدرك أهمية المنصب الذي يشغله، ومن أوصله إليه أيضا».

مواقفه

عقد أردوغان وأوغلو، قبل ساعات من إعلان الأخير استقالته، اجتماعا في القصر الجمهوري، لم يستمر لأكثر من 28 دقيقة، شاعت خلاله أنباء اشتعال الخلافات بينهما، لتؤكد وسائل الإعلام التركية أن أوغلو سيعلن رحيله عن الحزب والحكومة قريبا.

وضمن القرارات التي خرج بها الاجتماع المثير، بحسب وسائل الإعلام التركية، اجتماع استثنائي للعدالة والتنمية في 22 من مايو/آثار الجاري، ومن المرتقب أن يعلن خلاله استقالة أوغلو من الحكومة وتنصيب خلفٍ له قد يكون واحدا من 5 مرشحين هم: وزير الاتصالات الحالي بن على يلدريم، أو وزير العدل بكر بوزداغ، أو نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش، أو رئيس مجلس إدارة الحزب علي شاهين، أو بيرات البيرق، وزير الطاقة زوج ابنة أردوغان.

سياسته الخارجية

كان لأوغلو دور كبير في رسم سياسة بلاده الخارجية مع أردوغان على مدار 7 سنوات مضت تقريبا، إلا أن أهم الملفات كانت على سبيل المثال مواقفه من مصر، فعلى الرغم من إصرار الرئيس على استفزاز القاهرة في كل المناسبات إلا أن رئيس الوزراء تحدث في كثير من المرات عما أسماها بـ «شروط» رأب الصدع في العلاقات الثنائية ولم يتدخل بشكل صارخ في الشؤون المصرية.

قبل توتر العلاقات بين البلدين، إبان الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، كانت العلاقات بين أنقرة والقاهرة وطيدة، كللتها اتفاقيات اقتصادية كبيرة مثل «الرورو»، إلا أن السنوات الثلاث الماضية كانت كفيلة بانهيار تام لتلك الصداقة.

أعرب أوغلو في أكثر من مناسبة عن رغبة تركيا في التصالح مع مصر ولكن في إشارة إلى رفض تدخل الجيش في السياسة على غرار بلاده، قائلا: « إذا تم حل مسألة المعتقلين السياسيين، وعادت الحياة إلى طبيعتها، فإن علاقة تركيا ستتحسن مع مصر».

وأضاف في حوار تلفزيوني أمس، الأربعاء: « إذا تم حل مسألة المعتقلين السياسيين، وعادت الحياة إلى طبيعتها، فإن علاقة تركيا ستتحسن مع مصر، لا يوجد أحد في تركيا يدعم أي إنقلاب عسكري في أي دولة أخرى، وهذا موقفنا، نحن ضد الاعتقالات السياسية».

الخلافات

في وجه طموحات أردوغان اللامتناهية، وقف أوغلو بعد إجراء الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مواجهة الرئيس، بعدما خسر الحزب الأغلبية لتبنيه خطابات ومواقف أدوغان الرامية إلى منح ذاته صلاحيات مطلقة عبر تحويل نظام الحكم في البلاد إلى «الرئاسي»، ونقلت وسائل الإعلام التركية وقتها أن الرئيس يواجه غضبا داخليا من قيادات الحزب لخسارتهم الانتخابات.

وخسر العدالة والتنمية الأغلبية التي اكتسبها على مدار 13 عاما مضت والتي كانت تسمح له بأريحية تشكيل الحكومة دون الاضطرار إلى التحالف مع المعارضة، وهي أيضا الأولى منذ انتخاب أردوغان رئيسا للجمهورية، وهو ما بدى جليا في تصريحات لقيادات على رأسهم عبدالله جول، الرئيس السابق، وصديق أردوغان السابق أيضا.

في حديث للتلفزيون التركي الرسمي، قال مساعد أردوغان جميل إرتيم قبل أيام: «إن البلاد واقتصادها سيستقران أكثر عند تولي رئيس وزراء أكثر اتساقا مع الرئيس أردوغان».

وفوجئ الجميع في تركيا بقرار مفاجئ بتعيين أردوغان للرؤساء والمسؤولين الإقليميين لحزب العدالة والتنمية، على الرغم من أنها سلطة رئيس الحزب أوغلو.

الحزب والدولة

قال الدكتور مصطفى اللباد، مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية بالقاهرة ورئيس تحرير مجلة شرق نامه المتخصصة في الشئون الإيرانية والتركية وآسيا الوسطى، إن استقالة أوغلو جاءت بضغوط من أردوغان، قائلا إن ما حدث تكريس لنموذج «الزعيم الأوحد» في التجربة التركية.

وأضاف اللباد عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لقد أصبحت التجربة التركية الآن «التجربة الأردوغانية» على وجه الدقة، متابعا: «لم يعد يفصل بين أردوغان وأقرانه من رؤساء الجمهوريات العرب سوى الدستور التركي المتميز، والذي يود أردوغان تغييره على قياسه وقيافته، تركيا أمام صيف ساخن لا تستبعد فيه إمكانية انتخابات مبكرة جديدة».

بينما حذر الكاتب والباحث السياسي محمود عثمان من تأثير التجاذبات بين الرئيس وقيادات العدالة والتنمية على الحزب نفسه، قائلا إنها «كانت تتفاعل منذ فترة ليست بالقصيرة، بين طرفين داخل الحزب، أحدهما يمسك بزمام الأمور، ويتلقى التعليمات والأوامر من أردوغان بشكل مباشر، بينما الطرف الآخر أقل حجما وأضعف تأثيرا، وهو من يلتف حول أوغلو ويعتبره زعيما ناجحا لا بد أن يمارس صلاحياته كاملة».

أضاف عثمان عبر مقال تحليلي له نشره موقع «ترك برس» الشهير: «لا يحق لأردوغان بحسب الدستور الحالي، واليمين الدستورية التي أداها، التدخل في الحياة السياسية بشكل فعال بينما يقود أوغلو حزبه بنجاح بعد فوزه بأغلبية ساحقة فاجأت الجميع، ومن الطبيعي أن تنعكس التجاذبات بينهما على قواعد الحزب».

أشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر، إلا أنه كان يتم احتواؤه فيما مضى قبل ظهوره جليا بهذا الشكل، متابعا: «كانت التجاذبات تُحتوى على مستوى القيادة، دون أن تطفو إلى السطح أو تظهر للعلن، بسبب النضج السياسي لقيادة الحزب وكوادره أولا، ثم أدبياته كحزب ذي خلفية إسلامية محافظة نجحت في الارتقاء بالعمل السياسي، والحيلولة دون خروج الخلافات البينية إلى العلن».

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]