«دبلوماسية الوساطات» بين واشنطن وطهران
مع بدء تحركات دولية «حذرة» كشفت عن رغبتها للتدخل والتخفيف من حدة التوتر على مياه الخليج العربي، بين واشنطن وطهران.. أصبح التساؤل المطروح داخل الدوائر السياسية الغربية: هل تطفىء الوساطات نار التوتر بين واشنطن وطهران؟! الإجابة على التساؤل فرضت بدورها تساؤلات حول إمكانية نجاح «دبلوماسية الوساطات» قياسا برؤية الطرفين (أمريكا وإيران) للحلول الوسط بشأن نقاط الخلاف التي تجاوزت اتفاقية النووي، إلى نزاعات وصراعات سياسية، ومواقف كل من الدولتين تجاه أمن المنطقة.. مما يبدو أن تدخلات الوساطة سوف تواجه تعنتا أو تسويفا، وأن أقصى ما يمكن أن تصل إليه من نتائج هو مجرد تخفيف من حدة التوتر.
اليابان.. وسيط للتهدئة
أبرز التحركات الدبلوماسية على مسار الوساطات، تبدأ من اليابان، وهي دولة ذات ثقل اقتصادي وتجاري، وتتمتع بمصداقية سياسية لكل من واشنطن وطهران.. ونقلت صحيفة «ماينيتشي شيمبون»، إحدى أكبر الصحف في اليابان، عن مصادر حكومية، تأكيدهم أن رئيس الوزراء، شينزو آبي، سيقوم الأسبوع المقبل، في الفترة من 12 ـ 14 يونيو/ حزيران الجاري، بأول زيارة لرئيس وزراء ياباني إلى إيران منذ عام 1978، ليلتقي رئيس الدولة حسن روحاني في 12 يونيو/ حزيران، والمرشد الأعلى خامنئي في اليوم التالي 13 يونيو/ حزيران، ضمن جهود طوكيو لتخفيف التوتر بين طهران وواشنطن.
- الدوائر السياسية في طوكيو تترقب نتائج إيجابية لزيارة الوساطة، وتعتبر أن الاجتماع بين آبي وخامنئي ضروريا، في مجرى التخفيف من حدة التوترات بين إيران والولايات المتحدة، إذ اضطلعت اليابان بدور الوسيط بين طرفي النزاع، وأيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الموقف.. وتوضح التقارير اليابانية في نفس الوقت، أن اليابان ستقوم بدور الوساطة، وأن هذا التوجه بموافقة الرئيس الأمريكي ترامب خلال زيارته الأخيرة لليابان، الأسبوع الماضي، خلال الفترة من 25 إلى 29 مايو / آيار.
تحرك سويسري للتخفيف من حدة التوتر
الخطوة الثانية على مسار «دبلوماسية الوساطات» الدولية.. تقوم بها دولة تعرف بأنها تعيش على هامش حركة الصراعات والنزاعات الدولية، أو على الأقل في دولة «الحياد الإيجابي ».. وهي سويسرا، الدولة «الحبيسة» في وسط أوروبا، وهي التي بدأت فتح منافذ الوساطة بين الولايات المتحدة وإيران، للتخفيف من حدة التوتر بينهما في الشرق الأوسط..وجاء هذا الإعلان على لسان وزير الخارجية السويسري، إغناسيو كاسياس، عقب مباحثات مع نظيره الأمريكي، مايك بومبيو الأسبوع الماضي، خاصة وأن سويسرا تتولى منذ سنوات طويلة رعاية مصالح البلدين كل لدى الآخر، جراء عدم وجود علاقات دبلوماسية بين واشنطن وطهران.. وذكر عميد الدبلوماسية السويسرية، أن أجندة مفاوضاته مع بومبيو تضمنت الدور الذي قد تلعبه سويسرا في العلاقات بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية، وأنه ليس لديه أي استنتاجات بعد بشأن ما إذا كانت إيران خالفت الاتفاق النووي المبرم معها عام 2015، معربا عن ثقة بلاده بأن السلطات الأمريكية ستساعد في إيجاد حل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى إيران في أقرب وقت ممكن.ومن جهته، قال وزير الخارجية الأمريكى، إن واشنطن مستعدة للحوار مع إيران من دون شروط مسبقة، وأنه يمكن البدء فى حوار مع إيران عندما تتصرف كدولة طبيعية.. وأضاف بلهجة مغايرة على طريق التصعيد: مشكلات الشعب الإيرانى هى نتاج 40 سنة من الحكم الحالى وليست بسبب العقوبات، وسنواصل ضغوطنا لتقويم السياسة الإيرانية.
