يترقب اللبنانيون، ومعهم الدوائر السياسية الرسمية العربية والغربية، جولة الاستشارات النيابية الملزمة، غدا الخميس، بالقصر الجمهوري في بعبدا، لترشيح اسم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، كمخرج من النفق المظلم وقبل انهيار الدولة التي تقف على أبواب المجهول.. وياتي الترقب الحذر في ظل مناخ من إنسداد شرايين التواصل يحمل بذور متغيِّرات متوَقّعة على مستوى التوازنات السياسية، ومع انعدام الاتصالات بين جميع الفرقاء، باستثناء الاجتماع الذي عقد بين رئيس مجلس النواب، نبيه بري، ورئيس الحكومة المستقيل، سعد الحريري.
- الجميع ـ داخل لبنان وخارجه ـ يترقب ما ستحمله الساعات القليلة المقبلة، من اتصالات مكثفة للحيلولة دون الوصول إلى تأجيل ثالث للاستشارات النيابية الملزمة، وهو أمر في دائرة الاحتمالات القائمة !!
البحث عن بصيص أمل لحل الأزمة الحكومية
من الواضح ـ وبحسب تقديرات المراقبين في بيروت ـ أن الطبقة السياسية حائرة ومرتبكة.. وأن مختلف القوى السياسية لا تملك أي إجابات على الأسئلة التي تدور في ذهن الشارع اللبناني، حول مصير البلد، وإلى أين تتجه الأوضاع في لبنان في ظل تعاظم الانهيار السياسي والاقتصادي والمالي، وهل ما زال هناك من بصيص أمل لحل الأزمة الحكومية؟! وليس سراً أن ما يحصل يؤشر إلى أن لبنان مقبل على تطورات أقل ما يقال فيها بأنها ستكون تطورات ملتهبة وخطيرة، بحسب تعبير المحلل السياسي اللبناني، حسين زلغوط، وهي بالتأكيد تحمل بذور متغيرات متوقعة على مستوى الخارطة السياسية وهو ما بدأت تؤشر إليه حرب البيانات التي تصدر من هذه الجهة أو تلك، وإن ما حصل بين تياري «المستقبل» و«الوطني الحر» في الساعات الماضية يُعزّز المخاوف من إمكانية انفجار مواجهة سياسية خطيرة، خصوصاً وان ما يجري على المستويين الإقليمي والدولي دقيق جداً ويجعل من أمر اللجوء إلى أي جهة خارجية للمساعدة للخروج من المأزق غير مفيد، خصوصاً وأن لبنان لا يعتبر في هذه المرحلة أولوية على الأجندة الدولية.
التأجيل الثالث في دائرة التوقعات
تعقيدات المشهد السياسي اللبناني، والمشاحنات العدائية والمواجهات بالتصريحات الساخنة، داخل الطبقة السياسية، يحمل على الاعتقاد بأن موعد الاستشارات الذي تأجل إلى يوم غدٍ الخميس لن يكون ثابتاًـ وأن التأجيل الثالث ربما يحصل، كون ان ما من شيء يوحي بإمكانية حصول متغيرات على مستوى المواقف السياسية، ولو حدث هذا التأجيل، كما يقول المحلل السياسي، فإنه يشرع الأبواب على المزيد من التعقيد على المستوى الحكومي الذي يفتح بدوره الباب على الذهاب باتجاه خيارات كانت مستبعدة في وقت من الأوقات وهذه الخيارات لن تكون الحل المنشود للأزمة الراهنة، بل ربما تنقلنا من أزمة إلى مروحة من الأزمات التي يختلط فيها الحابل بالنابل!
سيناريوهات محتملة للأوضاع في لبنان
داخل المشهد اللبناني العام : كل السبل ما تزال مغلقة، ولا يوجد أي مؤشر إيجابي لاعادة فتحها في غضون الـ 24 ساعة المقبلة مع موعد الاستشارات النيابية، ولا يبدو في الأفق أي حل سواء على صعيد التكليف أو من ثم التأليف، حيث أن الأيام الخمسين التي أمضاها رئيس الجمهورية ميشال عون، ومعه صهره ورئيس التيار الوطني الحر،الوزير جبران باسيل وأجروا فيها إختبارات سياسية لمرشحين بحجة التوافق على التأليف قبل التكليف لم تجدِ نفعا بل على العكس حملت مزيدا من التعقيدات سوف تترجم يوم غد على الأرجح بـ «لا تكليف» ـ بحسب تعبير الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، غسان ريفي، والذي يرى ثمة أكثر من سيناريو يتم التداول به، في ظل عدم التوصل الى أي توافق أو حل حيال هذه الاستشارات، ومنها:
- أولا: أن يصرّ رئيس الجمهورية على إجراء الاستشارات وأن يحصل الحريري فيها على عدد ضئيل من أصوات النواب فيعتذر عن التكليف ليصار إلى تحديد موعد آخر لاستشارات جديدة.
- ثانيا: أن يتدخل رئيس مجلس النواب، نبيه بري، كما فعل يوم الإثنين الماضي، ويقنع رئيس الجمهورية بتأجيل ثالث للاستشارات النيابية، سيكون له تداعيات سلبية في الشارع وعلى البلد برمته.
- ثالثا: أن ينجح الثنائي الشيعي ( حزب الله وحركة امل ـ حسن نصر الله ونبيه بري) في ممارسة ضغط على سعد الحريري وعلى التيار الوطني الحر، للوصول الى تسوية معينة، وهو أمر مستبعد وبالغ الصعوبة في ظل تمسك كل طرف بموقفه.
- رابعا: أن تفضي الساعات القليلة المتبقية الى التوافق على شخصية يرضى عنها الحريري تكلف بموجب إستشارات الخميس، وفي هذا الصدد بدأت أروقة مجلس النواب تشهد همسا بأسماء: القاضي خالد قباني، والوزيرة ريا الحسن، والنائبة بهية الحريري.
- خامسا: أن تقاطع بعض الكتل النيابية الاستشارات ما يضطر رئيس الجمهورية الى تأجيلها، وهو أمر قد يأخذ البلد إلى مزيد من التوتر السياسي الذي ربما يترجم بمواجهات في الشارع.
خيارات الحكومة الممكنة
وفي المقابل .. كشفت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة «اللواء » اللبنانية، ان لقاء سعد الحريري ونبيه بري، أمس، تناول خيارات الحكومة الممكنة..واقترح برّي أن تتألف الحكومة من شخصيات تجمع بين التكنوقراط والسياسيين المقربين من التيارات والكتل السياسية والنيابية..وأن تتألف الحكومة من 14 وزيراً تكنوقراط على أن يضاف إليهم 4 من الوزراء التكنوقراط المسمين من الكتل الحزبية بحيث يرتفع العدد إلى 18 وزيراً.. كما عرض «برّي» بأن تبقى الاستشارات في موعدها غداً، على ان يُشارك فيها سعد الحريري ويسعى إلى التفاهم مع رئيس الجمهورية لهذه الغاية.. ولذلك أجرى رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، اتصالاً بالرئيس ميشال عون.
- ولا يزال المشهد السياسي ـ برمته ـ تحت مظلة كتيبة من التوقعات والاحتمالات المعلقة !!
