في صورة تجسد حقائق الصمود والنضال الفلسطيني في وجه سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تصدت «خنساء فلسطين» ـ زوجة شهيد ووالدة شهيد، ولديها 6 أبناء وحفيد في سجون الاحتلال ـ لقُوّة كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت، فجر الخميس، بمُخيّم الأمعري، في محافظة رام الله والبيرة، ويقع على بعد كيلومترين جنوب مدينة البيرة وسط الضفة الغربية المحتلة، قبل أنْ يتم هدم منزلها المُؤلّف من طابقين، للمرة الخامسة، والثانية خلال أقل من عام.
صدمة قوات الاحتلال، من سيدة فلسطينية سبعينية (73 عاما)، أُمُّ الشهداء والأسرى، تقف أمامهم بقوّة وثبات وإصرار على الصُمود، وتصرخ في وجه قائد مجموعة الاقتحام من جيش الاحتلال : «سأُعيد بناء ما هدّمتوه مُجدّداً، هذه الأرض أرضنا وطالما هناك احتلال سنُقاومه». الحاجّة لطيفة محمّد ناجي أبو حميد «أم ناصر» ترقض أن يواسيها أحد عمّا يقترفه الاحتلال الإسرائيلي ضدّها وأفراد عائلتها، وتقول قبل أن ترحل قوات الاحتلال بعد هدم منزلها : «أفتخر بأنّني أُمُّ الشهداء والأسرى وليس العملاء، هم يهدمون البيت، لكن لن يهدّوا حيلي، الحيل قوي ما بينهد، وسأُعيد بناء ما هدّموه مُجدّداً للمرة الخامسة»
«خنساء فلسطين»، أصبحت العنوان الرئيس، لمتابعات وكالات الأنباء والمراسلين الصحفيين الأجانب، بعد تكرارهدم منزلها والتي تعيد بنائه في كل مرة ردا على ممارسات سلطات الاحتلال، وتصدرت قصتها وصورها التحقيقات الصحفية كرمز فلسطيني للصمود فوق الأرض الفلسطينية، وكامراة فلسطينية سبعينية، لها حكايات مع الاحتلال الإسرائيلي، تعود إلى أكثر من ثلاثة عقود ، وقد دفع زوجها وأولادها العشرة ضريبة النضال، استشهد الزوج والابن، وما زال 6 منهم في سجون الاحتلال.
ضريبة النضال لم تفت في عضد «خنساء فلسطين»، وهي تقف بمفردها في مواجهة سلطات الاحتلال، التي هدمت منزل العائلة 4 مرّات سابقة في الأعوام: 1985، 1994، 2005 و2018. وهي تعيد البناء في كل مرة..وفي مخيم المعري يعرفون «أم ناصر» المقدسية، بأنها مدرسة في الصبر، وتعلّم الثبات والصمود.
- نجلها الشهيد عبد المنعم، نصب كميناً للاحتلال، واستدرج مسؤول المخابرات الإسرائيلية في الضفّة الغربية، وقتله مع جنديين، وتمكّن وأفراد المجموعة من الاختفاء، قبل أنْ يستشهد برصاص الاحتلال بعدما أدّى الصلاة في المسجد الأقصى،’ وتبيّن وفق التشريح إصابته بـ150 رصاصة، فضلاً عن تشريح كافة جسده من قِبل الاحتلال.
حتى قوات الاحتلال، أعربت عن دهشتها وحيرتها من القوة التي تمتلكها تلك السيدة وفي هذا العمر، وهي تُشاهد هدم حجارة منزلها للمرّة الخامسة، في محاولة لمحو الذكريات، محو الذاكرة الفلسطينية التي تثير هواجس دولة الاحتلال، التي تتحسب جيدا لتصاعد معدلات الزيادة السكانية الفلسطينية التي تصفها بالـ «قنبلة السكانية الفلسطينية»، وهي مخاوف كشفت عنها واقعة مع «الخنساء» التي اعتادت تقديم التضحيات، وتذكر أنّه خلال أحد الاقتحامات في العام 1994، دفعها أحد جنود الاحتلال أرضاً، وهي حامل في الشهر الثامن، قائلاً: «عندك 10 أولاد وبدّك كمان»، وعندما ذهبت إلى المستشفى وجدت أنّ الجنين قد مات.
- سيدة أقوى من كل الصدمات، ولا تهتز من ممارسات الاحتلال، لتبقى رمزا لصمود وثبات وصبر النساء الفلسطينيات.