جاء التفجير الذي وقع في مدينة عدن أمس الثلاثاء، مستهدفا مبني لحرس المنشآت، كمحاولة لإحياء عمليات تنظيم داعش باليمن، حيث أسفر الحادث عن مقتل 10 أفراد من رجال الشرطة والمدنيين وإصابة 15 أخرين.
وأكد شهود عيان أن الانفجار تسبب في حدوث أضرار كبيرة في مبنى الشرطة ومبان مجاورة، بينها مسجد، في حين أشارت مصادر قريبة من منطقة الحادث إلى سماع إطلاق نار وحدوث اشتباكات بعد الانفجار مباشرة.
وتبنى تنظيم داعش الهجوم، وقال على حساب تابع له في تلجرام، إن انتحارياً يمنياً يقود سيارة مفخخة نفذ الهجوم، ونشر التنظيم صورة قال إنها للانتحاري الذي نفذ العملية ويدعى “أبو هاجر العدني”، فيما ذهب ناشطون يمنيون إلى أن الصورة تخص شابا يمينا اسمه “أيمن الدبابه” من أبناء مديرية المعلا في عدن، وله أكثر من عامين ونصف مختفٍ وأسرته تبحث عنه منذ ذلك الوقت .
كشف هذا الحادث عن التواجد الداعشي في اليمن التي كانت في السابق معقلاً لتنظيم القاعدة، غير أن الضغط من قبل تحالف دعم الشرعية في اليمن والتحالف العربي، أدى إلى تراجع التنظيم في نطاق محدود وتراجعه عن نطاق محافظات شمال وجنوب ووسط اليمن، وقد لعبت قوات التحالف في اليمن على منع انتشار تنظيم داعش في البلاد.
ونظرا لحداثة النشأة والظهور لتنظيم داعش في اليمن، لم يستطع معها تكوين قوة مركزية له، وبات القضاء عليه أمرا يسيرا، لا سيما وأن التنظيم لم يجد القبول او الأرض الخصبة له في اليمن مثلما حدث من قبل مع تنظيم القاعدة.
ويذهب الباحث اليمني، سعيد الجمحي أن داعش في اليمن لا يزال قادراً على تنفيذ هجمات، ولكنها لن تكون مؤثرة، بل أقرب لمحاولات لإثبات الوجود، وإفزاع الخصوم.
وقد نجح تحالف دعم الشرعية خلال 2016 في اليمن أن يحرير أجزاء كبيرة من منطقة الساحل الجنوبي، خاصة أبين وحضرموت وشبوه من سطوة التنظيمات الإرهابية، وذلك بعمليات نوعية دفعت هذه التنظيمات إلى التنقل في الصحاري، والمواقع المفتوحة، بعد أن ضاق الخناق عليها في المدن والمحافظات اليمنية.
وقد تمركز تنظيم داعش فور ظهوره في العديد من المحافظات اليمينة، منها صنعاء في الشمال والبيضاء في وسط اليمن وحضرموت في الجنوب، من جنسيات مختلفة لعل أبرزها أمريكا وكندا وجنوب أفريقيا وعدد من الدول العربية منها سوريا و العراق.
ومع ضعف التنظيم في اليمن بات يتخذ من أسلوب الخلايا النائمة وسيلة له للعمل، حتى لا يتم القضاء عليه كلية، حيث يستغل المناطق الريفية لتكون مأوى له بعيدا عن الأعين و الملاحقة التي يجدها في المدن.
الدكتور حمود ناصر القدمي، الباحث اليمني المتخصص في التنظيمات المتطرفة قال في تصريحات له:” تجد داعش أرضًا خصبةً عندما يحدث انقسام مذهبي أو مناطقي، إذ يستثمر الانقسامات، كما أن فلسفته القتالية تعتمد على السيطرة على منطقة جغرافية معينة كما حدث في العراق وسوريا، التي ينطلق منها لتكريس نفوذه في مناطق أخرى خارج سيطرته، وهو ما فشل نسبيًّا في تحقيقه في اليمن”.
غير أن هناك أنباء تشير إلى إقامة معسكرات تدريب لمقاتليه في مناطق جبلية في جنوب اليمن وهو ما كشفه بيان للتنظيم في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، حيث أعلن أن من نفذوا العملية التي استهدفت معسكرًا للقوات الحكومية في منطقة شبام حضرموت تم تدريبهم في معسكر تابع له بمنطقة يافع بمدينة لحج في جنوب البلاد.
ولم يستطع تنظيم داعش في اليمن أن يؤسس ولاية خاصة به تعتمد بشكل أساسي على دعم داخلي وبات يعتمد بالأساس على التوجيه الخارجي من مركزية التنظيم وكذلك الدعم اللوجستي له، غير أنه يمكن القول أن التنظيم استفاد من التواجد القاعدي في اليمن وحصل علي عدد من الأعضاء القاعديين ونجح في ضمهم إليه.
ومن ثم اعتمد تنظيم داعش في اليمن على العمليات الانتحارية وليس المواجهات المباشرة، كما هو حاصل في العراق وسوريا أو بعض البلدان الأخرى.