العراق .. وسيط لتبادل الرسائل
والخطوة الثالثة على طريق الوساطات تقوم بها بغداد، والتي تمتلك مفاتيح اتصالات متعددة مع كل من واشنطن وطهران، وأصبحت نقطة «احتكاك وتوازن» في نفس الوقت، ين نفوذ الدولتين في العراق.. ويؤكد السفير العراقي لدى طهران، سعد عبد الوهاب جواد قنديل، أنه يمكن اعتبار بغداد وسيطا لتبادل الرسائل بين طهران والرياض وأبو ظبي والمنامة، وأن الرئيس العراقي برهم صالح، نقل رسالة من إيران إلى كل من السعودية والإمارات والبحرين، بشأن مقترح التوقيع على معاهدة عدم الاعتداء. ولا تقتصر دبلوماسية نقل الرسائل بين طهران ودول الخليج فقط ولكنها بدأت أساسا بين واشنطن وطهران، وتكفل بها «مسؤولون عراقيون»، خاصة وأن نيران التوتر بين البلدين ربما تصيب العراق قبل دول الخليج، وأن مناخ التوتر الساخن ينعكس سلبا على مجريات الأوضاع في العراق، كما أنه لا يستطيع تحديد موقعه في النزاع الساخن إلى أي طرف، ولن يستطيع العراق أن يلتزم الحيادن وهي معادلة معقدة يحاول العراق تلافيها بدلوماسية الوساطة بين واشنطن وطهران لإطفاء نيران التوتر بينهما،
محاولات سلطنة عمان لتقريب وجهات النظر
وإلى جانب الدور العراقي، تقوم سلطنة عمان، أيضًا، بدور هام فى إطار محاولات تقريب وجهات النظر وتهدئة الأمور بين واشنطن وطهران، وفى نهاية الشهر الماضى، أكدت وزارة الخارجية العمانية، أن سلطنة عمان تسعى مع أطراف أخرى لتهدئة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وشملت الوساطة العمانية، زيارة من قبل وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوى بن عبد الله، إلى طهران، الشهر الماضى، ويأتى الاعتماد على سلطنة عمان فى هذا الملف الكبير، انطلاقًا من الدور الهام الذى لعبته السلطنة فى وقت سابق للوساطة بين الولايات المتحدة وإيران اللتين انقطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما فى عام 1980، خاصة وأن سلطنة عمان هي إحدى دول الخليج العربية التى تحافظ على علاقات جيدة مع كلا البلدين.
رحلة إلى الأزمة
والمحطة الرابعة على طريق الوساطات..وصفت في ألمانيا بأنها «إلى الأزمة»، مع بدء جولة وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، في المنطقة، الجمعة (السابع من يونيو/ حزيران) تستغرق أربعة أيام، وتشمل ثلاث دول، وستكون إيران المحطة الأهم في جولة ماس، يبحث خلالها سبل الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني، واحتواء التصعيد بالمنطقة.. ويرى الخبير بالشؤون الخارجية في كتلة حزب الخضر بالبرلمان الألماني (بوندستاغ)، وهو من أصل إيراني، أن «ما يستحق الإشادة به هو أن الأمر تم بالاتفاق مع لندن وباريس».. وأضاف: إنه يتوجب على وزير الخارجية «ماس»، تبليغ الإيرانيين رسالتين: الأولى هي أننا مستعدون لعمل المزيد للحفاظ على الاتفاق النووي، لأن من مصلحتنا الأمنية ألا يصبح الشرق الأوسط نووياً.. والرسالة الثانية، إنه يتعين على الإيرانيين عدم رفض الحوار مع الولايات المتحدة لأن ذلك هو الطريق الوحيد لتجنب أي مواجهة عسكرية.
- الدوائر السياسية في لندن تبني توقعات إيجابية على الوساطة اليابانية تحديدا، وتترقب نتائج ملموسة خلال الأيام القليلة المقبلة، فيما يتصل بالعقوبات الأمريكية المشددة «المغلظة» على طهران، وبشأن اتفاقية النووي.. فيما يبدو تمسك واشنطن وطهران بورقة الوساطات للتهدئة فيما بينهما وإبعاد شبح المواجهات العسكرية.
آمال معلقة بزيارة «آبي» إلى طهران
وفي نفس السياق وبنفس الرؤية تقريبا.. أعرب نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عن أمله بأن تخفض زيارة رئيس وزراء الياباني شينزو آبي المرتقبة إلى طهران من حدة التوتر في المنطقة..ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن عراقجي قوله: إن «اليابان قد تتمكن من أن تجعل الأمريكيين يدركون الظروف الراهنة»، مبديا أمله في أن تخفف زيارة آبي إلى طهران من «حدة التوتر في المنطقة»، موضحا أن آبي سيجتمع الأسبوع المقبل مع المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي.