«دبلوماسية الأقنعة»..وزمن ما بعد كورونا»
تحمل دراسات الدوائر السياسية ـ الرسمية وشبه الرسمية والأكاديمية ـ توقعات بتغييرات عالمية مرتقبة، تفصل بين زمانين: أحدهما ما قبل «كورونا»، والآخر ما بعد الفيروس، وأن جائحة الأخير قد تعيد الوعي للدول المتصارعة..
هذه التوقعات وجدت صداها داخل «القمة الافتراضية» التي عقدتها مجموعة دول العشرين الكبرى، عبر الإنترنت، بفعل الحظر الذي فرضه فيروس كورونا على العالم.
وكان من بين أهم ما جاء في القمة، إعطاء ضوء أخضر يفتح الطريق، ويتجاوز كل الحروب بأشكالها كافة، الاقتصادية والتجارية والعسكرية وغيرها من العقوبات.
- الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وجه نداء «للضمير العالمي»، مؤكدا أن المهمة الإنسانية الآن تعلو فوق أي اعتبارات سياسية، ما يدعو إلى إلغاء العقوبات واستبدالها بالمساعدات الفورية، خاصة للدول المتضررة من الفيروس.
- كما حذر الرئيس الروسي من أن التقاعس عن القيام بذلك فورا، سوف يؤدي إلى عواقب وتداعيات خطيرة للغاية على العالم بأسره.
لحظة فارقة في التاريخ الإنساني
ويشير محللون سياسيون غربيون، إلى اللحظة الفارقة في التاريخ أمام هذا التحدي الوبائي المرعب الذي تواجهه البشرية، وعلى أمل أن يراجع زعماء العالم سياسات في التنافس على المصالح، وتوسيع الهيمنة، والنفوذ، والتحالفات التي تعيق خلق أجواء دولية إيجابية جديدة، تسمح باستخدام التراكم الفكري والمعرفي للإنسان وإمكاناته وابتكاراته التكنولوجية والرقمية في خدمة البشرية، خاصة وأن العالم يتساوى أمام الفيروس اللعينت ويقف أمام خطر يهدد وجود الجنس البشري برمته.
ويرى المحلل السياسي رامي الشاعر، أنها فرصة يمكن انتهازها لو اتفق زعماء الدول العظمى والكبرى على إنهاء الخلافات والصراعات، وبذلك تكون البشرية قد استفادت من الأزمة الحالية لانتشار الوباء في التخلص من الوباء الأخطر منه، الذي تسبب في كوارث ومآس لا حصر لها، وراح ضحيته ملايين البشر، وباء الصراعات الداخلية والإقليمية والدولية.
دبلوماسية الأقنعة»
مع التوقعات التي تقترب من «آمال وتمنيات» عالمية، بتحقق زمن أفضل «ما بعد كورونا» ـ أو على الأقل ـ أقل توترا، والتخفيف من حدة الصراعات والنزاعات الدولية..إلا أن هناك شكوكا تحيط بتحركات دولية على مسار التضامن الدولي في مواجهة الوباء القاتل، الأمر الذي وصفه الباحث الفرنسي، فيليب برنار، بـ «دبلوماسية الأقنعة» مشيرا إلى تحركات الصين، من خلال توزيعها المعدات الطبية على بلدان العالم كي تخفي مسؤولياتها في تفشي الفيروس ـ بحسب رؤية «فيلبيب برنار» ـ الذي لفت بالمقابل إلى الغياب الصارخ للتضامن الأمريكي، مع ضحايا الفيروس، عدا عن الإدارة الكارثية للأزمة من قبل واشنطن.
- وخلص فيليب بيرنار، إلى ان الديمقراطيات لم تقل كلمتها الأخيرة بالنسبة للتوازن ما بين: جودة المعالجات الطبية، والتحفيز الاقتصادي، والحفاظ على الحريات العامة.
انزعاج أوروبا من استغلال الأزمة سياسيا
رغم ما كشفت عنه أزمة فيروس كورونا، وتداعياتها من الإشكاليات الأخرى، من تباينات بين الأوروبيين والأمريكيين.. ورغم ما يثار من توقعات تفصل بين «زمن ما قبل كورونا..وما بعده»، إلا أن «دبلوماسية الأقنعة»ن تثير شكوكا وهواجس، على شاكلة «انزعاج قادة أوروبا من قيام كل من الصين وروسيا باستغلال مساعداتهم لإيطاليا أكثر البلدان تضررا من الجائحة في أوروبا، من أجل الترويج لنظمهم»!!
وهو توجه يراه الباحث الفرنسي، آلان فراشون، بـ «المنحى الجيوسياسي للفيروس»، مشيرا إلى انكفاء الولايات المتحدة وقد بدت، لأول مرة خلال أزمة عالمية، وكأنها لا تمارس أي شكل من اشكال القيادة، في وقت تشهد فيه الصين صعودا وتمجيدا لإنجازات نظام رأسمالية الدولة الذي اعتمدته.