أفغانستان بين أطماع داعش وخطر المجاعة
مع انتهاء فصل الشتاء وحلول الربيع، بدأ الملف الأمني في أفغانستان يشهد في عدة مناطق توترات كانت غائبة نسبيا خلال الشهور الماضية، كلن ثمة “قاسما مشتركا” في هذه التوترات يتمثل في جماعات مسلحة تعرف بجبهات المقاومة.
وتتزعم هذه المجموعات قيادات لها خلفيات سياسية وعسكرية مثل أحمد مسعود، نجل أمير الحرب الراحل أحمد شاه مسعود، ومثل نائب الرئيس الأفغاني السابق أمر الله صالح، ووزير الدفاع والداخلية السابق، باسم الله خان، وياسين ضياء.
وتكتسب هذه المجموعات زخما اذ تعمل على “تجنييد مقاتلين” لاسيما من صفوف قوات الأمن التابعة للحكومة السابقة والمدربة أمريكياً.
كما يمثل تنظيم داعش الإرهابي أحد أهم التحديات التي تهدد سيطرة طالبان، حيث يسعى التنظيم لأن يكون بديلا للحركة، ورفع (أعلامه السوداء) من فوق أفغانستان.
باكستان-الحليف الأكبر
وفي السياق، قال جاسم تقي، رئيس معهد الباب للدراسات الاستراتيجية، إن المجموعات المسلحة وتنظيم داعش الإرهابي يرون أن (حركة طالبان) باتت ضعيفة وذلك بسبب مقاطعة المجتمع الدولي لها، وبسبب ضعف حليفتها الكبرى باكستان التي شهدت سقوط الحكومة.
وأضاف تقي خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أن الحكومة الباكستانية التي كانت تقف بجانب طالبان سقطت وجاءت حكومة جديدة لا يعرف حتى الآن مسارها ولا سياساتها تجاه المجموعات المسلحة، مشيرا إلى أن هذا الأمر يشجع داعش على حركة طالبان.
كما أوضح أن المجموعات المسلحة، وتنظيم داعش يحاولان السيطرة على أفغانستان، وتسعى لأن يكون لها موقعا جديدا يعوض خسارتها في سوريا والعراق، موضحا أن الأراضي الأفغانية بيئة خصبة للجماعات الإرهابية.
الدعم الغربي لطالبان
من جانبه، قال فهيم سادات، الباحث في العلاقات الدولية، إن الدعم الغربي لحركة طالبان سيعتمد بشكل كبير على أفعال طالبان، وعلى اعترافها بالمتطلبات الدولية والقواعد العالمية، وسوف ينتهي الأمر بالاعتراف بها، ولكن إذا استمرت في انتهاج مسار مختلف فلن نرى أي قبول دولي بها.
كما أكد سادات أنه من الواضح انه لا يوجد شخص يود أن يكون داعش بديلا لطالبان، ولذلك فعلى طالبان الاستفادة من وجودها في السلطة، وتعقد اتفاقات دولية مع الغرب ليكون هناك هدف واحد مشترك.
وتابع سادات: “من الواضح أنه لا يوجد أي دولة ستساعد حركة طالبان في أفغانستان، وما نراه الآن لن يحدث على الإطلاق”.
المسؤولية الأمريكية
بينما يرى ديفيد بولوك، كبير الباحثين في معهد واشنطن، أن الولايات المتحدة الأمريكية تخلت عن المسؤولية في أفغانستان، مشيرا إلى أن واشنطن لم يعد لها تأثير كبير على الأحداث الجارية الآن.
وأكد أن الولايات المتحدة أخرجت معدات عسكرية ودمرت بعضها وليس في يد حركة طالبان أسلحة أمريكية، موضحا أن الدول المجاورة لأفغاسنات تلعب دورا أكبر من اي دور أمريكي في هذه المرحلة،
وأشار إلى أن الأوضاع معقدة جدا وغير واضحة في أفغانستان، وهناك محاولات من دول الجوار تعسى للاستقرار ومكافحة داعش والمجموعات الإرهابية المتطرفة داخل الأراضي الأفغانية، لكن في نفس الوقت هناك أوامر من طهران تؤدي إلى التوتر مجددا.
أفغانستان وخطر المجاعة
من ناحية أخرى، يهدد الناس في أفغانستان خطر المجاعة، وتهتم حكومة طالبان بملفات أخرى، مثل فرض قيود جديدة على الملابس والسلوك وحقوق المرأة، فمؤخرا أصدرت طالبان قواعد صارمة بمنع النساء من الصعود إلى الطائرة إلا برفقة رجل من العائلة، سواء في الرحلات الداخلية أو الدولية.
كما حددت طالبان قواعد زيارة الحدائق العامة، حيث يتم الفصل بين الجنسين عند الزيارة، ولن يسمح بدخول النساء إلا في ثلاثة أيام من الأسبوع؛ بينما يُسمح بدخول الرجال في الأربعة أيام المتبقية من الاسبوع.
وقال ألبرت فرحات خبير الارهاب الدولي، إن الولايات المتحدة الأمريكية جمدت 9 مليارات دولار من أموال أفغانستان التي تعود لحركة طالبان بحكم انتقال السلطة.
وأضاف فرحات أن الاتفاق السري الذي عقد بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان برعاية قطرية تركية يشير إلى أن الحركة لديها الحرية في أن تتعامل على أساس “غض الطرف” عن أي تسويات.
كما أكد أن عقلية حركة طالبان والعقلية الأفغانية لا تريد أن تظهر بمظهر أنها من يكذب على شعبه، لافتا إلى أنها تعاني من حركات ارتدادية داخليا، ويتجلى ذلك في ضرورة ارتداء (اللباس الوطني) وضرورة إطلاق اللحية أيضا.